للمرة الأولى.. مباحثات لـ"الناتو" على مستوى صنع القرار بشأن الصين وتايوان
مطلعون على المحادثات التي أجراها حلف "الناتو" في أيلول/سبتمبر الماضي، يكشفون عن تفاصيل مناقشة الحلف ما عدّه"تهديد" الصين لتايوان.
كشفت صحيفة "فايننشال تايمز"، عن عقد أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أول محادثات لهم بشأن تايوان، في أيلول/سبتمبر الماضي، وسط تشجيع من الولايات المتحدة على إيلاء مزيد من الاهتمام بمزاعم "تهديد الصين المتزايد للجزيرة".
وبحسب ما نقلته صحيفة "فايننشال تايمز"، أجرى المحادثات مجلس شمال الأطلسي، وهو هيئة صنع القرار السياسي الرئيسية في الحلف.
وناقش أعضاء "الناتو" قضية تايوان في اجتماعات المجلس السابقة مع تأكيد الصين المتزايد سيادتها على الجزيرة، لكن جلسة أيلول/سبتمبر كانت أول مناقشة مخصصة للقضية.
وقال جيمس ستافريديس، أميرال أميركي متقاعد والقائد الأعلى السابق لحلفاء "الناتو": "المهم و الجدير بالملاحظة، أن التحالف يجري،للمرة الأولى، مناقشات بشأن تايوان، وحكومتها ودورها الحاسم في تصنيع الرقائق على الصعيد العالمي".
اقرأ أيضاً: بكين تنشئ ائتلافاً لإنتاج أشباه الموصلات في مواجهة عقوبات واشنطن
وقال أحد المطلعين على محادثات أيلول/سبتمبر إن "سفراء الناتو ناقشوا أحدث المعلومات الاستخبارية حول التهديد الذي تتعرض له تايوان، وتأثير أي نزاع هناك في الأعضاء".
وأضاف: "لم نتحدث عن دور الناتو في حالة حدوث أي عمل عسكري، لكننا ناقشنا مجموعة متنوعة من التأثيرات التي يمكن أن تطال الأمن الأوروبي الأطلسي والتداعيات الأوسع على الحلف".
كما ناقشوا، كيف يجب على "الناتو" أن يطلع بكين على التداعيات المحتملة لأي عمل عسكري - وهو نقاش اكتسب أهمية بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا - وسط تساؤلات ما إذا كان الغرب "صارماً بما يكفي في تحذيراته لموسكو"، بحسب الصحيفة.
ستولتنبرغ: "الناتو" يدرك التحدي الذي تمثله الصين
وأكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، الأربعاء، أن الحلف يدرك التحدي الذي تمثله الصين، بعد مناقشة أجراها وزراء الخارجية بشأن تنامي النفوذ العسكري للدولة الآسيوية.
وقال ستولتنبرغ بعد اجتماع بوخارست إن "التحديات التي نواجهها عالمية، ويجب أن نتصدى لها معاً في حلف شمال الأطلسي".
وأوضح أن "الناتو لا يعدّ الصين خصماً"، قائلاً إن "الحلف سيواصل الحوار مع الصين عندما يكون ذلك في مصلحته، وبخاصة للتعبير عن موقفه الموحد بشأن الحرب في أوكرانيا".
وأشار إلى أن الوزراء ناقشوا "التطورات العسكرية الطموحة لبكين وتطورها التقني ونشاطها السيبراني والهجين المتنامي".
اقرأ أيضاً: الصين: الناتو أداة للحفاظ على الهيمنة وإحداث الفوضى
بدوره، أفاد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين، من جانبه، بوجود "تقارب متزايد" مع الحلفاء الأوروبيين بشأن هذا الموضوع، قائلاً إن "الحلف لا يبحث عن الصراع مع الصين بل على العكس، يريد تفاديه"، مردفاً: "لا نريد حرباً باردة جديدة، لا نتطلع إلى فصل اقتصاداتنا".
وأضاف بلينكن أنّ "الناتو يحاول فقط أن يكون واضحاً بشأن بعض التحديات التي تطرحها الصين".
الصين في استراتيجية "الناتو" الجديدة: تهديد لمصالح الحلف
وجاءت المناقشات بعد ثلاثة أشهر من إطلاق "الناتو" لاستراتيجية وصفت، للمرة الأولى، الصين بأنها تهديد للحلف المكون من 30 عضواً.
