متحدثاً عن تطورات "طوفان الأقصى".. بن جدو: القرار الإسرائيلي بحظر الميادين عسكري
رئيس مجلس إدارة شبكة الميادين، غسان بن جدو، يتحدّث في حوار مع إذاعة النور اللبنانية عن قرار حظر الاحتلال الإسرائيلي الميادين في فلسطين المحتلة، والأوضاع فيما يتعلق بملحمة "طوفان الأقصى" والعدوان على قطاع غزة.
أكد رئيس مجلس إدارة شبكة الميادين، غسان بن جدو، أنّ قرار الاحتلال الإسرائيلي بحظر الشبكة، بشاشتها ومواقعها، في فلسطين المحتلة "لم يكن قراراً سياسياً أو تقنياً، بل قراراً عسكرياً يتعلّق بالأمن القومي"، اتخذه "كابينت" الحرب، المكلّف من قِبل الولايات المتحدة الأميركية اتخاذ القرارات العليا.
وفي حديث إلى إذاعة النور اللبنانية، شدّد بن جدو على أنّ الميادين، "بلا شك، في حالة حرب مع الاحتلال الإسرائيلي دفاعاً عن القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، ودفاعاً عن غزة الشامخة والصامدة".
وأوضح أنّ الشبكة لا تملك مكاتب في الأراضي المحتلة عام 1948، بل لديها مكتب صغير في الضفة الغربية، وتحديداً في رام الله، كاشفاً أنّ "المحللين أصبحوا ممنوعين من الحديث إلى الميادين"، حيث وجّه الاحتلال رسائل إلى كل المتحدّثين والمحللين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، يمنعهم فيها عن التعامل مع القناة.
وأشار إلى وجود مشكلة في الضفة الغربية، الخاضعة لسيادة السلطة الوطنية الفلسطينية، ما يمنعها من تنفيذ "إجراء عقابيٍ" ضد الشبكة، "ولكن يبدو أنّ هذا الأمر غير متوفّر، بدليل أنّ زملاءنا الآن لا يعملون"، حتى إنّ "بعض الضيوف الآن في حالة حرجة".
كذلك، شدّد بن جدو على أنّ الحرب مع "إسرائيل" شاملة، وأنّ الأمر تراكميّ، إذ "ضاق الاحتلال ذرعاً بشبكة الميادين، منذ عام 2014، ولاحقاً قي معركة سيف القدس، والكثير من الحروب الأخرى".
والأخطر بالنسبة لـ"إسرائيل" ليس تغطية الحروب، إذ إنّ قنوات ذات إمكانات كبرى أكثر قوةً في الميدان، بل هو أنّ الميادين "هي القناة الأولى في الأراضي المحتلة عام 1948 بصورة أساسية"، بحسب ما أضاف.
ووفقاً له، فإنّ الإشكالية العميقة لدى الإسرائيليين هي أنّ قناة الميادين "أثّرت كثيراً في الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1948"، حيث "منحتهم ساحةً كبرى للتعبير عن أنفسهم وعن قناعاتهم".
كما أكد رئيس مجلس إدارة شبكة الميادين أنّ "الأكثر خطورةً بالنسبة لهم هو التأثير في الشباب الفلسطيني"، الذي يعدّه الاحتلال "خطاً أحمر".
وعلى الرغم من حظر الاحتلال، فإنّ شاشة الميادين ستصل إلى المشاهدين، بحسب ما قال بن جدو. وأعلن أنّه سيتم قريباً الكشف عن إجراء يمكّن الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، بالإضافة إلى العرب أينما كانوا، من مشاهدتها، متوقّعاً أنّ "البعض سيتّخذ من القرار الإسرائيلي مطيّةً لمزيدٍ من التحامل على الميادين وحظرها وتشويهها والتشهير بها".
وشدّد على أنّ "السبيل الفني والتقني جاهزٌ منذ عامين، ولم يُعلن مطلقاً، وهو سينطلق في بداية العام المقبل".
مسؤول خليجي: الميادين أصبحت مشكلة
وكشف بن جدو خلال الحديث الإذاعي أنّ الاحتلال الإسرائيلي أراد استدراجه إلى "إحدى الدول الصديقة (لا الحليفة) قبل سنوات"، وتحديداً بعد معركة سيف القدس مباشرةً، و"كشفت أجهزة أمنية أنّ الهدف من وراء ذلك كان اختطافه".
