ماذا تعرف عن "المنطقة الخضراء" التي استهدفتها المسيّرة المفخخة؟

يشهد العراق توترات سياسية معقدة على خلفية نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة ورفض نتائجها، وفي خضم هذه التوترات جرى استهداف مقر رئيس الوزراء في المنطقة الخضراء بمسيّرة مفخخة.

  • تتمتع
    تضم "المنطقة الخضراء" في بغداد السفارة الأميركية مقار حكومية وأجنبية ومنظومة "سي-رام" الأميركية

"المنطقة الخضراء" أو "كرادة مريم"، هو الشارع الدولي في وسط العاصمة بغداد، المعروف بـ"حي التشريع"، وفقاً للخرائط. تبلغ مساحتها محو 10 كم مربع، وتتمتع بموقع استراتيجي مميز، بحيث أصبحت الشريان الحيوي لمركز السلطة في بغداد حالياً.

كانت هذه المنطقة مقراً سكنيّاً لأعضاء الحكومة العراقية والعديد من الوزارات. وتحوي عدداً من قصور الرئيس الراحل صدام حسين وأولاده. ومن أكبر القصور ضمن هذه المنطقة كان "القصر الجمهوري" و "قصر السلام". وأصبحت فيما بعد من أكثر المواقع العسكرية تحصّناً في العراق. وتضم مقر الحكومة العراقية الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي.

يستقر فيها حالياً نحو 5 آلاف مسؤول ومقاول مدني.  وهي محاطة بجدران خرسانية وأسوار شائكة، وفيها نقاط تفتيش عديدة، كما يحيطها نهر دجلة من الجانبين الجنوبي والشرقي.

بدأ اسم "المنطقة الخضراء" بالظهور مع قيام الحكومة العراقية الانتقالية. ففي العام 2003 احتلت القوات الأميركية هذه المنطقة خلال عمليات غزو العراق، وأعادت تنظيمها وتحصينها، وأقامت فيها سفارتها، ومقراً لـقيادة "قوات التحالف الدولي"، وقواعد قيادية لها.

كانت المنطقة تحتوي على نحو 3 آلاف وحدة سكنيّة، قامت القوات الأميركية بطرد أصحابها لتأسيسها. وهي تضم إلى جانب السفارة الأميركية، مقرات ومنظمات دولية أخرى، إضافة إلى المفوضية العليا للانتخابات، ووكالات حكومية عراقية وأجنبية لدول أخرى. 

"المنطقة الخضراء" في مواجهة تهديدات أمنية

بعد الغزو الأميركي للعراق في العام 2003 واستقرار قوات التحالف والحكومة الانتقالية في "المنطقة الخضراء"، تعرضت الأخيرة إلى سلسلةٍ متواصلةٍ من التفجيرات والقصف الصاروخي والمدفعي، من قبل الفصائل العراقية.

ومنذ أن أصبحت مركزاً استراتيجياً، استهدفت "المنطقة الخضراء" لأول مرة، في تشرين الأول/أكتوبر 2004، حين تعرضت لتفجيرين أديّا إلى تدمير سوق ومقهىً فيها.

وفي 12 نيسان/أبريل 2007 انفجرت قنبلة في مقر البرلمان العراقي، أدّت إلى مقتل برلماني، وإصابة 22 آخرين بمن فيهم أحد نواب الرئيس. وفي العام 2008 تعرّضت المنطقة لسلسلة هجمات، تسببت في سقوط عدد من الضحايا المدنيين والعسكريين، بينهم جنديان أميركيان.

وفي مطلع كانون الثاني/يناير 2009، تمّ تسليم السيطرة الكاملة على "المنطقة الخضراء" لقوات الأمن العراقية.

وبعد انتخابه رئيساً للحكومة العراقية، في العام 2015، أعطى حيدر العبادي أمره بفتح المنطقة الخضراء أمام المواطنين، في إشارة إلى إلغاء حواجز المنطقة الحكومية التي تأخذ مساحة واسعة من العاصمة بغداد.

