كيف قرأت المعارضة الإسرائيلية تجميد نتنياهو التعديلات القضائية؟
وسائل إعلام إسرائيلية تعلّق على قرار رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو تجميد العمل بخطة التعديلات القضائية، في وقت تستمر فعاليات الاحتجاج ضد هذه الخطة.
علّقت وسائل إعلام إسرائيلية على قرار رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو تجميد العمل بالتعديلات القضائية مع إصراره على عدم التنازل عنها.
وقالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، تعليقاً على ذلك، إنّ نتنياهو "خضع للاحتجاجات، لكنّه لم يتخلَّ عن عادته في التحريض والتقسيم".
وذكرت "هآرتس" أنّ تأجيل التشريع هو "انتصار مدوٍّ للاحتجاج، وسيسمح بفحص مدى صدق نيات نتنياهو الذي بدا أمس مهزوماً مستنزفاً".
وأضافت الصحيفة أنّ "المتظاهرين نجحوا في الواقع في جعله يجثو على ركبتيه، لكن من أنزله إلى الأرض كان وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي عيّنه بنفسه".
يُذكر أنّ نتنياهو تراجع أمس عن المضي قدماً في خطة التعديلات القضائية، وقرّر تجميد العمل بها لغاية الدورة الصيفية لـ"الكنيست" التي تنتهي في تموز/يوليو المقبل، وذلك بعدما شهدت "إسرائيل" موجة احتجاجات وتهديدات غير مسبوقة بالإضراب العام في المؤسسات الصحية والمرافئ الحكومية، ما أدّى إلى فقدان السيطرة داخل الأراضي المحتلة، ودفع "جيش" الاحتلال الإسرائيلي إلى رفع حالة التأهّب.
تخدير الاحتجاج
وقال محلل الشؤون العسكرية في "هآرتس" عاموس هرئِل إنّ "الأوان فات لتصديق نتنياهو، فهو يريد تخدير الاحتجاج فحسب".
وأكّد هرئل أنّ "عالم نتنياهو هو عالم أزمات لا تنتهي، بل تتغير صورتها، فيما لا يمنعه شيء من استكمال هجوم التشريع في الدورة الصيفية للكنيست"، مشيراً إلى أنّ "رئيس الحكومة ينتظر فقط اللحظة المناسبة".
وأضاف: "بعد ما يقارب 3 أشهر على الأزمة، يمكن رؤية إعلان نتنياهو ظاهرياً علامةً على رفعٍ مؤقت لعلمٍ أبيض في قضية التشريع القضائي واستجابةً لبعض مطالب الاحتجاج، لكنّ هناك تحفظّين في هذا الخصوص".
التحفظ الأول، بحسب هرئِل، هو أنّ "التوقف عن الشريع القضائي يأتي متأخراً جداً، أي بعد وقوع ضرر لا يُقدّر على إسرائيل والجيش والاقتصاد".
أمّا التحفظ الثاني، فهو أنّ "من الصعب أكثر من أي وقتٍ مضى تصديق وعود نتنياهو، مثلما ثبُت مراراً وتكراراً مؤخراً؛ ففي الواقع، هناك سبب وجيه للاشتباه في أنّ نتنياهو يحاول فقط تخدير الاحتجاج والمعارضة وتمييع المعارضة للتشريع في انتظار اللحظة المناسبة المقبلة".
اقرأ أيضاً: ليبرمان: نتنياهو يتصرف كالأرنب أمام نصر الله والسنوار ويقوّض ردع "إسرائيل"
وفي السياق نفسه، ردّ رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" ووزير الأمن الأسبق أفيغدور ليبرمان على تصريح نتنياهو بشأن تأجيل التشريع القضائي، قائلاً إنّ "الوقوع في فخ نتنياهو والسماح له بتذويب الاحتجاج ممنوعان".
وأضاف ليبرمان متسائلاً: "هل تعتقدون أنّ نتنياهو في ليلة واحدة تبدل ووضع اعتباراته الشخصية جانباً؟".
الاحتجاجات لن تتوقف
صحيفة "إسرائيل هيوم" تناولت بدورها مسألة الاحتجاجات ضد حكومة نتنياهو والتشريع القضائي، قائلةً إنّ "منظمات الاحتجاج تستعد للمرحلة التالية بعد تجميد التشريع".
وأضافت: "رغم كلمة نتنياهو التي أعلن فيها تعليق الخطة القضائية، فإنّ فعاليات احتجاج محلية يُتوقع أن تُقام طوال اليوم الثلاثاء، فيما يُتوقع استمرار التظاهرات في أنحاء إسرائيل يوم السبت".
وصدر أمس عن "هيئة نضال موظفي الهايتك" بيان جاء فيه: "لن نتوقف ولن نوقف الاحتجاج إلى أن يتم إلغاء التشريع كلياً ويبدأ حوار صريح ومفتوح".
