مناورة حزب الله: إلى سلاح الهجوم.. والقادم أعظم
حان موعد أكبر مناورة ضخمة للمقاومين سردوا فيها سيرةً من مآثرهم ورسائلهم... أثبتوا نجاعة هجومهم بجدارة فحاكوا اقتحام المستوطنات والمواقع، وسط ذهول مئات الإعلاميين... إليكم تفاصيل النهار الماراثوني وعرضاً تفصيلياً للأسلحة الرمزية الهجومية.
استعدادات الإعلاميين تتحدّث عن تغطية عسكرية وميدانية... وإلى جنوب لبنان درّ! لكن... لا معلومات تشي بنيّة الاحتلال الإسرائيلي القيام باعتداء أو تخطّي الخطوط الحمر في مكان ما من الجنوب اللبناني أو غيره... ما القصة إذاً؟
أزِف موعد أكبر مناورة ضخمة للمقاومين في جنوب لبنان سردوا فيها جزءاً من مآثرهم ورسائلهم، أثبتوا هجومهم بدل الدفاع وحاكوا اقتحام المستوطنات والمواقع.
إنها قصة انتصار وطن عربي على آلة الحرب الإسرائيلية، ومن وحي ثلاثية الأقانيم الأساسية التي حمت وتحمي لبنان: "جيش- شعب – مقاومة"، كان العزم باتجاه الجنوب، في رحلةٍ ميدانية نظّمتها العلاقات الإعلامية في حزب الله و"اللقاء الإعلامي الوطني" بمناسبة ذكرى تحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي عام 2000.
المقاومة الإسلامية في #لبنان تنفذ مناورة رمزية تُحاكي الهجوم على المستوطنات الإسرائيلية، ورئيس المجلس التنفيذي لـ #حزب_الله، السيد هاشم صفي الدين، يؤكد أنّ المقاومة جاهزة لتمطر العدو بما لا يستطيع رده!#الميادين #عيد_المقاومة_والتحرير #مناورة_المقاومة_الإسلامية pic.twitter.com/eUHBQ9jyNr
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) May 21, 2023
"نخدمكم بأشفار العيون"!
لحظات هدوء تواكب الانطلاق، مع خروج الحافلات من العاصمة اللبنانية بيروت، باتجاه الجنوب. التنظيم سمة الانطباع الأول، لدى الزملاء، هم في ظلال دماثة المنظّمين واهتمامهم، وكأنهم يسترجعون مقولة رائجة يعرفها الجميع في مؤسسات حزب الله: "سنخدمكم بأشفار العيون".
23 عاماً مضت... ولبنان البلد العربي الوحيد الذي كان له شرف إخراج المحتل من أرضه رغم أنفه"، يقول إعلامي للزملاء داخل الحافلة التي استقللناها، يهزّ الجميع رؤوسهم، بينما ينشغل المصوّرون بالتقاط صور لمشاركين رفعوا شارة النصر في اليوم الجنوبي الطويل.
يسجل للحدث أنه استقطب وسائل إعلام ومحطات لبنانية وغيرها "بعيدة سياسياً عن خط المقاومة" بقوة، فالجميع يعرف - لا بل متأكّد - أنه هنا بحماية "الثلاثية الذهبية" التي تتعانق فيها بندقيتا الجندي في الجيش اللبناني والعنصر في المقاومة، وهما متكئتان على دعم الشعب ورفده، "لا أحد يستطيع إنكار ذلك"، يقول رجل ستيني مشارك.
"عوّدونا على المفاجآت"!
شغف وترقّب وتحفّز لما هو مقبل "الجماعة عوّدونا على المفاجآت، لنشوف شو عندهم اليوم!"، قالها أحد الإعلاميين المخضرمين، لينبري زميله ويعقّب بكل زهوّ "يا زلمة، الإسرائيلي نفسه يصدّق (السيد) نصر الله أكثر من المسؤولين عنده"!
الأعلام اللبنانية ترفرف مع رايات المقاومة، نلحظ الاهتمام بكل شاردة و واردة، مسؤول العلاقات الإعلاميّة في حزب الله الحاج محمد عفيف لا يهدأ، مع ثلّة من المنظّمين، الشباب بسيارات الدفع الرباعي السوداء يواكبون الباصات، فطور وغداء، عصائر، حلوى وعبوات الماء للجميع...
