منتدى "باتريا" في كوبا.. نحو كسر الحصار والتضليل الأميركيين

تُعاني كوبا من حصار أميركي خانق، ومحاولات لا تتوقف من تضليل الرأي العام المحلي والعالمي، فأيّ أهميّةٍ لمنتدى "باتريا" الدولي الثاني في بناء استراتيجيةٍ لكسر هذا الحصار ومواجهة التضليل الإعلامي؟

  • إحدى جلسات اللجان في منتدى
    إحدى جلسات اللجان في منتدى "باتريا" الدولي الثاني في العاصمة الكوبية هافانا.

تستضيف العاصمة الكوبية هافانا منتدى باتريا في نسخته الثانية، بمشاركة إعلاميين وقادة رأيٍ من ثلاثة عشر بلداً. فالجزيرة الكوبيّة لا تعاني الحصار الاقتصادي فحسب، بل ترزح أيضاً تحت حصارٍ رقمي، في ظلّ عمليّة تضليلٍ تقودها واشنطن، منذ عقود.

جاءت هذه النسخة من مؤتمر "باتريا" الدولي ضمن عناوين رئيسة، تمثّلت بتقديم المعلومة صحيحةً، واستنكار خطاب الكراهية. وافتُتح المؤتمر في دار الأميركيتين في العاصمة الكوبية هافانا، بمشاركة صحافيين ومحلّلين وقادة رأيٍ، من مختلف القارّات. 

وقال رئيس مجلس إدارة شبكة الميادين الإعلامية، غسّان بن جدّو، "إننا نَعُدّ أنّ هذا اللقاء هو نقطة تأسيسيّة جديدة من أجل تعزيز التواصل بين كبار المثقّفين والإعلاميين وصنّاع القرار، إذا صحّ التعبير، في أميركا اللاتينية وعالَم الجنوب، بصورة عامة".

وأضاف بن جدّو: "نحن، من جهتنا كميادين، كجزء مؤسِّس لشبكة المثقّفين للدفاع عن الإنسانيّة، وأيضاً باعتبارنا نمثّل المنسّق العام للشبكة العالمية الإعلامية للدفاع عن الإنسانية، نحن أيضاً هنا من أجل التنسيق والتواصل وإيجاد خطّة جديدة للتعاون".

وكشف رئيس مجلس إدارة شبكة الميادين الإعلامية أنّ هذا اللقاء الجاري في كوبا سيكون في مرحلة لاحقة في العالم العربي، مؤكداً ذلك بقوله: "وباستضافة منّا".

وقالت المديرة العامّة لقناة "تيلي سور" اللاتينية، باتريسيا فيغاس، إنه "لمعرفة الحقيقة يجب أن نعرفها عن قُرب لنُخبر بها الجمهور. هناك خطاب كراهية ضدّ كوبا، ونحن هنا لمواجهة هذا الخطاب، في بلدٍ يتعرض لحصار ظالم".

ويتمثل أهمّ أهداف منتدى "باتريا" الدولي الثاني، والذي أطلق نسخته الأولى العام الماضي، إحياءً للذكرى الـ130 لتأسيس جريدة خوسيه مارتي، بطل كوبا القومي، بكسر الحصار الرقمي على كوبا، ومواجهة الحملة الإعلامية الأميركية.

ويعود مؤتمر "باتريا" مرّةً أخرى ليبرهن أنّ كوبا ليست وحدها، بل لديها أصدقاء من مختلف القارّات، ملتزمون الدفاعَ عن الجزيرة، التي تعاني أطول حصارٍ عرفَه التاريخ.

ويمثّل "باتريا" فرصةً في إيجاد آليّةٍ لنقل الصورة الحقيقية عن الجزيرة، وإيجاد محورٍ إعلاميٍ مقاومٍ في مواجهة الحملتين، السياسية والإعلامية، المضلِّلتين لواشنطن، ضدّ هافانا وعالَم الجنوب. 

