ما خصائص النظام البرلماني الذي وعدت المعارضة التركية بإعادته؟
تتوعّد المعارضة التركية بإلغاء النظام الرئاسي الذي يحكم البلاد منذ عام 2018، وتسعى إلى إعادة النظام البرلماني الذي ساد منذ ولادة تركيا الحديثة عام 1923، وذلك بعد تحسينه.
في 2017، أي بعد عام على محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، شكّل حزب العدالة والتنمية الحاكم، وحزب الحركة القومية المحسوب على المعارضة في حينها، تحالفاً غير معلن.
حينها، دعم رئيس الحركة القومية دولت بهجلي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في تمرير استفتاء دستوري، أسفر عن تحويل النظام في تركيا إلى نظام رئاسي، بعد أن كان برلمانياً لعقود.
وبعد فوز إردوغان وحزبه في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية عام 2018، دخل النظام الرئاسي حيز التنفيذ في تركيا بموجب تعديلات دستورية أقرّها البرلمان التركي، وتحديداً في 24 حزيران/يونيو، في أكبر مشروع عرفته الجمهورية التركية في تاريخها لتغيير بنية النظام الحاكم.
وفي حين يعد حزب العدالة والتنمية بالحفاظ على النظام الرئاسي، في حال فوز مرشّحه إردوغان، تتوعّد المعارضة التركية الساعية إلى الإطاحة بالرئيس الحالي في الانتخابات بإلغائه، وإعادة النظام البرلماني الذي ساد منذ ولادة تركيا الحديثة عام 1923، بعد تحسينه، لحكم البلاد.
المعارضة والنظام البرلماني
يخوض تحالف الأمة المعارض الانتخابات رافعاً شعار "النظام البرلماني المعزز"، وهو شعار تضمّنه اتفاق "الطاولة السداسية".
و"الطاولة السداسية"، التي تضم حزب الشعب الجمهوري، الحزب الجيد، حزب السعادة، حزب المستقبل، حزب التقدم والديمقراطية والحزب الديمقراطي، ناقشت، منذ أيلول/سبتمبر عام 2021 رفضها النظام الرئاسي المطبق حالياً، والعودة إلى النظام البرلماني، مع إجراء بعض التحسينات عليه.
من جهته، يهدف تحالف العمل والحرية، الذي يضم أحزاباً كردية ويسارية إلى إنهاء "نظام الشخص الواحد"، وضمان التغيير على أساس الحقوق والحريات الديمقراطية، كما قال في بيان تأسيسه.
المرحلة الانتقالية إلى "النظام البرلماني المعزز"
بعد ترشيح "الطاولة السداسية"، في آذار/مارس الماضي، رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو للرئاسة لمنافسة إردوغان، أطلقت خريطة الطريق للمرحلة الانتقالية إلى "النظام البرلماني المعزز"، وقد نصّت على ما يلي:
1- يكون رؤساء الأحزاب المدرجة في تحالف الأمة نواباً لرئيس الجمهورية.
2- يُحدَّد توزيع الوزارات على أساس عدد النواب المنتخبين من قبل الأحزاب ضمن تحالف الأمة في الانتخابات البرلمانية.
3- يمثّل وزير واحد على الأقل كل حزب من أحزاب التحالف في الحكومة.
4- تلغى مجالس ومكاتب السياسات المنشأة بالتوازي مع الوزارات.
5- يعيِّن رئيس الجمهورية الوزراء ويقيلهم، بالاتفاق مع رئيس حزبهم السياسي.
6- يستخدم الرئيس سلطته التنفيذية أثتاء الفترة الانتقالية، وواجبه وفقاً لمبادئ المشاركة والتشاور والإجماع مع قادة أحزاب الطاولة.
7- يوزِّع مرسوم رئاسي، صادر في إطار الدستور والقوانين، صلاحيات نواب الرئيس والوزراء وواجباتهم.
8- يمكن للرئيس أن يجدّد الانتخابات ويعلن حالة الطوارئ وسياسات الأمن القومي والقرارات الرئاسية والمراسيم والإجراءات التنظيمية العامة والتعيينات رفيعة المستوى.
9- إنشاء آليات لتنسيق التعاون بين الأنشطة التشريعية خلال الفترة الانتقالية.
10- تنتهي عضوية الرئيس في حزبه مع استكمال الانتقال إلى النظام البرلماني المعزز.
11- يكمل الرئيس الـ13 والحكومة الانتقالية فترة ولايتهما، من دون الحاجة إلى انتخابات جديدة.
12- يعيَّن رئيسا بلديتي أنقرة وإسطنبول منصور ياواش وأكرم إمام أوغلو كنائبين للرئيس.
والمادة الأخيرة أثارت جدلاً واسعاً، بعد طعن "العدالة والتنمية" في قانونيتها، لكن أحزاب المعارضة أكّدت أنّها درست المادة من الناحية القانونية، وأنّ المادة لا تعارض الدستور، ويجري تعديلها عند الضرورة في البرلمان المنتخب.
وهذه المادة أضيفت بعد تمسُّك رئيسة حزب الجيد ميرال أكشينار بها كشرط للعودة إلى الطاولة، بعد مغادرتها لها بسبب اعتراضها على ترشيح كليجدار أوغلو، وتفضيلها ترشيح ياواش وإمام أوغلو لقدرتهما على إلحاق الهزيمة بإردوغان.