يمنيون، فلسطينيون، عراقيون، سوريون، من بين 600 إعلامي لبناني وعربي وعالمي من وسائل إعلام روسية وإيرانية وهولندية وبريطانية وأميركية وغربية، حرصوا على المشاركة. تصعد الحافلات طرقاً جبلية، بينما يشير المسؤول في كل باص إلى الأماكن التي نفذّ فيها المقاومون عملياتهم العسكرية النوعية التي أجبرت المحتل على الانسحاب والفرار من جحيم لبنان.
إلى المكان المنتظر... حالة ذهول!
إلى التلة هناك اشرأبّت الأعناق، على سفح جبل بلدة عرمتى في "إقليم التفاح"، أعلام إسرائيلية تغطي المكان، يتوسّطها علم ضخم لـ "الكيان المؤقت، شو القصة يا جماعة"؟ ينبري أحدهم مجيباً، "هذا المكان كان موقعاً إسرائيلياً اسمه "كسارة العروش" قبل التحرير، والشباب سينفّذون مناورتهم هنا في معسكرهم الذي أسموه "بقية الله".
مجدداً، يضطر الحاج عفيف للاعتذار من الإعلاميين، بسبب كثافة الحضور، معلناً من على مدخل المعسكر أن "هذه المناورة هي الأكبر للمقاومة".
القادمون من كل لبنان وجدوا أنفسهم على بعد ياردات من المقاومين وآلياتهم، مسافة أمتار قليلة جعلت الجميع يمسك هاتفه أو كاميرته لالتقاط الصور، ولكن وفق توصيات عفيف بعدم إرسال صور عبر وسائل التواصل خلال المناورة، بينما بادرت سيدة مراسلة قناة عربية بعفوية الجذلان بما تشاهده: "شايفة هالشباب اللبنانيين متل "طربون الحبق"، هودي من بلداتنا وقرانا ما تصدّقي أنهم مش لبنانية متل ما بيحاول الإعلام يصوّر"، تهز المراسلة رأسها قبل أن تغمرها السيدة الجنوبية بقبلة ابتسم لها الجميع!
يُدعى الجميع بكلّ دماثة ولباقة إلى منصة ضخمة خصّصت للحضور، فيما مكث المقاومون في حالة تأهب على مدى ساعتين تحت شمس حارقة، "رجال الله في الميدان" كما خاطبهم الأمين العام لحزب الله خلال دفاعهم عن لبنان في عدوان تموز 2006، وغنّت الفنانة الكبيرة "جوليا" في نشيد"أحبائي".
وفي عرض شمل مئات المقاتلين،وبدأ برفع العلمين اللبناني والفلسطيني وراية حزب الله نفّذت قطعات المقاومة مناورة هجومية محدودة، انتهت باقتحام مستوطنة ومحاكاة لأسر جنود إسرائيليين.
عبرنا، قطعنا الأسلاك... ودخلنا!
الملفت في المناورة استخدام "سلاح المسيّرات" بكثافة، واستخدام بعض القذائف الحية لدكّ المستوطنة المفترضة، ومشاركة "قوة الرضوان" فيها، وعلى وقع تسجيل صوتي للسيد نصر الله يعلن "أن مقاتلي الحزب باتوا يملكون الجاهزية المطلوبة لاقتحام الجليل في أي حرب مقبلة، إذا اقتضت الحاجة"، فكان الدخول اليوم رمزيّاً... وسط تصفيق الحضور ودموع بعضهم.
نفّذ العناصر الذين كانوا ملثّمين أو موّهوا وجوههم باللونين الأسود والأخضر، محاكاة لهجوم بطائرة مسيّرة على مستوطنة، وأخرى لعملية اقتحام ومهاجمة عربات عند الجانب الآخر، قبل سحب "جثة" من إحداها ونقلها عبر "الحدود".
واستهدف عدد من القنّاصة رمايات على أهداف، بينما قام مسلّحون على دراجات نارية بمناورات إطلاق رصاص حيّ نحو أهداف.
