هستيريا غربية جماعية في مواجهة روسيا والصين.. إلامَ تؤول وأين ستصل؟
صُنّاع القرار في الغرب الأطلسي يأخذون بلدانهم والعالم إلى مزيد من التوتر النابع من "هيستيريا صليبية" تحكم سلوكهم السياسي مع الدول الأخرى. إلامَ يرمي مقال "Responsible Statecraft". الأميركية؟
منذ بداية العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، دأبَ عدد من القادة الغربيين على محاولة وضع أنفسهم في الواجهة، ليُنظر إليهم على أنّهم يفعلون أكثر من أقرانهم لدعم أوكرانيا ضد روسيا.
ويبدو أن ثمة سياسيين غربيين يركزون على إعطاء الأولوية للإشارة إلى فضائلهم السياسية، في محاربة ما يُنظر إليه غربياً على أنه "استبداد"، وفي تعزيز الديمقراطية الليبرالية الغربية، على التقييمات الواقعية للتكاليف والتداعيات لسلوكهم السياسي وخطابهم.
ونشرت، ضمن هذا الصدد، مجلة "Responsible Statecraft" الإلكترونية، التابعة لمعهد "كوينسي للدراسات" الأميركي، مقالاً للكاتب ألكسندر هيل، ناقش فيه ما سمّاه "الانخراط في هستيريا غربية ضد روسيا والصين".
ولا يقتصر هذا الأمر، بحسب الكاتب، على التعامل مع الحرب الدائرة في أوكرانيا، بل أيضاً على طريقة التعامل مع المنطاد الصيني، الذي تم كشفه في المجال الجوي للولايات المتحدة، الأمر الذي يمكن وصفه تقريباً بالهستيريا السياسية القائمة على جانبي الانقسام السياسي الأميركي، بشأن السلوك الواجب اتباعه.
ويؤكد المقال أنّ الصين، إلى جانب روسيا وإيران وكوريا الشمالية، تقع مباشرةً داخل المرمى السياسي للولايات المتحدة، كما يقتصر تعامل واشنطن معها على أنّها تهديد للنظام الدولي الذي يهيمن عليه الغرب.
ويشير الكاتب إلى أنّ من المؤكد أن الغضب الموجَّه ضد هذه الدول، في الدوائر السياسية الغربية، وفي الصحافة أيضاً، يستدعي الإيحاء في أن الغرب دفع نفسه إلى جنون من "حماسة صليبية"، في إشارة إلى الحروب الصليبية التي شنّها الغرب تاريخياً.
ولفت كاتب المقال إلى أنّ الصحافة الغربية المهيمنة على صناعة الأخبار وترويجها والتأثير في الرأي العام، غير راغبة في تقديم مواد تتحدى وجهة النظر العالمية هذه، والتي تتبنى "حملةً صليبيةً غربيةً" حالية ضد روسيا باسم "الديمقراطية الليبرالية الغربية"، خشية اتهامها بأنها مدافعة عن تصرفات الدول غير المرغوب فيها غربياً.
اقرأ أيضاً: إصرار أميركي على مواصلة سياسة الهيمنة المنفردة
لكن، من اللافت أن هناكَ معارضة لهذه الأفكار،لكنّ هذه المعارضة يجري إخفاؤها في ظل الحملة الضخمة ضد الدول التي تُصنّف على أنّها مُعادية ومُعتدية.
ونبّه المقال الى أنّ نقاشاً يجب أن يجري بشأن الحديث عن السياسة الخارجية الغربية اليوم، ويتعلق بالقدرة على محاولة رؤية الأشياء من وجهة نظر بديلة على الأقل.
وأضاف أن "الغرب في حاجة إلى مزيد من الواقعية في تعاملاته مع روسيا، وتلك الدول الأخرى التي تم تجميعها معاً باعتبارها الأشرار في السياسة الدولية".
وأشار إلى أنّ القوى الغربية، إذا ما واصلت تجاهل أن الجهات الدولية الأخرى قد يكون لديها مخاوف مشروعة، ومدعومة بقوة عسكرية كبيرة، فإنّها تخاطر في التوجه نحو صراع عالمي لا يمكن أن ينتهي إلا بصورة سيئة.
وأرجع الكاتب هذه الهيستيريا القائمة ضمن تعامل الغرب مع مطالب الدول الأخرى، إلى الغرور والمصالح لعدد من السياسيين وصُنّاع القرار الغربيين.
وأشارَ إلى أنّ اتّباع نهجٍ أكثر واقعية يتسامح ثقافياً في عدد من القضايا الدولية اليوم، لن يخدم غرور ومصالح عدد من السياسيين، الذين حاصروا أنفسهم في زاوية بشأن مواقفهم المتطرفة.
ويرى الكاتب أنّ من غير المرجح أن تؤدي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا إلى أي نوع من الهزيمة الروسية في ساحة المعركة، وسيتعين إجراء مفاوضات عاجلاً أو آجلاً، والاستماع إلى مطالب روسيا بجديّة.
ويأمل أن يأتي عددٌ كافٍ من القادة السياسيين ليحاولوا الاعتراف ببعض الصدقية على الأقل في موقف الطرف الآخر، قبل أن تزداد التكاليف المحليّة والعالميّة للحرب في أوكرانيا، وقبل أن يقود الاحتكاك المتزايد مع الصين إلى ما هو أبعد من ذلك كثيراً.