وعدّ "الناتو" في وثيقته الإستراتيجية تهديد الصين "تهديداً للحلف". وأفرد البندين (13 و14) للتهديدات الصينية (بنسبة التهديدات الروسية نفسها)، علماً أن الصين تقع في منطقة جغرافية لا تعد في نطاق مهمات حلف شمال الأطلسي.
وتشير الوثيقة الإستراتيجية الى أن "التهديدات لمصالح الحلف وأمنه وقيمه" تتأتّى من "الطموحات المعلنة لجمهورية الصين الشعبية"، ومن قيام الصين باعتماد "مجموعة واسعة من الأدوات السياسية والاقتصادية والعسكرية لزيادة وجودها العالمي وإظهار القوة".
اقرأ أيضاً: الخارجية الصينية: أيادي الناتو ملطخة بدماء شعوب العالم
وتحدثت عن "أساليب الصين الخبيثة"، ورأت أن الصين تسعى لـ"التحكم في القطاعات التكنولوجية والصناعية الرئيسة، والبنية التحتية الحيوية، والمواد الإستراتيجية وسلاسل التوريد. وتستخدم نفوذها الاقتصادي لخلق التبعيات الإستراتيجية وتعزيز نفوذها". (المادة 13)
وفي النهاية، قالت الوثيقة: "إن تعميق الشراكة الإستراتيجية بين جمهورية الصين الشعبية والاتحاد الروسي ومحاولاتهما المتعاضدة تقويض النظام الدولي القائم على القواعد يتعارضان وقيمنا ومصالحنا".
الصين: مستعدون لحالة الحرب
وفي وقتٍ سابق، أعلنت الدفاع الصينية أنّ الجيش الصيني "يواصل الاستعداد لحال الحرب، ويعارض بشدة أي شكل من أشكال النشاطات الانفصالية لتحقيق استقلال تايوان، فضلاً عن تدخل القوات الخارجية".
وأكدت في بيان لها أنّ الصين تعد "تايوان صينية، وقضيتها شأن داخلي لجمهورية الصين الشعبية".
وأعلن وزير الدفاع الصيني، وي فينغي، أن على قوات بلاده "تعزيز قدراتها القتالية"، لافتاً إلى ضرورة "الحفاظ على درجة عالية من اليقظة، والاستعداد الدائم للحرب، والدفاع بحزم عن السيادة الوطنية، والأمن، ومصالح التنمية".
ولا تستبعد الصين اللجوء إلى القوة لحل مشكلة تايوان، وفق ما جاء على لسان المتحدث باسم المؤتمر الـ20 للحزب الشيوعي الصيني الحاكم، سون يلي، الذي لفت إلى أنّ "ذلك لن يكون إلا في حال انفصال الجزيرة أو حدوث تدخل أجنبي فيها".
بدوره، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ، إنّ بلاده ستسعى لإعادة التوحيد السلمي مع تايوان، لكنها لن تتعهد التخلي عن استخدام القوة، مشيراً إلى أنّ بكين ستعزز قدرات الردع الاستراتيجي وستشرع في بناء جيش على مستوى عالمي، لمواجهة التهديدات المتعلقة بتايوان.
ولطالما دعت الصين، حلف "الناتو" إلى عدم استخدام الأزمة في أوكرانيا كذريعة لإثارة مواجهة عالمية أو حرب باردة جديدة. وحثت الخارجية الصينية الحلف على التخلي عن عقلية الحرب الباردة والبحث عن أعداء وهميين، مشدداً على أنّ الناتو "أحدث فوضى" بالفعل في أوروبا.
اقرأ أيضاً: بكين ترد على انتقادات "الناتو" لشراكتها مع موسكو في القطب الشمالي
وتشهد منطقة مضيق تايوان تصعيداً كبيراً في الفترة الأخيرة، اتخذ شكلاً عسكرياً، إضافة إلى المواقف السياسية، بعدما نفّذت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي زيارة لتايوان، على الرغم من رفض الصين للزيارة، واعتبارها "انتهاكاً للتفاهمات والاتفاقيات بين الصين والولايات المتحدة"، ولا سيما مبدأ "الصين الواحدة".