"إسرائيل" تعيد نشر "سكاي ديو" شمالاً.. منطاد تجسسي حجمه أكبر من فعاليته
على الرغم من نشر منطاد "سكاي ديو" سابقاً في قطاع غزة، أعاد الاحتلال الإسرائيلي نشره مجدداً ولكن هذه المرة في الشمال، ومع تأكيد أنّه "غير عملاني".. أسباب ودوافع كثيرة تقف وراء تفعيل هذا المنطاد في جبهة شمال فلسطين المحتلة.. ما هي؟
أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية، أنّ ما يسمّى بمنظومة منطاد "تل شمايم" أو "سكاي ديو"، رُفعت السبت بتاريخ 2024/2/24، مجدّداً في الأجواء المحتلة، وذلك من أجل إعادة إجراء اختبارات لها.
هذا المنطاد الإسرائيلي شوهد في سماء شمال فلسطين المحتلة الحدودية مع لبنان، ونشرت صور له في منصات التواصل الاجتماعي. وبحسب الإعلام الإسرائيلي، فإنّ هذه المنظومة "غير عملانية حتى الآن". وكما جاء في التقارير الإسرائيلية، فإنّ إعادة رفع المنطاد في هذا التوقيت يتعلّق بمحاولات لتحويلها لتصبح "عملانية"، أي إجراء اختبارات لها في ظل الجبهة المشتعلة شمالاً مع لبنان.
وعلى الرغم من نشر هذا المنطاد سابقاً في قطاع غزة، أعاد الاحتلال الإسرائيلي نشره مجدّداً ولكن هذه المرة في الشمال. أسباب ودوافع كثيرة تقف وراء تفعيل هذا المنطاد في جبهة جنوب لبنان.. ما هي؟
مواصفات المنطاد الإسرائيلي
نشر الاحتلال الإسرائيلي المنطاد المخصص للأغراض العسكرية، أول مرة فوق قطاع غزة، وهو منظومة إنذار ضدّ ما يسميه الاحتلال الإسرائيلي بـ "التهديدات الجوية". ويشارك في مهمات تجسسية ودفاعية، ويفترض أن يكون تركيزه على مراقبة وجمع المعلومات، ورصد المسيّرات والصواريخ.
وتمّ تطوير نظام الإنذار بشكل مشترك بين وزارة الدفاع الإسرائيلية ووكالة الدفاع الصاروخي الأميركية (MDA)، وتسلّمه "الجيش" الإسرائيلي، في آذار/مارس 2022.
Yesterday, the IAF officially received the "Tal Shamaim" platform developed in cooperation with the @Israel_MOD and the U.S. Missile Defense Agency (MDA). pic.twitter.com/MyjDFjLlU8
— Israeli Air Force (@IAFsite) March 23, 2022
آمال عريضة خيّبتها التجارب السابقة
وتقول صحيفة "جيروزاليم بوست" إنه يُمكن للمنطاد أن يتيح فرصة رصد المناطق المحيطة به، إذ يمكن للجندي الاستعانة به بالطريقة نفسها التي يستخدمها عند التوجّه إلى تل أو موقع مرتفع للمراقبة.
كما تفاخرت صحيفة "هآرتس"، بأنّه يعدّ "أحد أكبر أنظمة بالونات المراقبة من نوعها في العالم، والذي يعمل على الكشف والإنذار بعيد المدى وهو جزء من نظام الكشف والدفاع متعدّد الطبقات لإسرائيل".
ولكنّ نشره يأتي في إطار تفعيل عمل المنطاد بعد مرور عام ونصف عام على توقّفه عن الخدمة، إذ تعاني هذه المنظومة في بعض الأوقات من أعطال تقنية تؤدي إلى توقّفها مراراً عن الخدمة وسقوطها في بعض الأحيان.
وهذه الأعطال ليست ناتجة عن قصف أو انفجار، وإنما ترتبط بعوامل تتعلق بحالة الطقس والحرارة وتسرّب الهواء وما إلى ذلك. وهذا ما ظهر في أيار/مايو 2023، حيث حدث ضرر في النظام بسبب الطقس، ما جعله خارج الاستخدام.
