عملية اغتيال إسرائيلية لأبناء وأحفاد هنية.. سبعة شهداء على طريق فلسطين

الاحتلال الإسرائيلي يغتال 3 من أبناء رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، عصر أول أيام عيد الفطر، في ظل عجزه عن تحقيق إنجازات ميدانية في وجه المقاومة التي تواصل التصدّي وتنفيذ العمليات البطولية.

  • رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية (أرشيفية - وكالات)
    رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية (أرشيفية - وكالات)

فيما يواصل الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة الجماعية ضدّ قطاع غزة، في ظلّ عجزه عن تحقيق أي من أهدافه المعلنة بعد أكثر من 185 يوماً، عمد إلى اغتيال 3 من أبناء رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في استهداف مركبة كانوا يستقلّونها في مخيم الشاطئ، غربي مدينة غزة، عصر أول أيام عيد الفطر.

وأبناء هنية الشهداء هم حازم وأمير ومحمد، وقد ارتقوا برفقة الأحفاد أيضاً، خالد ومنى وآمال ورزان، فيما الحفيدة ملاك مصابة.

الأب والجد المقاوم، إسماعيل هنية، تلقّى نبأ استشهاد فلذات أكباده، خلال زيارته جرحى العدوان على غزة، في أحد مستشفيات العاصمة القطرية الدوحة.

لم يتردّد، ولم يبحث عن شائعة نجاة. كما لم يستسلم للحظة إنسانيّة خالصة، ولم يجثُ على ركبتيه ويبكي، لكي يشمت به العدو. كان صابراً محتسباً. ومن دون أن يبتلع كلماته، ترحّم على أبنائه وأحفاده، وقال بصوت رخيم: "ربنا يسهّل عليهم".

وبينما يصرّ أهل غزة على مواجهة العدوان، وتتمسّك المقاومة بالتصدّي للاحتلال وعدم المساومة أو الاستسلام، أصرّ هنية على استكمال مسؤولياته، تجاه الأمة وشعبه. وواصل زيارة أبناء شعبه، الذين فقدوا أحبّاء مثله، رافضاً الامتناع عن تفقّدهم، بعد أن سئل إن كان يرغب في ذلك. 

وهذا كان ديدن حماس، منذ القدم. فلحماس اسم يمتد عقوداً إلى الخلف، ومقاوموها يقدّمون قادتهم وعائلاتهم في ركب شهداء فلسطين، ولا شك في أنّ هذا سيستمر عقوداً أيضاً، مترجمين، فعلاً وقولاً، أنّ على هذه الأرض ما يستحق الحياة، وأنّه "لجهاد، نصر أو استشهاد"، كما ورد في بيان حماس.

مشهد هنية وهو يُبلَّغ بالخبر، أثار الامتعاض في كيان الاحتلال، وهو ما ظهر في تعليق الباحث الكبير في معهد السياسات والاستراتيجية الإسرائيلي، ميخائيل ميلشتاين، الذي قال إنّ هنية "بدا بارد الأعصاب تماماً.. بل يشكر الله لأنّه أتاح له الفرصة لتقديم هؤلاء شهداء"، بعد أن أعلنت هيئة البثّ الإسرائيلية أنّ أبناء القائد المقاوم الثلاثة كانوا أهدفاً لعملية اغتيال.

وبعد أن فشل الاحتلال، تاريخياً، فشلاً ذريعاً في القضاء على المقاومة وهزيمتها عبر الاغتيالات، فإنّه يحاول اليوم تقديم صورة نصر زائف عبر استهداف أبناء قادة المقاومة وعائلاتهم، لا القادة وحدهم، أمام الهزائم المتلاحقة التي يُمنى بها.

لكن المقاومة متجذّرة في المجتمع الفلسطيني، في مختلف أماكن وجوده، وقد زادتها ملحمة "طوفان الأقصى" رسوخاً، حيث يأبى الشعب المقاوم وفصائله رفع الأيدي والاستسلام، بل يواصلان القتال، مدفوعَين بدماء الشهداء.

حماس: الشهداء ارتقوا ملتحمين مع شعبهم في خندق واحد

حماس باركت لرئيس مكتبها السياسي ارتقاء أبنائه وأحفاده السبعة، وهم ملتحمون مع شعبهم في خندق واحد، ليلتحقوا بركب نحو 60 شهيداً قدّمهم آل هنية، وينضمّوا إلى قوافل شهداء الشعب الفلسطيني في ملحمة "طوفان الأقصى".