وعرض الحزب خلال المناورات صنوفاً مختلفة من الأسلحة الخفيفة والثقيلة كراجمات الصواريخ والعربات المزوّدة برشاشات ثقيلة أو مدافع مضادة للطيران، إضافة إلى صواريخ مضادة للدروع وأخرى تطلق من على الكتف.
واتجهت الأنظار إلى سلاحٍ جديد ظهر خلال المناورة، إذ بدا أحد عناصره يحمل بندقية ضخمة غير معروفة المهام بشكل تفصيلي.
وسرت تكهّنات غير مؤكدة أن هذا السلاح مماثل لأسلحة معنية بالسيطرة على الطائرات من دون طيار وبالتالي إنزالها من خلال التشويش عليها عبر "التردّدات الراديوية".
كذلك، تبيّن أن هناك أسلحة أخرى تستخدم لتطويق عمل الطائرات المسيّرة وذلك من خلال إطلاق قذيفة شبكية باتجاهها. وعملياً، فإنه من بين أحد أبرز الأسلحة المستخدمة للسيطرة على طائرات "الدرون" هو سلاح DroneGun Tactical وهو يُستخدم لحماية الشخصيات المهمة.
صفي الدين: العدو سيرى فعل الصواريخ الدقيقة في قلب كيانه
كما حطّم المشاركون في المكان جداراً إسمنتياً عالياً مماثلاً للجدار الذي رفعته "إسرائيل" عند الحدود مع لبنان، وكتب عليه شعارات من قبيل "قادمون" قرب صورة لمسجد قبة الصخرة، و"قسَماً سنعبر" و"بأس شديد".
رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين الذي تسلّم بندقية الشهيد عماد مغنية خلال العرض، أكد خلال كلمة في ختام المناورة الرمزية الضخمة، على بعد نحو 20 كلم من الحدود مع فلسطين، و411 كلم من القدس المحتلة، أن "العدو سيرى فعل الصواريخ الدقيقة في قلب كيانه، إذا ارتكب حماقة لتجاوز قواعد اللعبة".
"محور المقاومة سيبقى يتطور من #غزة و #الضفة والداخل المحتل ولبنان انطلاقاً من الجمهورية الإسلامية في #إيران مع مؤسس المحور القائد الكبير والعزيز الحاج #قاسم_سليماني"
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) May 21, 2023
| رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين |
#الميادين #عيد_المقاومة_والتحرير… pic.twitter.com/oygTsZB8EO
إعلام إسرائيلي: الصواريخ الدقيقة هي التي تزيل النوم من العيون
وكان لسان المحللين والحضور، يقول: ترى ماذا سيكون ردّ فعل الإسرائيلي بعد مشاهدة مناورة اليوم؟
الإعلام الإسرائيلي لم ينتظر تعليقات مسؤوليه فتناقل مشاهد المناورة العسكرية الرمزية التي أجراها حزب الله، وحلّل تفاصيلها، معتبراً أنّها عكست القدرات المتراكمة للمقاومة في لبنان، وتشكيلاتها الخاصة والمتنوّعة، مؤكداً أنها "جاءت في توقيت دقيق".
القناة الـ 13 الإسرائيلية رأت أن"السلاح الذي لم يعرض في المناورة هو الصواريخ الدقيقة وهي المشكلة التي تزيل النوم من عيون المؤسسة الأمنية والعسكرية".
تحدث الإعلام الإسرائيلي عن سلاح "يسلب النوم من عيون المؤسستين الأمنية والعسكرية"، كانت أنظارهم تترقب ظهوره في #المناورة_العسكرية التي نفذها #حزب_الله اليوم. https://t.co/tCbRgsOeKY
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) May 21, 2023
وركّزت على قدرات تشكيل ضدّ الدروع الخاص بحزب الله، والذي يفترض أن يمنع غزواً برياً لـ "الجيش" الإسرائيلي، وكذلك تشكيلات الراجمات المتعددة الفوهات المحمولة على سيارات متحركة، والتي تستطيع إطلاق الكثير من النيران في محاولة لتحدي منظومات القبة الحديدية".
قالوا للميادين نت: مناورة هجومية لأول مرة
الصحافي الأميركي نيكولاس يلبمانت الذي شارك في تغطية المناورة لحظ "أن العرض وقع في موقع إسرائيلي سابق"، معتبراً أن "الاقتحام أيقوني"!