كذلك، تحدّث الإعلام الإسرائيلي عن سقوط منطاد داخل قطاع غزة في حزيران/يونيو 2022،بالقرب من معبر "إيرز"، ولم يتمكّن "الجيش" الإسرائيلي من استعادة الوسائل التكنولوجية المثبتة على بالون المراقبة، بحسب الإعلام الإسرائيلي، الذي أكّد أنّ هذه "ليست المرة الأولى التي تتوقّف فيها بالونات المراقبة على طول حدود غزة عن العمل".
والآن، وعلى خلفية الحرب في قطاع غزة وعلى الحدود الشمالية، يبدو أن الإسرائيلي يحاول إعادة النظام إلى العمل، سواء للكشف عن التهديدات أو للاختبار قبل التفعيل، وفق لما ذكرته "القناة 12" الإسرائيلية.
بعد فشله في غزة.. مخاوف إسرائيلية من فشل المنطاد شمالاً
في الإعلان عن إعادة تفعيل المنطاد أمس، من قبل الإعلام الإسرائيلي، ظهر الحرص على ذكر أنّ "المنظومة غير عملانية"، وهو ما بدا كتبرير لأي فشل جديد محتمل لهذه المنظومة أمام أسلحة المقاومة الإسلامية في لبنان.
فعلى الرغم من كل الخصائص والمميّزات التجسسية لهذا المنطاد التي حاول الاحتلال إبرازها، إلاّ أن الإعلام الإسرائيلي اعترف بفشله في قطاع غزة. حيث تمّ توثيق تعطّل المناطيد الموكل إليها مهام مراقبة القطاع والرصد، وعددها 7 على الأقل، والتي رفعت قبل عملية طوفان الأقصى.
ولم تتمكّن هذه المنظومة، وفقاً لتقارير إسرائيلية، من رصد وكشف الهجوم الذي حصل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وهذا ما وصفه الإعلام العالمي حينها بأنه، "فشل استخباراتي كبير في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في 7 أكتوبر".
وذكرت صحيفة "ديلي ميل" أن بالونات التجسس الإسرائيلية المملوءة بالهيليوم المتمركزة فوق غزة، والتي كانت مكلّفة بمواصلة مراقبة غزة، فشلت في تحذير الاحتلال الإسرائيلي من عملية طوفان الأقصى.
وفي إشارة إلى فشل الاحتلال، نقلت الصحيفة البريطانية عن مصادر أمنية وصناعية إسرائيلية قولها إنّ مناطيد المراقبة التي كان بإمكانها إنذار "الجيش" الإسرائيلي من هجوم "حماس" في 7 تشرين الأول/أكتوبر، خرجت من العمل لأنّها لم تُحسّن أو تُصان كما يجب.
"دايلي ميل": حماس ربما أسقطت 4 مناطيد في 7 أكتوبر
المصادر الأمنية الإسرائيلية أوضحت للصحيفة أنّ "3 من أصل 7 مناطيد محمّلة بالتقنيات وموجودة على حدود غزة، لم تكن تعمل"، مما خلّف ثغرة خطيرة في الدفاع الاستخباري لـ "إسرائيل".
ورغم التحذيرات المتكرّرة، وفقاً لما ذكرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية فإنّ "الجيش" الإسرائيلي أهمل بالونات المراقبة المعطوبة على حدود قطاع غزة.
ونقلت الصحيفة ترجيحات بأنّ جميع البالونات الأربعة التي كانت لا تزال في الخدمة تعرّضت للهجوم تمّ إسقاطها من قبل حركة "حماس"، ولم يتمكّن الجنود الذين يديرونها، المتمركزون الآن في عدد أقل من غرف العمليات، من نقل المعلومات وتحذير القوات الإسرائيلية.
وبعد هذا الفشل الإسرائيلي، وفقاً للإعلام، انقسمت المخاوف الإسرائيلية والتساؤلات، هل المنطاد "فاشل" أم أنّ "حماس" تمكّنت من تخريبه"؟.
إذ علّق "جيش" الاحتلال الإسرائيلي في البداية بأن ذلك كان "نتيجة عطل فني"، لكنه يدرس الآن، وفقاً لتقارير إسرائيلية، احتمال قيام "حماس" بإسقاط البالونات كجزء من استعداداتها لهجومها على مناطق غلاف غزة.