وأكدت الحركة أنّ الشعب الفلسطيني بكل مكوّناته وأطيافه موحّد في طريق التحرير والعودة، وفي البذل والعطاء والصبر، والتضحية والفداء أيضاً، حيث يقدّم من دماء وأرواح قادته ورموزه وأبنائهم وأحفادهم وأرواحهم.

وشدّدت الحركة أيضاً على أنّ استهداف "جيش" الاحتلال قادة الحركة وأبناءهم وعائلاتهم، ما هي إلا "محاولات يائسة من عدو فاشل في الميدان، ومذعور من ضربات المقاومة وبسالتها وكمائنها المحكمة ضد جيشه الجبان".

ولن تفلح هذه المحاولات في كسر إرادة الصمود لدى كل أبناء حماس والشعب الفلسطيني العظيم في غزة، ولن تزيدهم إلا ثباتاً وإصراراً على مواصلة المعركة، حتى دحر الاحتلال وتحقيق التحرير والعودة، كما أكدت الحركة في بيانها.

وأضافت أنّ "إسرئيل" تتوهّم أنّ تصعيد إرهابها ضدّ أهل غزة سيحقّق لها إنجازاً في مسار المفاوضات، بعد فشلها في تحقيق أي من أهدافها العدوانية، فهذه الدماء والتضحيات والبطولات، "ستكون وقوداً يقوّي الحاضنة الشعبية للمقاومة، ويلهبها ضد الاحتلال، ويُذكّي عزائم المجاهدين على الأرض حتى زواله".

"المقاومة لا تبخل بأبناء قادتها في سبيل الدفاع عن شعب فلسطين"

حركة الجهاد الإسلامي دانت أيضاً المجزرة التي استهدفت أبناء هنية وأحفاده، مشددةً على أنّ هذه العملية الجبانة تؤكد أنّ الاحتلال يعيش حالةً من التخبط، في إثر الفشل الميداني في تحقيق أهدافه، بحيث يسعى لتعويضها عبر الانتقام من أبناء المجاهدين وعائلاتهم.

ورأت أنّ اختيار أول أيام عيد الفطر من أجل تنفيذ الجريمة "يهدف إلى زرع الحزن في نفوس أبناء الشعب الفلسطيني، ظناً بأنّه يدفع المقاومة إلى اليأس والاستسلام وتقديم التنازلات".

ولفتت أيضاً إلى أنّ ما يقدّمه قادة المقاومة من دمائهم ودماء أبنائهم هو "جزء من التضحية الكبيرة التي يقدّمها الشعب الفلسطيني"، وتأكيد بأنّ المقاومة لا تبخل بهم في سبيل الدفاع عن شعبنا.

بدورها، قدّمت حركة المجاهدين الفلسطينية التعزية والمباركة لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، مؤكدةً أنّ الجريمة الإسرائيلية تعكس "حجم إجرام الاحتلال ووحشيته، وحجم التخبّط والعجز الذي وصلت له قيادته المأزومة، أمام إبداعات المجاهدين وضرباتهم النوعية، التي تمرّغ أنف جيش الاحتلال في رمال غزة وأزقتها".

هنية يتلقى التعازي والتبريكات: وسام عز وشرف

وفي غضون ذلك، تلقّى هنية اتصالاً من الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، أكد فيه أنّ هذا الاغتيال "لا يزيدنا إلا عزيمةً وقوة، وأنّنا مستمرون على طريق الجهاد والمقاومة والتحرير.

كما تلقّى رئيس المكتب السياسي لحماس اتصال تعزية من الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان.

وفي لبنان، اتصل نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، بهنية، مقدّماً التبريك والتعزية إليه ولعائلته، ولقيادة الحركة وأهل غزة والشعب الفلسطيني.

كذلك، وجّه رئيس هيئة الحشد الشعبي في العراق، فالح الفياض، رسالة تعزية إلى هنية، أكد فيها أنّ "حزنك حزننا، وجرحك جرحنا، وأنّ النصر آتٍ وقريب".

بدوره، عزّى الأمين العام لعصائب أهل الحق، الشيخ قيس الخزعلي، باستشهاد أبنائه وأحفاده، فيما هنّأه الأمين العام لحركة النجباء، الشيخ أكرم الكعبي، بـ"وسام العز والشرف، الذي يجعلنا فخورين على سلوك هذا الخط".

أما الأمين العام لمنظمة بدر، هادي العامري، فأكد لهنية أنّ عروج أبنائه هو "تأكيد لحضوره في خندق المقاومة مع أسرته، متلقّين نيران الاحتلال المتوحش".

اقرأ أيضاً: "هآرتس": الاغتيالات ليست كلّ شيء.. والحرب ستنتهي بلا صورة انتصار لـ"إسرائيل"

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.

اخترنا لك