لماذا ركّزت إيران على الاستثمار في قدراتها العسكرية البحرية؟
القدرات البحرية الإيرانية تطورت في السنوات الأخيرة بشكل لافت، حيث بات لديها حالياً نحو 400 قطعة بحرية عسكرية، تتركز بشكل أساسي على السفن السطحية الكبيرة والزوارق السريعة.
"بحرية الجيش الإيراني تجوب العالم وتعود مرفوعة الرأس"، هكذا قال قائد الثورة والجمهورية الإسلامية في إيران، السيد علي خامنئي، بمناسبة يوم القوة البحرية الإيرانية مؤخراً.
ووصف السيد خامنئي التطور الذي حقّقته القوة البحرية منذ بداية الثورة بأنّه "مثير للإعجاب والدهشة"، مؤكداً أنّ "وجود القوة البحرية خارج المياه الإقليمية كان أمراً لا يمكن تصوره، أما الآن، فإنّ القوة البحرية تتجوّل 360 درجة حول العالم بكل قوة وتعود إلى الوطن".
وتطورت القدرات البحرية الإيرانية في السنوات الأخيرة بشكل لافت، إذ بات لديها حالياً أكثر من 398 قطعة بحرية عسكرية، تتركز بشكل أساسي على السفن السطحية الكبيرة.
وتمتلك البحرية الإيرانية 7 فرقاطات، 3 كورفيتات، 342 سفينة دورية، 29 غواصة بأحجام وأنواع مختلفة (ثقيلة: طارق وبيسات، متوسطة: فاتح ونهنغ- الحوت بالفارسية، خفيفة: غدير ويوغو).
ويمكن للغواصات الخفيفة العمل في مياه الخليج الضحلة، الأمر الذي يجعلها واحداً من أكبر التهديدات، التي تواجه الأسطول الأميركي في المنطقة، وخصوصاً حاملات الطائرات التي لا تمتلك قدرات على المناورة، كما أن هذه الغواصات مجهزة بطوربيد حوت الذي يعدّ من الأسرع في العالم.
ولدى البحرية الإيرانية أيضاً 8 كاسحات ألغام، 720 سفينة في الأسطول التجاري، 7 حاملات مروحيات ودعم لوجستي، ومخزون طائرات بحرية مهم ومتنوع منها ذات الأجنحة الثابتة، ومنها المروحية، وأسطول كبير من الطائرات من دون طيار.
وتعدّ بارجة "أبو مهدي المهندس" التي كشف عنها مؤخراً ووضعت في الخدمة، ثاني سفينة حربية إيرانية من فئة "الشهيد قاسم سليماني" الأحدث، وتتميز بالتخفي عن الرادارات والقدرة على الإبحار لمدة 14 يوماً وألفي ميل بحري، بمساعدة محركاتها الأربعة التي ترفع سرعتها إلى 37 عقدة بحرية لتوفير مظلة حماية للسفن الحربية التي ترافقها في أعالي البحار.
أما القوات البحرية التابعة لحرس الثورة الإيرانية، فتعتمد قدراتها على القطع البحرية التي تتناسب مع نوعية المهمات التي ينفذها حرس الثورة، والتي تندرج في معظمها تحت تصنيف "الحرب غير المتناظرة" والعمليات الدقيقة والسريعة، وما تتطلبه من خفة الحركة والسرعة في الكر والفر.
لماذا ركزت إيران على تطوير قدراتها البحرية بشكل خاص؟
يعود اهتمام إيران بتطوير هذه القوى، ماضياً وحاضراً، إلى أنها تمتلك أكثر من 2000 كيلومتر من الحدود المائية، في بحر قزوين والخليج الفارسي وبحر عمان.
وحول ذلك، أوضح العميد أمين حطيط في مقابلة مع الميادين نت أنّ "مبدأ كل دولة صنع الجيش المتناسب مع جغرافيتها السياسية، وإيران دولة شاطئية لذا هي ملزمة بتجهيز قوات بحرية للدفاع عن الشاطئ والمياه الإقليمية، والوصول إلى أعالي البحار".
وتابع العميد حطيط أنّ إيران "تنظر إلى تطوير قدراتها العسكرية من منظورين، هما متطلباتها الدفاعية، ومكاسبها الاستراتيجية، في وقتٍ تعد فيه البحرية ذات الذراع الطويلة والتي تمكنها من الوصول إلى أعالي البحار أمراً هاماً، لأنها تجعلها قادرة على التأثير في الممرات المائية التي تعدّ حيوية لاقتصاد العالم وربطه بين الشرق والغرب".
ولفت الخبير العسكري والإستراتيجي إلى أنّ إيران "عبر بحريتها ذات الذراع الطويلة استطاعت أن توسع من المجال الحيوي الاستراتيجي، الأمر الذي لا تحققه القوات الجوية التي تتطلب كلفة عالية أكثر من البحار".
وأضاف أنّ "الطيران له محددات جغرافية ولوجستية، لذا يحتمّ الاستثمار في البحر على إيران أن تقدم البحرية على الجوية، لكنها في الوقت نفسه لم تهمل الطيران بل جهزته بما يناسب استراتيجيتها، لكنها لم تجعله السلاح الأول في قواتها المسلحة".
تطور البحرية يعمّق الحضور الإيراني في المنطقة ومفاصلها الحيوية
وفي سياق متصل، أشار العميد حطيط إلى أنّ تطور القدرات البحرية الإيرانية مكّن إيران من تعزيز حضورها في المنطقة، وتوسيع مجالها الحيوي الاستراتيجي، وحراسته والدفاع عن شواطئها.
كما استطاعت إيران أنّ توفر لنفسها قدرة التدخل والسيطرة في أعالي البحار بما يخدم سياستها، وهذا يخدم منطق الحفاظ على السيادة، أضاف الخبير العسكري، مشيراً إلى أنّ إيران "أوْلَت البحرية اهتماماً واسعاً، واحتلت مقعداً رئيسياً مهماً عالمياً بين الدول ذات القدرات البحرية العسكرية الفاعلة".
وأضاف أنّ إيران "نظّمت قوتها البحرية في مسارات ثلاثة، إعداد البنية التحتية العسكرية المناسبة لها، وإنشاء القواعد العسكرية، وإعداد السلاح البحري القادر على العمل على الشواطئ والمياه الإقليمية ومنطقة الذراع الطويلة في أعالي البحار".
وعن مواطن القوة لدى البحرية الإيرانية، قال حطيط إنّ ما يميز سلاح البحرية الإيرانية هو السرعة في الحركة والقدرة على التكيف مع طبيعة المهمات والفعالية، والتأثير والمسافات الطويلة والنفس الطويل، لذا تستطيع إيران أن تعمل على مدى مئات الكيلومترات بعيداً عن شواطئها، لتدافع عن نفسها وتنفذ المهمات الاعتراضية والهجومية إذا لزم الأمر.
كما تتميز البحرية الإيرانية، وفق حطيط، بابتكارها بعض الأسلحة الحديثة كالزوارق الطائرة، والغواصات الصغيرة، والطوربيدات المتطورة، والسفن المتوسطة، والصواريخ المحمولة على السفن ذات الدقة العالية والفعالية في الإصابة، حيث سجلت في المناورات الأخيرة درجات عالية من النجاح في استعمال هذه الأسلحة.