وتابع: "أخبرني بذلك المدير العام السابق للأمن العام اللبناني، اللواء عباس إبراهيم، شخصياً، لأنّني أنا أخبرت الأجهزة الأمنية اللبنانية، وأخبرت الجهاز الأمني لهذه الدولة الصديقة أيضاً، وخلُص الأمر إلى أنّ الهدف الحقيقي كان الاختطاف، ومن ثمّ لست أدري ماذا كانوا سيفعلون".
وكشف أيضاً رسالةً أميركيةً من 4 بنود، بُعثت إليه عام 2017، حين دُعي إلى عشاء في إحدى الدول الخليجية. وحينها قيل له إنّ الميادين هي ثالث وسيلة إعلامية، منذ نحو نصف قرن، تصل إلى مدى التأثير العميق في الرأي العام العربي. والمشكلة مع الميادين كانت أنّها "خارج السيطرة".
ونقل بن جدو أنّ مسؤولاً خليجياً مرموقاً، من دولة صديقة، قال له إنّ "الميادين تجاوزت خطوطاً حمراً أميركيةً إسرائيليةً؛ 3 خطوط حمر، لكنّ هناك خطاً أحمر رابعاً يعنينا نحن مباشرةً في العالم العربي، وبالتحديد نحن في الدول الخليجية، وهو النجاح في تصدير الثقافة الشيعية للرأي العام العربي، وهذا خطٌ أحمر لا نسمح به"، وفق قول المسؤول.
وأعرب بن جدو عن دهشته مما قيل، ومع تأكيده أنّ القناة ليست شيعيةً، أوضح المسؤول الخليجي العلم بذلك، مشيراً إلى أنّ "خطاب الميادين لا يصل على أنّه شيعي، ولكنه في العمق يخدم محوراً (في إشارة إلى محور المقاومة)، وبالتالي ثقافة هذا المحور بكل ما لديه، وهذا خط أحمر رابع بالنسبة إلينا. إذاً الميادين أصبحت مشكلة".
وأشار إلى أنّ القرار الإسرائيلي بمنع الشبكة "كان أيضاً بإلحاحٍ ورغبةٍ من دولتين عربيتين؛ الأولى خليجية، والأخرى غير خليجية"، مؤكداً أنّ حديثه يستند إلى معلومات.
وبالأرقام، فإنّ عدد المشاهدين تجاوز الـ50 مليوناً، من قِبل العرب أينما كانوا، "ليس في العالم العربي فقط، إذ يشمل هذا أكثر من 5 ملايين عربيّ في الولايات المتحدة الأميركية"، بحسب ما أضاف.
"نحن أمام فرصة تاريخية"
وجدّد رئيس مجلس إدارة الشبكة تأكيده أنّ "الميادين فكرة ومشروع وثقافة"، معتبراً "أنّنا اليوم أمام فرصة تاريخية"، تؤكد أنّ "الإعلام يُثبت مرةً أخرى أنّه ليس رقماً صعباً فقط، بل إنّه سلاحٌ قوي، يمكننا توظيفه حتى نكون مؤثّرين في مختلف أصقاع العالم".
كما أكد أنّ "الإعلام المنحاز للمقاومة، سواء المقاومة العربية أو المقاومة الإسلامية أو مقاومة أحرار العالم، هو إعلام المستقبل... ونحن أمام فرصة ما بعد طوفان الأقصى حتى نُقيم شبكات تحالف عالمية"، مشيراً إلى أنّ الإعلام في الغرب "بدأ ينكشف أكثر إلى جمهوره".
وأضاف بن جدو أنّ "الوقت الآن هو للحديث للمجتمع الدولي الإعلامي، ونحن بدأنا توجيه رسائل إلى أكثر من منظمة عالمية، والاتّصال بها من أجل أن نتحدث عن حقيقة ما تتعرّض له الميادين".
وتوجّه بن جدو بالشكر إلى المنظمات الدولية ووسائل الإعلام العالمية "التي تضامنت معنا بقوة وبصدق وبحرارة"، مشيراً إلى أنّ العديد من الجهات تبدي تجاوباً مع الميادين، وهي "في انتظار ملف متكامل لإعلاء الصوت".
