كيف يمكن أن يؤثر توجيه الاتهام لترامب في السباق إلى البيت الأبيض؟
معركة دونالد ترامب مع سلطات تطبيق القانون تضعه أمام احتمال دخوله مرشّحاً فائزاً إلى البيت الأبيض، وهو لا يزال يُواجه اتهاماتٍ عدّة.
تنقل التطورات الأخيرة في معركة دونالد ترامب مع سلطات تطبيق القانون، كما هو الحال مع الكثير من المسائل المتعلقة بالرئيس الأميركي السابق، الولايات المتحدة إلى منطقة غير مسبوقة.
وأمام اتهاماتٍ فدرالية له على خلفية احتفاظه بوثائق حكومية، يضع الرئيس السابق الجمهوري البلد أمام احتمال دخول مرشّح فائز، البيت الأبيض وهو لا يزال يواجه اتهامات، أو إدارة الحكومة من السجن.
وقد رفض الملياردير فكرة الانسحاب من الانتخابات التمهيدية لحزبه، واعتمد في المقابل أسلوباً مفضلاً وهو اتهام خصومه السياسيين "الفاسدين" بالتدخّل الانتخابي.
وذلك الأسلوب "لن يؤثر على الأرجح على الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم لكنه سيحفّز أنصار ترامب ممن قد يترددون أو يتطلعون إلى مرشح مع أعباء أقل" حسبما قال محلل الأمن القومي والضابط السابق في الاستخبارات مات شوميكر لوكالة "فرانس برس".
وسيأمل المدعون في كل من القضية الفدرالية المتعلقة بالوثائق، والتحقيق بشأن احتيال مالي على مستوى الولاية بحق ترامب في نيويورك، في أن يمثل أمام القضاء قبل الانتخابات المرتقبة بعد 17 شهراً.
لكن لا ضمانة في انتهاء أيّ من القضيتين بسرعة، في وقت يُواجه ترامب أيضاً تحقيقات فدرالية وعلى مستوى الولاية بشأن مساعيه في إبطال نتيجة انتخابات 2020.
وقد ينسف على الأرجح أي محاكمات فدرالية معلقة في حال فوزه، بالسعي لإصدار عفو عن نفسه، وهذا سيناريو غير مسبوق من شبه المؤكد أنّه سيؤدي إلى أزمة دستورية.
لكن لن يكون له تأثير يذكر على الملاحقات غير الفدرالية، وقلقه المباشر يتعلق بالضرر الذي يمكن أن تلحقه مشاكله القانونية بحملته للفوز بترشيح الحزب الجمهوري في المقام الأول.
واليوم، صرّح المدعي الخاص المكلف التحقيق جاك سميث، أنّ "القوانين في الولايات المتحدة تنطبق على الجميع"، مشدداً على أنّ القوانين التي "تحمي المعلومات المتعلقة بالدفاع الوطني ضرورية وانتهاكها يعرض بلادنا للخطر".
وتتضمن لائحة الاتهام الصادرة، أمس الجمعة، بحق ترامب 37 تهمة، بينها "الاحتفاظ غير القانوني بمعلومات تتعلق بالأمن القومي" و"عرقلة العدالة" وتقديم "شهادة زور".
لن يفعلوا شيئاً
يسمح الاتهام الأخير لمنافسي ترامب الأساسيين، حاكم فلوريدا رون ديسانتيس ونائب الرئيس السابق مايك بنس وآخرين، بتوجيه الانتقاد والقول إن المرشح الأوفر حظاً غير لائق بالمنصب.
لكنّهم سيجازفون بعزل القاعدة الموالية لترامب، التي اشتدّ دعمها له منذ قضية مانهاتن.
ونتيجةً لذلك التف العديد من المنافسين حول ترامب، ربما على أمل الحفاظ على الهدوء حتى يتمّ استبعاده من السباق من خلال مزيدٍ من الاتهامات المتوقعة في الأشهر القادمة.
