"فوضى" في ليبيا: أزمة بيئية وصحية ومقابر جماعية.. وحاجات الإعمار هائلة
تصريحات ليبية تتفاوت بشأن عدد المفقودين. وتحذيرات من المتفجرات القديمة، ومن أزمة صحية قد تتسب بها المقابر الجماعية، خاصةً قرب البحر.
صرّح مدير مركز الأمة الليبي للدراسات، محمد الأسمر، للميادين، أنّ البلاغات عن مفقودين في الفيضانات وصلت إلى 20 ألفاً.
بدروه، قال أستاذ إدارة الأزمات في كلية العلوم التقنية في درنة، عيسى الشلوي، للميادين، إنّ عدد ضحايا الكارثة وصل إلى 17 ألفاً ما بين وفيات ومفقودين، مشيراً إلى أنّ عدداً من الضحايا دفنوا في مقابر جماعية من دون التعرّف إلى هوياتهم.
أمّا المتحدثة الإقليمية باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إيمان طرابلسي، فأكدت، في السياق نفسه، للميادين، أنّ ما لا يقل عن 10 آلاف شخص في عداد المفقودين في ليبيا.
وتحدثت المنظمة الدولية للهجرة عن نزوح أكثر من 38 ألف شخص، في الشرق الليبي، بينهم 30 ألفاً من درنة.
وفي ظل صعوبة الوصول والإتصالات وعمليات الإغاثة والفوضى السائدة في ليبيا حتى قبل الكارثة، تتضارب الأرقام عن أعداد الضحايا.
وأعلن مسؤولون في حكومة شرق ليبيا، أعداداً مختلفة للضحايا، إذ أشار أحدهم إلى وفاة ما لا يقل عن 3840 شخصاً، فيما أعلن وزير الصحة، عثمان عبد الجليل، تسجيل 3166 ضحية، وبين هؤلاء 101 عثر على جثثهم، أمس الجمعة، ودفنوا في اليوم نفسه.
تحذير من خطر الذخائر غير المنفجرة.. متطوعون مدنيون قد لا يكونون على دراية
كذلك، أوضحت طرابلسي، أنّ المنطقة المتضررة تعاني منذ سنوات من تحدي الذخائر غير المنفجرة، وهو ما يصعّب مهام الإغاثة، لافتةً إلى أنّ متطوعين مدنيين يشاركون في أعمال الإغاثة، وقد لا يكونون على دراية بكيفية التعامل مع الذخائر غير المنفجرة.
وأشارت طرابلسي أيضاً، إلى أنّ الصليب الأحمر يعمل بشكل وثيق مع الهلال الأحمر الليبي وفق آلية عمل قائمة في ليبيا.
وبشأن تحديات الإغاثة، أضاف الأسمر أن الركام الهائل يعزل الأحياء والطرقات، ممّا يصعّب عمل فرق الإنقاذ.
وأفاد موفد الميادين إلى بنغازي، أنّ التحدي الأساسي يكمن في توزيع فرق الإنقاذ التي تأتي تباعاً إلى ليبيا.
مؤسسات ليبية مهمة دمرّت من جراء الفيضانات
من ناحية أخرى، بيّن الأسمر للميادين، أنّ مؤسسات مهمة، منها الإدارة العامة لمصلحة السجل المدني، دُمّرت في الفيضانات، مشيراً إلى أنّ مصارف حيوية وقبوراً وأماكن أثرية، تم جرفها بالسيول.
وطالب الأسمر بعزل المناطق المنكوبة وتوفير المستلزمات الطبية اللازمة، استباقاً لأي أزمة صحية.
وأعرب الأسمر عن مخاوف من نفوق الحيوانات وتحللها وتلوّث المنطقة، حيث تنتشر على أطراف وادي درنة، مزارع عديدة.
"مياه الشرب تلوّثت في درنة"
حذرت منظمات إغاثية من تزايد انتشار الأمراض، وأوعزت الفرق الطبية في درنة، للمواطنين بعدم التعامل مع الجثامين إلا من خلال الفرق المتخصصة.
كما حذرت منظمات إنسانية، مثل "الإغاثة الإسلامية" و"أطباء بلا حدود"، من مخاطر انتشار الأمراض المرتبطة بالتلوث المحتمل للمياه، بعد أن جرف السيل عدداً كبيراً من الضحايا نحو البحر الأبيض المتوسط، والذي لفظ العشرات من الجثث، التي بدأت بالتحلل.
وفي السياق، قال الشلوي للميادين، إنّ "مياه الشرب في مدينة درنة ملوّثة بالكامل".
لكن النائب العام في ليبيا، الصديق الصور، قال، في وقت سابق اليوم، إنّه "لا يوجد مخاطر على الصحة العامة من جراء تحلل الجثث".
"الوضع فوضوي"
من جهتها، وصفت المنسقة الطبية لفريق منظمة "أطباء بلا حدود"، والتي وصلت إلى درنة، منذ يومين، الوضع بـ "الفوضوي"، مشيرةً إلى أنّ هذا الوضع يحول دون حسن سير عملية إحصاء الضحايا والتعرف إلى هوياتهم.
وذكرت أنّ "غالبية الجثث دفنت في مدافن وفي مقابر جماعية"، والكثير من هؤلاء "لم تحدد هويتهم خصوصاً أولئك الذين انتشلوا بأعداد كبيرة من البحر"، موضحةً أنّ "الناس الذين يعثرون على الجثث يدفنونها فوراً".
وشددت على إعطاء الأولوية لتنسيق المساعدات، في ظل وصول أعداد كبيرة من المتطوعين من جميع أنحاء ليبيا وخارجها، "لكن الوضع السياسي وحالة الانقسام بين المؤسسات تعيق عمليات الإغاثة".
"حاجات الإعمار هائلة"
قال الناطق باسم قائد الجيش الوطني الليبي، أحمد المسماري، في مؤتمر صحافي، أمس الجمعة، في مدينة بنغازي (شرقي ليبيا) إن "حاجات الإعمار هائلة".
وأضاف: "مع أن الكارثة وقعت في منطقة خاضعة لـ "سيطرة المعسكر الشرقي"، إلا أن رئيس "حكومة الوحدة الوطنية"، عبد الحميد الدبيبة "اعتبر خلال الأسبوع الراهن أن ما حصل سببه ما تم التخطيط له في السبعينيات والذي لم يعد كافياً اليوم، إضافة الى الإهمال المزمن".
وتابع خلال اجتماعه مع الوزراء والخبراء إن "هذه إحدى نتائج الخلافات والحروب والأموال التي ضاعت".
ووصلت، صباح اليوم السبت، طائرة إماراتية وأخرى إيرانية، وفرّغت أطناناً من المساعدات في شاحنات كبيرة استعداداً لنقلها إلى المناطق المنكوبة.
وحملت الطائرة الإماراتية الزيت والأرز وأطعمة معلّبة والتمور وحليب الأطفال، إضافة إلى خيم ومعدّات إنقاذ وأدوات طبخ.
وقرب مدرج الطائرات، انطلقت شاحنات صغيرة تحمل مولّدات كهرباء، كانت قد وصلت من الإمارات في وقت سابق، نحو درنة.
وفي بلدة البيضاء الكبيرة التي تقع على بعد 100 كيلومتر غرب درنة، بدأ السكان بتنظيف الطرق والمنازل من أكوام الطين التي خلّفتها الفيضانات.
فيما يتضاءل الأمل بالعثور على أحياء في درنة في شرق ليبيا بعد ستة أيام على الفيضانات.