وشدّد على أنّ "إسرائيل" لا تبالي بأحد، "خاصةً وأنّها مدعومة من الولايات المتحدة الأميركية في كلّ صغيرة وكبيرة، بل هي مُقادة من قِبل الإدارة الأميركية".
"لدى المقاومة الفلسطينية خطة محكمة"
أما في ما يتعلّق بالحرب في قطاع غزة، فأكد رئيس مجلس إدارة الميادين أنّ "المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها وبقيادة كتائب القسام، لديها خطة جاهزة ومحكمة".
وفي حين أنّ ما يحصل الآن قد يتراءى للمشاهد على أنّه تراجع للمقاومة، أوضح بن جدو أنّ المقاومة "تريد أن تحارب القوات الإسرائيلية البرية على أرضها، في مناطقها، وتريد استدراجها".
وكشف أنّ "النسق المركزي والمدرَّب جيداً في المقاومة لا يخوض الآن المعارك بصورة مباشرة". وعلى الرغم من أنّ وضعها "ليس سهلاً، ولذا تتمنّى دائماً أن يدخل أكثر من طرف في الخارج ليسندها وحتى لينخرط في المعركة بحسب ما يقول البعض، فإنّ الوضع جيّد حتى الآن".
وفيما خص صفقة تبادل الأسرى بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة، قال بن جدو "إنّها موجودة"، مشيراً إلى أنّ "الهدنة الموقّتة لمدة 5 أيام أصبحت ناضجةً"، بعد ما شهده مجمّع الشفاء الطبي في القطاع.
ووصف ما جرى في "الشفاء" بـ"النكسة والهزيمة" للاحتلال، الذي ادّعى وجود أنفاق تحت المستشفى، فيها قيادة سلطة حماس وكتائب القسام، بالإضافة إلى الأسرى الذين ستتم إعادتهم".
وأشار إلى ما أكده "له شخص مطّلع وموثوق به، بأنّه لا أسير ولا مقاوِم ولا قيادة المقاومة، السياسية أو العسكرية، تحت مستشفى الشفاء".
وعلى الرغم من أنّ واشنطن لم تتبنَّ ما قام به الاحتلال علناً، أكد بن جدو أنّ "الخيار (الإسرائيلي) نفسه هو أيضاً بقرار وإدارة وتواطؤ من قِبل واشنطن، التي تُدير المعركة بجنود الاحتلال واستخباراته".
وفي ردّه على سؤال بشأن ما إذا كانت "نكسة مجمع الشفاء ستفعّل صفقة التبادل"، قال بن جدو "إنّه يعتقد ذلك، ويُفترَض أن يكون ذلك خلال هذا الأسبوع".
"الحرب الكبرى ليست في الأفق القريب"
أما بشأن اندلاع حرب كبرى، فأعرب بن جدو عن اعتقاده بأنّها "ليست في الأفق القريب"، مؤكداً أنّ المقاومة الإسلامية في لبنان هي التي ستقود كل محور المقاومة إذا قرّر إطلاق هذه الحرب الكبرى.
وأشار إلى الخطابين اللذين ألقاهما الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، حيث حدّد "المسار بوضوح، قائلاً إنّنا (في لبنان) جبهة إسناد ودعم، لا جبهة انخراط في هذه الحرب، وهذا الإسناد والدعم هو يرتقي رويداً رويداً"، مضيفاً أنّ "في هذا شجاعةً وحكمة".
وتابع أنّ رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، عند لقائه قائد الثورة والجمهورية الإسلامية في إيران، السيد علي خامنئي، في طهران، سُئل عن الرغبة في فتح حرب شاملة. وردّ هنية بأنّه "لا يريد ذلك، ولكن ما يقوم به المحور الآن على مختلف الجبهات اليمنية، اللبنانية، العراقية، لم يردع إسرائيل حتى الآن. نحن نريد إجراءات أخرى تسمح بردع الإسرائيلي والأميركي".