ويذكر أنّ محيط السفارة الأميركية شهد، في أواخر شهر كانون الأول/ديسمبر 2019، احتجاجات كبيرة، أضرم خلالها المحتجون النار داخل مبنى السفارة، كما أحرقوا أبراج الحراسة في مقرها، وأطلقت صافرات الإنذار فيها، وذلك احتجاجاً على الضربات الأميركية التي استهدفت فصائل من الحشد الشعبي، وأدّت إلى استشهاد وإصابة العشرات.

وفي 20 كانون الأول/ديسمبر 2020،  أطلقت منظومة "سي- رام" رشقات لاعتراض صواريخ، بعد سقوط عدد منها في محيط السفارة.

وكانت السفارة قد تعرضت أيضاً، في 6 تموز/يوليو الماضي، لقصف صاروخي بطائرة مسيّرة. وجاء ذلك، بعد يومين فقط على لقاء  الرئيس الأميركي جو بايدن مع الكاظمي في واشنطن، والاتفاق على سحب الجنود الأميركيين من العراق بحلول نهاية العام.

وفي 29 تموز/يوليو الماضي، استهدف صاروخان السفارة الأميركية، وأوقعا أضراراً مادية، بعد أن فشلت منظومة "سي – رام" الدفاعية في التصدّي لهما. 

تظاهرات في "المنطقة الخضراء" رفضاً لنتائج الانتخابات البرلمانية

تشهد "المنطقة الخضراء" منذ أسبوعين تظاهرات واعتصامات رفضاً لنتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت، في 10 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وتطورت إلى مواجهات مع القوات الأمنية العراقية، حينما حاول المحتجون اقتحام بوابات المنطقة ما أدى إلى مقتل عدد من المتظاهرين وجرح آخرين.

ودعت القوى الوطنية المعترضة على نتائج الانتخابات العراقية، في 25 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، رئيس الجمهورية برهم صالح إلى التدخل "لمنع اتجاه الأحداث نحو ما هو أخطر"

وجاءت هذه الاحتجاجات في البلاد عقب إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية التي اعتبرتها مجموعة كبيرة من القوى السياسية غير صحيحة، مشكّكةً في نزاهة عملية فرز الأصوات وصدقيتها.

وجاءت محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي فجر اليوم الأحد، في وقت تشهد فيه البلاد توترات سياسية شديدة، على خلفية نتائج الانتخابات النيابية المبكرة.

لماذا لم تتصدّى منظومة "سي - رام" الأميركية للمسيّرة؟

وعقب محاولة عملية اغتيال الكاظمي، برز السؤال عن أسباب عدم تصدّي منظومة "سي - رام" (C-Ram) الأميركية المتواجدة  قرب السفارة الأميركية في "المنطقة الخضراء" للطائرة المسيّرة، أثناء  استهدافها مقر الكاظمي.

وفي هذا الإطار، أوضح تحسين الخفاجي، الناطق باسم قيادة العمليات المشتركة العراقية، أنّه يجري التحقيق مع الجانب الأميركي، والسفارة الأميركية في بغداد، لمعرفة السبب في عدم تصدّي المنظومة للطائرة المسيّرة، داعياً المختصين إلى "تقديم أجوبة عن ذلك".

ويشار إلى أنّ منظومة "سي- رام" هي النسخة البرية من منظومة "فالانكس" الصاروخية (Phalanx CIWS) البحرية والتي تستخدمها السفن الأميركية كخط دفاع أخير للسفن ضد الصواريخ "بحر-بحر" و"أرض-بحر".

تعتمد المنظومة على رشاش دوار سداسي السبطانة من نوع "إم 61" عيار 20 ملم، ويبلغ مداه الفعّال 3500 متر. والمنظومة مصمّمة للتعامل مع الصواريخ المعادية وقذائف الهاون، ورشاشها قادر على إطلاق 4500 رصاصة بالدقيقة الواحدة.

ويدعم المنظومة مجموعة رادارات ومستشعرات لكشف الصواريخ وقذائف الهاون في الجو، وتحديد مسار اتجاهها ومواقع انطلاقها وسقوطها، فيما تتشظّى رصاصات المنظومة في الجو لتدمر الأهداف المعادية.

اخترنا لك