هدنة العيد في السودان لم تصمد.. والبرهان: لن أترك مكاني إلّا في نعش
خرق الهدنة الثالثة في السودان بعد أقلّ من ساعة على سريانها، ورئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، يقول إنه "موجود حالياً في مركز القيادة العامة، ولن أتركه إلّا في نعش".
أكّد رئيس تحرير صحيفة "اليوم التالي"، الطاهر الساتي، في مقابلة مع الميادين، أنّ هذه هي "الهدنة الثالثة في السودان التي يتمّ خرقها، بعد أقلّ من ساعة على سريانها"، مؤكداً أنّ "الخرق دائماً يأتي من جهة قوات الدعم السريع".
وأكّد الساتي للميادين وقوع "إطلاق نار كثيف، صباح اليوم السبت، في بعض أحياء الخرطوم"، وأنّ "مجموعات من الدعم السريع منتشرة في الأحياء".
وأضاف الصحافي السوداني أنّ "قوات الدعم السريع باتت اليوم بلا معسكر وبلا قيادة عسكرية، وباتت خارج سيطرة قيادتها، وتستهدف الأسواق وتمارس النهب".
البرهان: لن أترك مكاني إلّا في نعش
في سياق متصل، كشف رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، عن مكانه الذي يستقرّ فيه، منذ بدء المعارك مع قوات الدعم السريع، والتي اندلعت يوم السبت الماضي.
وقال البرهان، في تصريحات لوسائل إعلامية، اليوم السبت، إنه "موجود حالياً في مركز القيادة العامة، ولن أتركه إلّا في نعش"، متهماً قوات الدعم السريع بـ"الاعتداء على البعثات الدبلوماسية من دون مراعاة القانون الدولي".
وأشار إلى أنّ "مجموعات الدعم السريع منتشرة داخل الأحياء السكنية، وتتخذ المدنيين دروعاً بشرية".
وظهر البرهان في مقطع فيديو، مدةَ ثوان قليلة، داخل غرفة، يجلس إلى جانبه عضو مجلس السيادة، شمس الدين الكباشي، وقادة عسكريون آخرون.
ويُظهر الفيديو القصير قادة الجيش وهم يتابعون العمليات العسكرية، من خلال شاشة تلفزيونية ضخمة، ترصد مناطق العمليات في الخرطوم وبعض الولايات. كما أظهر فيديو آخر البرهان وهو يحيّي جنوده في الميدان ليلاً في ظلام دامس.
ولا يُعرف بصورة موثوق بها مكان البرهان، ولا مكان نائبه، قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، الشهير بـ"حميدتي"، واللذين لم يظهرا ميدانياً منذ بداية المعارك بينهما، باستثناء سماع صوتيهما في تصريحات هاتفية للفضائيات.
ويؤكد كل طرف سيطرته الكاملة على مقر القيادة العامة في الخرطوم، وأن قيادته تدير المعارك الدائرة حالياً على الأرض من هذا المقر. وسبق أن نشر الطرفان مقاطع مصوَّرة تشير إلى سيطرة كل منهما عليه.
#السودان
— أحداث العالم الأخيرة (@Ahdath_New) April 22, 2023
الطيران السوداني ينفذ غارات على مواقع يسيطر عليها قوات الدعم السريع وسط الخرطوم.
على الأغلب مستودع سلاح. pic.twitter.com/roLRG1oxQL
وصول دفعات الرعايا الأجانب إلى السعودية
ووصلت، اليوم السبت، دفعة أولى من السعوديين ورعايا دول أخرى، إلى مدينة جدة السعودية، بعد إجلائهم من السودان، حيث دخلت المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع أسبوعها الثاني، وفشل تطبيق الهدنة الموقتة المعلنة.
ومنذ اندلاعها في 15 نيسان/أبريل، تسببت المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع، بسقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى.
وكان الحليفان السابقان استوليا على السلطة، بصورة كاملة، في انقلاب في عام 2021، أطاحا خلاله الحكم المدني، الذي كانا يتقاسمان السلطة معه.
A second #Saudi ship evacuating Saudi citizens and other nationals from #Sudan has arrived in #Jeddah, carrying Saudia airline crew who was targeted in #Khartoum airport
— The Saudi Post - English (@TheSaudiPost_En) April 22, 2023
pic.twitter.com/FTWq0ZPqiL
وللمرة الأولى منذ بدء المعارك، أعلنت الرياض بدء إجلاء سعوديين ورعايا آخرين بحراً الى جدة في غربي المملكة.
وتناقلت وسائل الإعلام السعودية مشاهد وصول أول سفينة إجلاء من السودان، تضم 50 مواطناً سعودياً وعدداً من رعايا الدول العربية، موضحةً أن أربع سفن أخرى "قادمة من السودان الى جدة، على متنها 108 أشخاص من 11 دولة".