اقرأ أيضاً: تعرّف إلى التحالفات الانتخابية في تركيا
أبرز معالم النظام البرلماني
1- لا يعطي صلاحيات حقيقية للرئيس: الرئيس في هذا النظام دوره رمزي، تشريفي، لا صلاحيات فعلية له، وهو يمثّل دولته في المحافل الدولية، ويستقبل الوفود والبعثات الدبلوماسية، ويصادق على القوانين.
2- تشارك بموجبه الأحزاب السياسية في الحكم: تشارك الأحزاب السياسية والمرشحون في الانتخابات والحملات الانتخابية للفوز بمقاعد برلمانية، واستناداً إلى نتائج الانتخابات، تنخرط الأحزاب السياسية في تشكيل الحكومة، أو في تشكيل المعارضة البرلمانية.
3- يعزّز المكانة الحقيقية للبرلمان: يقوم البرلمان بوظائف تشريعية ومالية (من خلال فرض الضرائب)، ويراقب الحكومة ويحاسبها، ويناقشها في سياستها العامة ويرشدها.
4- يوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية: تقوم السلطة التشريعية بوظيفة التشريع، وفي الوقت نفسه، يحق للسلطة التنفيذية اقتراح القوانين والتصديق عليها، وتنظيم العلاقة بين السلطتين قائم على التوازن والتداخل، إذ تستطيع الحكومة دعوة البرلمان للانعقاد وحله، وللبرلمان الحق في استجواب الوزراء والتحقيق معهم.
5- ينتخب الشعب البرلمان الذي يختار الحكومة بالأغلبية: يختار المواطنون المواطنين المسجلون على اللوائح الانتخابية النواب عبر اقتراع عام سري ومباشر.
6- الحكومة مسؤولة أمام البرلمان الذي يحق له حلها بنزع الثقة منها: تتحمل الحكومة المسؤولية أمام البرلمان، سواء أكانت مسؤولية فردية أم جماعية، ويمكن للبرلمان سحب الثقة منها وحلها، وإجراء التحقيقات مع الوزراء.
7- يختار البرلمان رئيس البلاد: يكون انتخاب رئيس الدولة عبر مجلس النواب الذي يدلي أعضاؤه بأصواتهم لاختيار الرئيس، بدلاً من أن ينتخبه الشعب مباشرةً كما في النظام الرئاسي.
الدساتير التركية في ظل النظام البرلماني
يُذكر أنّ 4 دساتير عُمل بموجبها قبل الانتقال إلى النظام الرئاسي، أولها كان عام 1921، وكان منطلقاً لتأسيس الجمهورية التركية الحديثة. وبحسب هذا الدستور فإنّ لمجلس الشعب الحق بإقرار القوانين وتعديلها وتنظيمها، بالإضافة إلى تنفيذ القوانين وأحكام الشريعة وتعديلها، وتوقيع معاهدات السلام أو إعلان الحروب.
وبعد إعلان الجمهورية عام 1923، صدر دستور جديد، في 1924، حافظ على الحكم النيابي للبلاد. وتبعاً له، يُنتخب النواب كل 4 سنوات، وهم يختارون رئيس الجمهورية، الذي يشكّل مجلس الوزراء.
عُدِّل الدستور 7 مرات، واستمر العمل به حتى عام 1960، حين ألغي بفعل الانقلاب العسكري الذي وقع. وفي عام 1961، بدأ العمل بالدستور الجديد الذي كرّس مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وأكّد استقلالية القضاء.
كذلك، أُنشئت بموجب هذا الدستور المحكمة الدستورية للتحقق من دستورية القوانين، وتم تأكيد أهمية التنوع الحزبي، الذي لا غنى عنه للحياة الديمقراطية.
وفي عام 1980، وقع انقلاب عسكري أدى إلى حل مجلس الشعب وإيقاف العمل بدستور عام 1961، حتى بدأ العمل في 1982 بدستور جديد قضى بفصل السلطات الثلاث بين البرلمان من جهة، ورئيس الجمهورية ورئيس الوزراء من جهة أخرى، في حين تمارس محاكم مستقلة السلطة القضائية.
وجرى على دستور 1982 العديد من التعديلات، من خلال مجلس الشعب أو الاستفتاءات الشعبية التي تمت غير مرة، لمنع الجيش من التدخل بالحياة السياسية، وتعزيز الديمقراطية والحريات، بالإضافة إلى تهيئة تركيا لدخول الاتحاد الأوروبي.
وتم تعديل ما يزيد على ثلثي مواد هذا الدستور خلال العقود المنصرمة، ومن أبرز التعديلات ما قام به حزب العدالة والتنمية من استفتاءات عامي 2007 و2010، وصولاً إلى استفتاء عام 2017، الذي أسفر عن تغيير نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي.
بينما يستمر موضوع طبيعة النظام الحاكم في تركيا كنقطة خلاف بين الحكومة الحالية والمعارضة، تتوجه الأنظار نحو نتائج الانتخابات العامة في 14 أيار/مايو، لتحديد ما إذا كانت البلاد ستعود إلى النظام البرلماني، أم أنّها ستبقى على النظام الرئاسي.