نشر المنطاد في الشمال لم ينجح في منع الهجمات
أعاد الاحتلال الإسرائيلي اليوم تفعيل المنظومة وإطلاق المنطاد فوق جبهة لبنان من أجل اختباره مجدداً من جهة، والحاجة إلى أي وسيلة لجمع المعلومات أو التمكّن من رصد الحدود اللبنانية-الفلسطينية المحتلة من جهة ثانية، خصوصاً بعد نجاح المقاومة الإسلامية في لبنان-حزب الله في استهداف معظم أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية شمالاً.
فبعد أن دمّرت المقاومة الإسلامية في لبنان كاميرات التجسس التي نصبتها "إسرائيل" على طول الخط الحدودي مع لبنان، خاصة في القطاع الشرقي والمنطقة المتاخمة لمزارع شبعا المحتلة، والرادار في جبل الجرمق، والرادارات الفرعية في المواقع الإسرائيلية، أدخل هذا المنطاد ضمن مرحلة "الاختبار التجسسي" في المنطقة.
وأوردت وسائل إعلام إسرائيلية أن منطاد التجسس "سكاي ديو" أدخل إلى الخدمة يوم الأحد 7 كانون الثاني/يناير 2024 أي بعد يوم واحد من عملية استهداف قاعدة المراقبة الجوية في "ميرون" بـ 60 صاروخاً، وبعد تمكّن المقاومة من استهداف رادارات القبة الحديدية وإطلاق مسيّرات أصابت أهدافها من دون أي اعتراض.
وفي هذا الصدد، تناولت وسائل إعلام إسرائيلية، حوادث تسلل طائرات مسيّرة أطلقها حزب الله إلى أعماق الأراضي المحتلة من دون أن يتمّ رصدها، متسائلة عما إذا كانت حركة المقاومة قد وجدت ثغرة في نظام الاعتراض والكشف التابع للاحتلال الإسرائيلي.
وبعد هذه الحوادث التي حصلت وتحديداً "ميرون"، وبالرغم من التعتيم الإعلامي الإسرائيلي على حجم الخسائر التي لحقت بالموقع المستهدف، ومع بيان إصابة الموقع بدقة عالية بناءً على الفيديو الذي نشره الإعلام الحربي، أعلنت العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية بناءً على مصادر إسرائيلية ميدانية أنّ المراقبة الإسرائيلية على الساحة الشمالية أصيبت بالعمى نتيجة لاستهداف المقاومة الإسلامية.
وأمام العمليات التي نفّذتها المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان، وجد الاحتلال نفسه أمام ضرورة إعادة تفعيل هذا المنطاد، أولاً للضرورة من أجل أن تتم تجربته بعد سلسلة من التجارب الفاشلة له، وباعتراف إسرائيلي، في سبيل خلق أو توفير عملية لإعادة الرصد شمالاً، وثانياً لاستكمال الحرب النفسية التي لعب عليها الاحتلال مراراً في جبهة الشمال في سبيل الترهيب والتخويف، وإظهار اتساع خياراته في الميدان.
وعلى الرغم من أنّ الإعلام الإسرائيلي أورد أنّ من مهام المنطاد الرئيسية كشف الطائرات المسيّرة والصواريخ، ولكن منذ تاريخ استخدامه في الشمال، أصابت المقاومة الكثير من الأهداف الموثّقة بالمشاهد المصوّرة، وهذا ما يدل على فشل هذا المنطاد في مهمته الرئيسية حتى الآن.
ويبقى أخيراً أنه حتى لو تجاوز الاحتلال الإسرائيلي هذه الأعطال وتمكّن من معالجتها وحوّل المنطاد إلى جهاز رصد فعّال، فإنه ليس من المستبعد أن يتكرّر سيناريو غزة، وأن تتمكّن المقاومة من استهدافه، سواء بالصواريخ كما استهدفت مسيّرات الاحتلال الكبيرة وأسقطتها، أم بالتشويش والحرب الإلكترونية والوسائل القتالية الأخرى.