وسط مقاطعة المعارضة.. انطلاق الانتخابات التشريعية في بنغلادش
الانتخابات التشريعية تنطلق في بنغلادش في بلدٍ يضمّ 170 مليون نسمة، والأحزاب المشاركة تتبادل الاتهامات.
انطلقت في بنغلادش، اليوم الأحد، انتخابات تشريعية يُرجح أن تفوز بها رئيسة الوزراء الشيخة حسينة بولاية خامسة، بينما تقاطعها أحزاب المعارضة التي طالتها موجة واسعة من الاعتقالات.
ووصفت رئيسة الوزراء حزب المعارضة الرئيسي بأنّه "منظمة إرهابية".
وقالت الشيخة حسينة للصحافة بعد الإدلاء بصوتها إنّ "الحزب القومي البنغلادشي منظمة إرهابية"، مُضيفةً "أبذل قصارى جهدي لضمان استمرار الديمقراطية في هذا البلد. الانتخابات ستكون حرة ونزيهة".
وشهدت بنغلادش، الدولة الثامنة في العالم لناحية عدد السكان وكانت تعاني فقراً مدقعاً، نمواً اقتصادياً قوياً تحت قيادة حزب رابطة "عوامي" الذي تتزعمه حسينة. لكنّ الحكومة واجهت اتهامات بانتهاكها مرّات عدّة حقوق الإنسان وقمعها المعارضة بأساليب عنيفة.
ولا يُواجه حزب رابطة "عوامي" أيّ معارضين تقريباً في الدوائر الانتخابية التي يتنافس فيها، لكنّه أحجم عن تسمية مرشحين في عددٍ منها، لكي لا يُعتبر البرلمان أداة يتحكّم بها حزبٌ واحد.
ويقول بعض الناخبين إنّهم تلقوا تهديداتٍ بمصادرة بطاقات الإعانات الحكومية الخاصة بهم والتي تُعد ضرورية للحصول على إعانات اجتماعية، في حال رفضوا التصويت لحزب رابطة "عوامي".
ونظّّم حزب المعارضة الرئيسي في البلاد، إلى جانب أحزاب أخرى احتجاجات خلال العام الفائت مُطالبين باستقالة رئيسة الوزراء وتشكيل حكومة موقتة محايدة للإشراف على الانتخابات، إلا أنّ مطالبهم لم تتحقق.
واعتقلت السلطات نحو 25 ألفاً من المعارضين ضمن موجة قمع أعقبت هذه الاحتجاجات، بحسب حزب المعارضة الرئيسي. وأفادت الحكومة من جانبها باعتقال 11 ألف شخص.
وتجمّع بضع مئات من أنصار المعارضة في وسط دكا، يوم الجمعة، بينما كانت تحرّكات العام الفائت شهدت مشاركة مئات الآلاف.
والسبت الماضي، أعلنت الشرطة توقيف سبعة معارضين بتهمة التخريب بعد حريق شبّ في قطار وقضى فيه أربعة أشخاص. إذ شهدت خطوط السكك الحديد حرائق عدّة منذ العام الماضي تصفها الشرطة بأنّها "أعمال تخريب مميتة"، مُتهمةً حزب بنغلادش القومي بالوقوف خلفها.
واشنطن تفرض عقوبات على بنغلادش
وتسيطر على المشهد السياسي في البلد الذي يضم 170 مليون نسمة، جهتان الأولى تقودها رئيسة الوزراء ابنة مؤسس البلاد الشيخة حسينة، والثانية بقيادة خالدة ضياء التي تولّت رئاسة الحكومة مرّتين وهي زوجة مسؤول عسكري سابق.
وتحكم حسينة (76 عاماً) البلاد منذ عودتها إلى السلطة في العام 2009.
بينما دينت خالدة ضياء (78 عاماً) متهمة بتهم فساد عام 2018، وأدخلت إلى أحد مستشفيات العاصمة دكا بعد تدهور صحّتها.
ويقود نجلها طارق رحمن حزب بنغلادش القومي المعارض من لندن حيث يُقيم منذ العام 2018، بعدما أدين بتهمٍ عدّة في بلاده.
وقال لوكالة "فرانس برس" إنّ حزبه وعشرات الأحزاب الأخرى، رفضت المشاركة في انتخابات نتائجها "محسومة سلفاً".
وتابع: "خوض انتخابات تحت قيادة حسينة وضد تطلعات الشعب البنغلادشي، من شأنه أن يقوض تضحيات مَن قاتلوا وضحوا بدماءهم وبأرواحهم من أجل الديموقراطية".
واتهمت الشيخة حسينة حزب بنغلادش القومي المعارض بإشعال حرائق وأعمال تخريب خلال احتجاجات كانت معظمها سلمية وقتل فيها عدد كبير من الأشخاص إزاء اشتباكات مع الشرطة.
وتُتهم قوات الأمن البنغلادشية باللجوء إلى العنف، وهو ما تنفيه الحكومة.
وفرضت الولايات المتحدة، أكبر سوق لصادرات بنغلادش، عقوباتٍ على وحدة من الشرطة والقادة التابعين لها والمتّهمين بتنفيذ عمليات إعدام خارج نطاق القانون بالإضافة إلى عمليات إخفاء قسري.
ولطالما كانت شعبية الشيخة حسينة مضمونة بسبب نجاح سياساتها الاقتصادية، لكنّ التحديات تزايدت خلال المرحلة الأخيرة مع ارتفاع أسعار معظم السلع الأساسية وانقطاع الكهرباء في العام 2022.
وفي نهاية 2023، شهدت بنغلادش تحرّكاتٍ اجتماعية تخللتها عمليات إحراق لمصانع أو إغلاق أخرى، بعدما رفضت الحكومة إقرار زيادات على أجور العاملين في قطاع النسيج الذي يُشكل 85% من الصادرات السنوية للبلاد والبالغة 55 مليار دولار.
وقال بيار براكاش من منظمة "انترناشونال كرايسيس غروب" غير الحكومية، إنّ "شعبية الحكومة تقلّصت عمّا كانت عليه قبل بضع سنوات، لكن الخيارات الانتخابية الفعلية أمام البنغلادشيين محدودة". ورأى أنّ الشعور بالإحباط الذي يواجهونه قد ينذر بعنفٍ سياسي في المستقبل".