مسلحون من سوريا إلى أفغانستان.. تركيا تحرّك "مرتزقتها" مجدداً!
المخابرات التركية وقادة الفصائل الموالية لأنقرة، يتوصلون إلى اتفاق في ملف إرسال مسلحين من الشمال السوري إلى كابول، رغم تحذيرات "طالبان" المتكررة بأن أي تواجد أجنبي في أفغانستان ستعامله كاحتلال.
في وقت تشتعل فيه المعارك في أنحاء أفغانستان بين "طالبان" والجيش الأفغاني، تحاول تركيا -وبضوء أخضر أميركي- أن تتولى مسؤولية مطار كابول بعد انسحاب قوات الناتو والقوات الأميركية من البلاد، إلا أن قرار أنقرة لم يحظ بموافقة حركة "طالبان"، التي بدورها سيطرت على مساحات شاسعة من الحدود في جميع أنحاء البلاد.
الحركة، وعلى لسان ممثلها في قطر، محمد نعيم، استنكرت إعلان تركيا إبقاء قواتها العسكرية لحماية مطار كابول، حيث أكد نعيم للميادين نت أن "بقاء القوات الأجنبية تحت أي عنوان مرفوض من قبل شعبنا، وأي وجود عسكري غير وطني هو احتلال وامتداد للاحتلال ويُعامل الوجود العسكري الأمني الأجنبي كمحتل".
تحذيرات نعيم جاءت تأكيداً لتهديدات سابقة أطلقتها الحركة بأنها ستعامل أي وجود أجنبي في البلاد على أنه "عدو ومحتل"، تزامناً مع مباشرة الولايات المتحدة بسحب قواتها من البلد الآسيوي، استناداً لقرار الرئيس الأميركي جو بايدن الذي حدد بموجبه تاريخ 11 أيلول/ سبتمبر المقبل موعداً لإنهاء هذا التواجد.
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اعتبر أن "استتباب الأمن" في أفغانستان بعد الانسحاب الأجنبي منها، هو مسؤولية أنقرة، وقال أمس إنه "يمكن لتركيا أن تتحمل مزيداً من المسؤولية في أفغانستان بعد قرار الولايات المتحدة الانسحاب منها".
وفي هذا السياق، توصلت المخابرات التركية وقادة المسلحين الموالين لأنقرة إلى اتفاق في ملف إرسال مسلحين من الفصائل إلى كابول تحديداً، بحسب ما أعلن "المرصد السوري المعارض"، الذي أضاف أن "مهمة هؤلاء المسلحين قد تبدأ في أيلول/سبتمبر المقبل بإشراف كامل من المخابرات التركية بعقود رسمية، فيما ستتركز المهمة في حماية مطار كابول والمقار الحكومية وحماية القوات الدولية وفق رواتب مغرية"، بحسب المرصد.
وفي حال مضت تركيا قدماً في إرسال المرتزقة إلى أفغانستان، تكون هذه المرة الثالثة خلال أقل من عامين التي تقوم فيها أنقرة بإرسال مسلحين، خاصة من مجندي الفصائل الموالية لها المنتشرة شمال سوريا، للمشاركة في معارك خارج حدودها، فقد سبق وأن أرسلت مسلحين مدعومين من قِبَلها إلى أذربيجان للقتال إلى جانب هذا البلد في وجه أرمينيا خلال المعارك في ناغورونو كاراباخ العام الماضي.
وأكدت أرمينيا في حينها إرسال تركيا مسلّحين من سوريا وليبيا إلى إقليم ناغورنو كاراباخ، في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وهو ما يتقاطع أيضاً مع تأكيدات "المرصد السوري المعارض"، في الشهر ذاته، عن "وصول 25 جثة لمقاتلين سوريين قتلوا في معارك إقليم ناغورنو كاراباخ".
وكشفت تقارير حينها أن تعداد المقاتلين السوريين الذين جرى نقلهم إلى أذربيجان للمشاركة في معارك إقليم ناغورنو كاراباخ، "بلغ ما لا يقل عن 2350 شخص، عاد منهم 320 مقاتل بعد أن تنازلوا عن كل شيء بما في ذلك مستحقاتهم المادية"، بحسب المرصد السوري.
تركيا، وقبل زجها المسلحين السوريين الموالين لها في معركة ناغورنو كاراباخ، زجت بهم قبل ذلك بضعة أشهر في الحرب الليبية، حيث أرسلت أنقرة مسلحين إلى ليبيا للقتال إلى جانب حكومة "الوفاق" الليبية ضد القوات التي كان يقودها المشير خليفة حفتر، وكشف المرصد في أيار/ مايو العام الماضي، أن تعداد المجندين الذين وصلوا إلى الأراضي الليبية بلغ نحو 7850، رغم تقارير أشارت إلى عدم رغبة عدد من هؤلاء القتال في ليبيا، إلا أن تركيا أوقفت تمويل بعض الفصائل التي رفضت إرسال عناصر إلى ليبيا.
وفي أيار/مايو السابق، دعت وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، خلال لقاء مع نظيرها التركي، مولود تشاووش أوغلو، إلى "سحب كل القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا"، مع اقترابها من إجراء انتخابات هذا العام.
وفي تدخلها في سوريا أو ليبيا أو أذربيجان، كانت أنقرة تبرر هذا التدخل أمام شعبها والمعارضة الداخلية، بأنه "حرصاً على الأمن القومي"، وهذا ما لا ينطبق على النموذج في أفغانستان، خاصة في حال كان هذا التدخل مكلفاً عسكرياً أو بشرياً، مع تأكيد "طالبان" أنها ستتعامل مع التواجد التركي كـ"احتلال أجنبي".