هرتسوغ يجري مباحثات
في غضون ذلك، أجرى رئيس الاحتلال الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ مباحثات مع نتنياهو ورئيس المعارضة يائير لابيد ورئيس "المعسكر الوطني" بيني غانتس، رحّب فيها بالبدء بعملية حوار فورية يتم إطلاقها تحت رعاية ديوان الرئيس، وذلك في محاولة للحصول على "إجماع واسع"، مشيراً إلى أنّه من أجل تحقيق ذلك، سيتم تعيين طواقم عمل من كل جانب.
وأوضح هرتسوغ أنّه ينوي المواصلة والسماح لممثلي الكتل المختلفة في "الكنيست" ولمنظمات المجتمع المدني والجهات المعنية بعرض مواقفها وأفكارها المختلفة.
من جانبها، أعلنت كتلة "المعسكر الوطني" أنّ رئيس الحزب غانتس قرر تعيين أعضاء "الكنيست" جدعون ساعر وحيلي تروفر وأوريت فركش هاكوهين والمحامي رونين أبياني في طاقم الحوار الذي سيرسله من جانب الحزب إلى ديوان رئيس الاحتلال الإسرائيلي.
يُشار إلى أنّ غانتس أعلن، في وقتٍ سابق، أنّه تحدث إلى نتنياهو، مرحباً بقراره وقف التشريعات في إطار التشريعات القانونية، وطالبه "بالعدول عن قراره عزل وزير الأمن يوآف غالانت وإبقائه في منصبه"، معتبراً ذلك "ضرورياً لتهدئة النفوس خلال هذه الفترة".
بدوره، عيّن رئيس المعارضة يائير لابيد طاقم المفاوضات للمناقشات التي ستجري في مقرّ رئيس الاحتلال الإسرائيلي بشأن التعديلات القضائية.
وبحسب موقع "i24news"، فإنّ الطاقم يضم عضوي "الكنيست" أورنا بربيباي وكارين ألهرار والمديرة العامة السابقة لمكتب رئيس الحكومة نعما شولتس والمحامي عوديد غازيت.
البيت الأبيض حذّر نتنياهو
على الصعيد الدولي، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أنّه في الساعات الـ48 التي سبقت الكلمة التي أعلن فيها نتنياهو تعليق التشريع القضائي، تعرّض الأخير لـ"قصف رسائل تحذير من البيت الأبيض".
ووفقاً للصحيفة، فإنّ "مصادر منتدبة من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حذّرت من أنه يُعرّض صورة إسرائيل للخطر".
وفي وقتٍ لاحق، وعقب تجميد نتنياهو الخطة القضائية، أكّد سفير الولايات المتحدة في "إسرائيل" توم نايدس أنّ "نتنياهو سيتلقى دعوةً إلى البيت الأبيض".
وفي مقابلة مع إذاعة "الجيش" الإسرائيلي، صرّح نايدس أنّ نتنياهو سيُدعى الآن إلى البيت الأبيض، قائلاً: "أعتقد أن هذا سيحدث نسبياً قريباً، كما يبدو بعد الفصح".
وعلى خلفية إعلان نتنياهو تأجيل الخطة القضائية، قالت جهات أميركية لجهات إسرائيلية إنّها قلقة من إقالة غالانت، بحسب ما نشرت الإذاعة الإسرائيلية.
المصادر أضافت أنّ "للإدارة الأميركية علاقات عمل جيدة جداً مع وزير الأمن. ولذلك هم قلقون من القرار".
يُذكر أنّ وسائل إعلام إسرائيلية نقلت عن مصادر في مكتب نتنياهو قولها إنّ الأخير "استدعى غالانت إلى مكتبه، وقال له إنّه فقد الثقة به بعدما عمل ضد الحكومة وضد الائتلاف خلال وجوده في زيارة سياسية خارج البلاد وخلال نهاية الأسبوع"، وذلك بعدما أبلغ غالانت نتنياهو، الجمعة، بأنّه سيصوّت ضد مشروع التعديلات القضائية.
وذكر الإعلام الإسرائيلي، في وقتٍ لاحق، أنّه "ليس واضحاً بعد ما إذا كان نتنياهو سيقيل غالانت، لأنّ كتاب الإقالة لم يصدر حتى الآن". تجدر الإشارة الى أنّ الاستقالة تدخل حيز التنفيذ بعد 48 ساعة من صدورها.
وأوضحت إذاعة "الجيش" الإسرائيلي أنّ "مكتب غالانت لم يستلم حتى اللحظة أي طلب إقالة من نتنياهو"، مشيرةً إلى أنّ "أوساطاً محيطة بغالانت رفضت الإجابة بشأن إمكانية قبوله بالاستمرار في منصبه إن عُرض عليه مجدداً".