ويُواجه ترامب تحقيقاً فدرالياً آخر لدوره في أحداث الكونغرس في السادس من كانون الثاني/يناير 2021 وتتوقع تقارير إعلامية أن توجه له اتهامات بالابتزاز والتآمر في جورجيا في آب/أغسطس على خلفيه محاولة الملياردير قلب نتائج الانتخابات هناك.
وقال خبير العلوم السياسية في جامعة فرجينيا لاري ساباتو "يأملون في استعباد ترامب بنهاية الأمر من السباق من خلال عدد من الاتهامات، من بينها تلك المتعلقة بالسادس من كانون الثاني/يناير ومحاولة قلب نتيجة الانتخابات".
أضاف أنّ "هذا كل ما في الأمر. إنّها استراتيجيتهم. لن يفعلوا شيئاً".
وأمس، أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، تكليف فريق جديد للدفاع عنه.
وقالت وسائل إعلام أميركية إنّ محاميي الرئيس السابق ترامب قدّموا استقالتهما.
وتحقق وزارة العدل فيما إذا كان ترامب قد تعامل بشكلٍ خاطئ مع وثائق سرية احتفظ بها بعد مغادرة البيت الأبيض عام 2021. كما نظر جزء من التحقيق فيما إذا كان ترامب أو آخرون قد سعوا لعرقلة تحقيقات الحكومة.
الجدير بالذكر أنّ ترامب أعلن في وقتٍ سابق ترشحه رسمياً لانتخابات الرئاسة الأميركية، ويعمل على تشكيل حملة مشابهة لحملته في العام 2016، بدلاً من الاعتماد على نفوذ حملة العام 2020 الأكبر نسبياً، والتي فشلت في تحقيق النصر، إذ سيقود 3 من الجمهوريين القدامى حملة ترامب لعام 2024.
جريمة خطرة
في استطلاعٍ أجرته مؤخراً مؤسسة يوغوف اعتبر نصف المستطلعين فقط أنّ تزوير السجلات التجارية لإخفاء مدفوعات مالية لنجمة إباحية يُعدّ "جريمةً خطرة"، وهي القضية التي يواجهها ترامب في مانهاتن.
غير أنّ ثلثي المستطلعين قالوا الشيء نفسه بشأن نقل أسرار حكومية من البيت الأبيض وعرقلة الجهود لاستعادتها.
وتبلغ النسبتان 28 و 42% على التوالي بين الجمهوريين، وهي فجوة تُشير إلى أنّ فضيحة ترامب الأخيرة يُمكن أن تمثّل نقطة تحول في حملته للانتخابات التمهيدية.
وبالنسبة لديسانتيس المتأخر بفارق كبير عن ترامب في استطلاعات الرأي، فيُمارس ضبط النفس في تصريحاته المتعلقة بمتاعب منافسه القانونية، لكن التراشق اللفظي بين المعسكرين بات أكثر حدّة في الأسابيع الأخيرة.
أما كريس كريستي، الذي ألمح إلى أنّه سيحارب ترامب بشكلٍ مباشر أكثر من المرشحين الآخرين، فقد انضم إلى السباق منذ قضية مانهاتن.
وقالت أستاذة العلوم السياسية في جامعة سيراكيوز شانا غادريان لوكالة "فرانس برس" إنّ "ديسانتيس سيستفيد بشكلٍ كبير من انسحاب ترامب من السباق، لكن يبدو أنّه احتسب أن لديهما العديد من نفس الناخبين المحتملين لذلك لا يريد إبعادهم".
وأضافت أنّه "قد يتطلب الأمر شخصاً مثل.. كريستي لتغيير هذه الرواية".
واعتبرت أنّ الحاكم السابق سيكون بلا شك مهتماً بمحاولة جذب الجمهوريين السابقين الذين ابتعدوا عن الحزب بسبب رئاسة دونالد ترامب.