وأوضح أنّ "دخول حزب الله في معركة كاملة إلى العمق له نتائج وضرائب، وحين يدخل مع الحلفاء الحرب، فسيدخلون بأهداف أخرى"، معرباً عن اعتقاده بأنّ "الفلسطينيين غير مستعدين لهذا الأمر"، ومؤكداً "أنّ هناك دعماً جدياً للمقاومة الفلسطينية، وليس فقط من جبهة لبنان".
وقال إنّه "لا يرى أنّ أهل غزة سيُهجّرون"، فالسيد نصر الله حدّد "أهدافاً شجاعةً جداً، وقال بوضوح: خط أحمر ألا تُهزَم غزة، وخط أحمر ألا تنتصر حماس والمقاومة، أي ألا تُهزَم غزة، ويعني هذا ألّا يُهجَّر الناس".
وبشأن ساحات المساندة الأخرى، وتحديداً سوريا، قال بن جدو: "في سوريا نكتفي بما قاله السيد نصر الله، ينبغي ألّا نظلمها، ونحن نعتقد أن سوريا الحالية هي مخلصة وتقوم بدورها على أحسن ما يُرام مع محور المقاومة".
أما في العراق، فـ"دخلت المقاومة الآن معتركاً أكبر، حيث تقصف إسرائيل وضربت القواعد الأميركية" كما أضاف. وفي تعليقه بشأن اليمن، اليمن، فأكد أنّ "اليمن هو الشعب الكبير والبطل".
"موقف عربي مرتبك ومتلعثم"
أما الأداء العربي تجاه الحرب في غزة فكان في البداية "مرتبكاً ومتلعثماً، وبعدئذٍ، عندما انتفض الشارع العربي وانتبه العالم لهذه المجازر الإسرائيلية المدمّرة بدأ الحرج يظهر، ولكنه حرجٌ شاحب وحرجٌ منافِق"، بحسب ما أضاف.
وأكد أنّ العواصم والدول الخليجية والعربية المعنيّة "لا تزال في العمق متواطئة مع إسرائيل، منحنية أمام الولايات المتحدة الأميركية، وتنفّذ لها ما تشاء. بل هناك مَن هو أقسى في طلباته وشروطه على المقاومة حتى من إسرائيل ذاتها في بعض الملفات".
ولفت رئيس مجلس إدارة الميادين إلى أنّ الخفوت الذي أصاب الشارع العربي عائد لعدة اعتبارات، "أولها القمع، إذ إنّ هناك دولةً عربيةً تظاهر الملايين فيها بالفعل، في الأسبوع التالي هذه الدولة العربية نفسها وضعت حواجز أمام أكبر مؤسسةٍ إسلامية دينية في بلدها، حتى لا يصل الناس إلى هناك".
"الغرب مع إسرائيل بالكامل"
وأضاف أنّ "الشارع يخرج بما هو متاح أمامه.. بل أقول أكثر من ذلك، كل شارع في الدول الخليجية يتظاهر وينتفض، فهو شارعٌ شجاع وبطل".
أما في الغرب، فرأى بن جدو "أنّنا قد نكون واهمين إن كنّا نعتقد أنّ انتفاضة الرأي العام الغربي وهذه التظاهرات الضخمة المليونية الكبرى غير المسبوقة، ولا سيّما في بريطانيا، ستؤثر في صانع القرار السياسي الآن في ما يتعلق بالاحتلال".
وأوضح أنّ ما يحصل هناك "يؤسس لبداية تيارات جديدة، مستقلة ومنفصلة نوعاً ما عن إملاءات الإدارات العميقة للدول".
وتابع: "المشكلة الآن أنّ هذا الغرب الأطلسي، وليس الغرب كله، الآن يعدّ أنّ معركته في إسرائيل هي أيضاً معركة وجود، وإسرائيل بالنسبة له هي أكثر أهميةً، لذلك هذا القرار سياسي للحلف الأطلسي هو مع إسرائيل بالكامل، وإسرائيل تستغل هذه الفرصة".
وفي أميركا اللاتينية، فإنّ الأهمية تكمن فيما يحصل على "مستوى القادة والحكومات، وليس على مستوى الشارع فقط"، إذ إنّ قادتها لديهم "مواقف مشرّفة وكبيرة"، تجاه ما يحصل في قطاع غزة.