تضليل إعلامي أميركي مُمنهج.. واجبة مقاومته

وأوضح محلّل الميادين للشؤون السياسية والدولية، قاسم عز الدين، أنّ المنتدى يحاول أن يسعى لإنشاء تيّار بديل من هجمة التضليل الإعلامي الأميركي، على مستوى أميركا اللاتينية  والعالم. ويحاول أن يجمع جبهة عالمية موحّدة لإنشاء سرديّة الحقيقة، المتباينة عن التضليل الذي تنجح فيه الولايات المتّحدة وأدواتها، من القوى المضادّة للثورة.

ولفت عز الدين إلى محاولة كوبا، في المنتدى الأوّل وفي هذا المنتدى، تبادل التجارب، وخصوصاً مع الشبان، وبصورة خاصة الشبان الإسبان المهتمّين بنتائج الثورة الكوبية وأميركا اللاتينية، وأيضاً مع الشبان التقدّميين في الولايات المتّحدة. فهؤلاء الشبان أبدعوا في الردّ على كل معلومة بمعلومة، وعلى كل وسيلة بوسيلة، عبر تجارب نتجت عبر رؤية وممارسة عملية وآليات عمل، كي تستمرّ وتتطوّر وتتعزّز في هذه المواجهة. 

وأكّد محلل الميادين أنّ من واجب الإعلام ومسؤوليّته أن يبحث عن الحقيقة، وأن يساهم في مواجهة التضليل ومواجهة التخريب للعقول، وأنّ شبكة الميادين في الشرق الأوسط هي المقدّمة، وهي الأساس، ويمكن أن تبني هذا الجسر الضروري بين العالَم العربي وعالَم الجنوب.

ونبّه محلّل الميادين للشؤون الدوليّة والاستراتيجية، منذر سليمان، لتركيز الإعلام الأميركي، عبر الأدوات القائمة التي وُظّفَت ضد كوبا، على تقديم رواية مزيفة ومضللة ضد الجزيرة المُحاصَرة. ومثالاً على هذا الإعلام، يأتي راديو مارتي بالتحديد، وميامي هيرالد، وسابقاً إنكاونتر، وهي المجلّة التي كانت تموّلها الاستخبارات الأميركية.

وأشار سليمان إلى فشل تجربة الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، في الانفتاح على كوبا، مُرجعاً السبب إلى تحوّل الكونغرس الأميركي لمصلحة الحزب الجمهوري، ووضع القيود على الانفتاح، بالإضافة إلى الوضع الداخلي الأميركي، واشتداد الضغوط الداخلية عليه. 

وقال محلّل الميادين للشؤون العربية والإسلامية، قتيبة الصالح، إنّ الحصار الأميركي الرقمي المفروض على كوبا، ينقسم الى قسمين، أو يذهب في اتّجاهين. يوجد حصار رقمي يتعلّق بالمعلومة، ويتعلّق بتدفّق البيانات، ويتعلّق بالحقيقة ومحاولة حصر الحقيقة واحتكارها. ويوجد حصار رقمي تقني، في حدّ ذاته، من أجل منع كوبا من دخول العصر التكنولوجي، الى حدٍّ كبير، وهو ما يؤدّي في النهاية الى احتكار الرواية والحقيقة. 

وأكّد الصالح أنّ هذا الحصار الرقمي الأميركي خلق حالة عزلة رقمية تُصيب كوبا. وهذا الأمر يتعلّق بكوبا وبخارجها، بمعنى أنّ هذه العزلة الرقمية تستهدف خلق حالة نفسية لدى الأجيال الجديدة؛ حالة شعور بالتخلّف عن الركب بالنسبة إلى العالم؛ حالة بالانفصال الرقمي أو التقني، الى حدٍّ كبير.

وأشار محلل الميادين إلى استخدام شركات وسائل التواصل الاجتماعي الكبرى، في عملية التضليل الإعلامي، وعمليّة كتم الأصوات الكوبيّة الى حدٍّ كبير. ويأتي كمثال هنا ما حدث في أثناء تصويت الجمعية العامة للأمم المتّحدة على قرار بشأن الحصار الأميركي على كوبا في العام الماضي، بحيث قامت شركتا فيسبوك وتويتر بإلغاء الحسابات التي ترتبط بالحكومة الكوبيّة، أو حظرها.

اقرأ أيضاً: وثائقي "Enigma" عبر الميادين: استعمار كوبا وجذور الثورة

اخترنا لك