هانا ديفيس من هولندا قالت "لقد تفاجأت بما رأيت؟ يمكن لهؤلاء أن يعلّموا الجيوش العالمية فنّ القتال".
القيادية في التيار الوطني الحرّ والإعلامية رندلى جبور قالت للميادين نت "لم أتفاجأ بهذه المناورة للحزب لأنّني أعلم وأنا على يقين أنه يمتلك من التنظيم والقدرات والأسلحة ما يكفي، لكن الرسالة المهمة التي وجّهها حزب الله كانت أنه انتقل من الدفاع إلى الهجوم، إذا احتاج الأمر، وأنه ليس لديه أعداء في الداخل، فالعدو هو الإسرائيلي، ومن ينتقد سينتقد مع مناورة أو من دونها،والذين لا يعرفون خليهم يعرفوا".
الأمين العام للمركز الإسلامي للإعلام والتوجيه العربي الشيخ محمد سليم اللبابيدي رأى " أن أبناء الرضوان قالوا كلمتهم اليوم وطمأنوا الصديق، وقالوا للعدو لا تهنأ، وأرض الوطن ستكون محرّرة بإذن الله، وإسرائيل إلى زوال، وهذا الكلام لا لبس فيه أبداً، بل هو حقيقة حتمية".
"الحق سلاحي وأقاوم"
الأسير المحرّر أنور ياسين وجّه تحية للعناصر المشاركين، معتبراً أن ما رأيناه هو مجرد نماذج متواضعة من قدرات المقاومة، ولكنها في الوقت نفسه مبهرة جداً، وهي رسالة للعدو تقول "إن عدتم عدنا" وهو فعلاً يفهم معنى هذه الجملة، فما سيلقاه لدى أي عدوان أو اغتيال لقادة لن يرى له مثيلاً".
الإعلام الحربي في #حزب_الله يعرض مشاهد مصوّرة جديدة لـ #المناورة الرمزية التي نفذتها المقاومة الإسلامية في #لبنان والتي حاكت الهجوم على المستوطنات الإسرائيلية. #الميادين #عيد_المقاومة_والتحرير #مناورة_المقاومة_الإسلامية pic.twitter.com/SuuJfrMk5n
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) May 21, 2023
ومن اليمن، تحية للعرض والمناورة من حسن المهدي الذي رأى أن لبنان "صنع نصره بيديه، ومقاومته أعطت للفلسطينيين الروح، وهكذا فهزيمة العدو آتية لا محالة، موجّهاً تحيات أهل اليمن المرابضين للشعبين الفلسطيني واللبناني".
"هو يوم كلّه فرح"... يعبّر المحلل السياسي ومدير مركز "دال"، فيصل عبد الساتر، ويرى أن ذكرى تحرير الجنوب اللبناني هي الذكرى الأهم في تاريخنا الحديث على مستوى لبنان والمنطقة، فمن حقّ المقاومة أن تحتفي بهذا العيد، وهذه المرة قدّمت لنا قيادة المقاومة هذه الاحتفالية بطريقة مميّزة، وهي رسالة واضحة من الطراز الرفيع للعدو تردعه عن القيام بأي "حماقة".
المخرج والممثل محمود ماجد قال للميادين نت إن "المقاومة قدّمت لنا هدية رمزية وثمينة في عيد التحرير، جعلتنا نشعر بالعز والفخر والانتماء لهذا الخط، وتضمنّت عدة رسائل للعدو تقول إننا جاهزون، عندما يطلب قائد المقاومة المباشرة، وهذا يشعرنا كلبنانيين بالفخر، وبأننا لسنا لقمة سائغة للأعداء، واليوم أكد السيد صفي الدين أن لا أعداء لنا في الداخل، إلّا إذا كان مع إسرائيل".
خلت الساحة من الزائرين، هجعوا جميعاً إلى عائلاتهم ومنازلهم الدافئة، وبقي هؤلاء من نخبة المقاومين في حرّ الشمس، وصقيع الشتاء وأياديهم قابضة على الزناد والبنادق... فـ "الحقّ سلاحي وأقاوم".