نحو عالم بلا هيمنة أميركية.. على واشنطن قبول الواقع الجديد

مجلّة "Responsible Statecraft" الإلكترونية الأميركية، أكّدت أنّ الولايات المتحدة لم تنجح في مساعيها لبناء تحالفٍ عالمي واسع لدعم أوكرانيا، مُشيرةً إلى أنّ التراجع الأميركي يجعلنا نتجه إلى عالمٍ بلا هيمنة.

  • تراجع الهيمنة الأميركية يتضح بتزايد رفض المزيد من الدول للاستجابة لسياسات ومطالب الولايات المتحدة عالمياً.
    تراجع الهيمنة الأميركية يتضح بتزايد رفض المزيد من الدول للاستجابة لسياسات ومطالب الولايات المتحدة عالمياً.

ذكرت مجلّة "Responsible Statecraft" الإلكترونية، التابعة لمعهد "كوينسي للدراسات" الأميركي، أنّ الولايات المتحدة حقّقت نجاحاً محدوداً في بناء تحالف عالمي لدعم أوكرانيا، مؤكّدةً أنّها لم تنجح في التوسيع المطلوب للتحالف الذي سعت خلف تحقيقه، وذلك على الرغم من كونها "أقوى من خصومها على الورق".

وأشارت المجلّة إلى حجم الإنفاق العسكري للولايات المتحدة في عام 2022، حيث بلغ 877 مليار دولار، أي أكثر من إجمالي 849 مليار دولار أنفقتها الدول العشر التالية مجتمعة، لافتةً إلى أنّ حجم إنفاقها العسكري يأتي أكبر بثلاث مرات من 292 مليار دولار أنفقتها الصين، وأكثر من 10 أضعاف المبلغ الذي أنفقته روسيا.

كما أضاءت المجلّة على تمركز القوات العسكرية الأميركية في أكثر من 750 قاعدة عسكرية، وذلك في 80 دولة حول العالم، مشيرةً إلى أنّه "إذا كان هناك أي دولة قد تدّعي الهيمنة العالمية، فستكون الولايات المتحدة".

وافترضت بشأن ما إذا كانت الهيمنة تعني القدرة على حمل الدول الأخرى على الامتثال للمطالب، فإنّ الولايات المتحدة بذلك تكون بعيدة عن أن تكون قوةً مهيمنة عالمية.

وأثبتت واشنطن قدرتها على إحداث دمارٍ هائل، وذلك في سلسلةٍ طويلة من الحروب في كوريا وفييتنام في النصف الأخير من القرن 20، إلى العراق وأفغانستان في القرن 21، لكنّها لم تفز بأكثر من انتصاراتٍ مكلفة، حيث لم تشمل التكلفة الأرواح فحسب، بل أيضاً تآكل الثقة في الداخل والخارج.

وتناولت المجلّة إظهار استطلاعات الرأي الأميركية أنّ الدعم العام للحرب في أوكرانيا قد انخفض إلى حدٍ ما هذا العام، إضافةً إلى تشكيك بعض الجمهوريين في الكونغرس في تكلفتها، لكنّ معظم السياسيين الأميركيين ما زالوا يرون في دعم المفاوضات خطوة بعيدة جداً.

بدوره، رفض وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكين، بشدّة خيار وقف إطلاق النار في أوكرانيا، وتعهّد أيضاً رئيس الولايات المتحدة، جو بايدن، ورئيس وزراء بريطانيا، ريشي سوناك، بأنّ بلديهما سيستمران في دعم أوكرانيا "للمدة التي يستغرقها الأمر".

وتحدثت الخبيرة الروسية، فيونا هيل، من معهد "بروكينغز" في واشنطن، بأنّه "في 2023 نسمع رفضاً مدوياً للهيمنة الأميركية، ونرى شهيةً واضحة لعالم خالٍ من الهيمنة"، كما أكّدت أنّ بلدان الجنوب العالمي، "التي تقاوم نداءات الولايات المتحدة وأوروبا للتضامن بشأن أوكرانيا، هي تمردٌ مفتوح".

وأكّدت هيل أنّ هذا التمرد ضد  "الغرب الجماعي"، "يسيطر على الخطاب الدولي ويفرض مشاكله على الآخرين"، موضحةً أنّه "رد فعل سلبي واضح للغاية على النزعة الأميركية لتحديد النظام العالمي وإجبار الدول على الانحياز".

ويبدو واضحاً رفض الانحياز إلى جانب مِن القوى العظمى المتنافسة بين دول جنوب شرق آسيا، حيث قد يتوقع المرء أن تكون المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في ذروتها، كما تشارك جميع الدول العشر الأعضاء في منظمة "آسيان" في مبادرة الحزام والطريق الصينية لبناء البنية التحتية، رغم الحملة الأميركية القوية ضدها.

ودعت "Responsible Statecraft" صنّاع السياسة الأميركيين إلى قبول الواقع الجديد، موضحةً أنّ ذلك يتعين عليهم من الناحية العملية، إذ لم تعد معظم البلدان النامية، بما فيها القوى الناشئة في الجنوب، مستعدةً لاتخاذ خياراتٍ "محصلتها صفر بين الولايات المتحدة ومنافسيها الجيوسياسيين".

اقرأ أيضا: "آسيا تايمز": الجنوب العالمي يُحْيي سياسة "عدم الانحياز"

اخترنا لك