وهذه هي أول عملية إجلاء معلنة لمدنيين منذ اندلاع الاشتباكات، علماً بأن الجيش السوداني أعلن، في الـ20 من الشهر الجاري، إجلاء 177 عسكرياً مصرياً، كانوا موجودين في مدينة مروري، في شمالي البلاد.
وبات إجلاء الدبلوماسيين والرعايا يشكّل موضوعاً ضاغطاً، وخصوصاً للدول الغربية، في ظل تواصل المعارك.
وتقوم عدة أطراف، بينها الاتحاد الأوروبي، بإعداد خطط لإجلاء رعاياها الأجانب، بينما نشرت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان قوات في دول مجاورة، وقالت إنها تأتي استعداداً لعمليات إجلاء.
وأكد البرهان، في بيان، موافقته على "طلب عدد من الدول تسهيل إجلاء رعاياها وبعثاتها الدبلوماسية من البلاد"، و"ضمان تأمين" هذه العملية، و"تقديم المساعدة اللازمة لتأمين ذلك". وأفاد بأنه "ينتظر أن تبدأ عملية إجلاء كل البعثات التي تطلب دولها ذلك خلال الساعات المقبلة".
وكشف أنّ "الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين ستقوم بإخلاء دبلوماسييها ورعاياها جواً، عبر طائرات نقل عسكرية من الخرطوم، ويُتوقع الشروع في ذلك فوراً".
وأعربت قوات الدعم السريع، من جهتها، عن استعدادها لفتح "كلّ مطارات" السودان لإجلاء الأجانب، مع أنّه من غير الممكن معرفة ما هي المطارات التي تسيطر عليها هذه القوات، في وقت شدّد البرهان، في تصريح تلفزيوني، على أنّ "كلّ المطارات تحت سيطرة الجيش"، باستثناء مطارَي الخرطوم ونيالا في ولاية جنوبي دارفور، حيث "توجد إشكالية".
هدنة هشة
وتوقفت الانفجارات العنيفة التي هزت الخرطوم في الأيام الأخيرة، ليل الجمعة السبت، لساعات، بعد إعلان الطرفين قبول هدنة لمناسبة عيد الفطر، لكن إطلاق النار والانفجارات استؤنف صباح السبت.
وكان الجيش أعلن الجمعة أنه "وافق على وقف لإطلاق النار لمدة ثلاثة أيام" بمناسبة عيد الفطر، دعا إليه قبل يوم واحد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ووزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن.
وقال دقلو، في بيان، إنّه "ناقش الأزمة الحالية" مع غوتيريش، و"ركز على الهدنة الإنسانية والممرات الآمنة وحماية العاملين في المجال الإنساني".
ويصعب كثيراً معرفة تفاصيل التطورات الميدانية في ظل خطر التنقّل، في حين يؤكد كل من الطرفين تقدمه، لكن لا يمكن معرفة من يسيطر على العاصمة التي هجر شوارعها المدنيون، وباتت من دون كهرباء في أجواء من الحرّ الشديد، بينما يغامر البعض بالخروج من أجل الحصول على مواد غذائية على نحو عاجل، أو من أجل الفرار من المدينة.
وخلال المعارك العنيفة في الخرطوم، خلال الأيام الماضية، شنّت طائرات مقاتلة ضربات على عدة مواقع، بينما جابت دبابات الشوارع، وأُطلق الرصاص والمدفعية في مناطق مكتظة.
العنف امتدّ إلى أنحاء أخرى من البلاد
واتهم الجيش في وقت متأخر من الجمعة قوات الدعم السريع بشنّ هجمات في المدينة التوأم للعاصمة، أم درمان، لكن "الدعم السريع" نفت ذلك.
كما وقعت معارك في إقليم دارفور في غربي السودان، حيث قالت منظمة أطباء بلا حدود في مدينة الفاشر إنّ الوضع "كارثي"، و"لا يتوافر عدد كافٍ من الأسرّة لاستيعاب عدد الجرحى الهائل"، وبينهم عدد كبير من الأطفال.
توقف المستشفيات
وقالت منظمة الصحة العالمية إنّ 413 شخصاً قُتلوا، وأصيب 3551 بجروح، في القتال في جميع أنحاء السودان، لكن يُعتقد أن العدد الفعلي للقتلى أكبر من ذلك.
وأكدت نقابة الأطباء أنّ أكثر من ثلثي المستشفيات في الخرطوم والولايات المجاورة "توقف عن العمل"، وتعرضت مستشفيات أخرى للنهب، وقُصفت أربعة مستشفيات على الأقل في ولاية شمالي كردفان.
وحذر برنامج الأغذية العالمي من أن العنف قد يُوقع ملايين آخرين في براثن الجوع في بلد يحتاج فيه 15 مليون شخص، أي ثلث السكان، إلى المساعدات، بينما دعت مجموعة الأزمات الدولية الى ضرورة اتخاذ "خطوات عاجلة لوقف الانزلاق إلى حرب أهلية شاملة".