في محاولةٍ لنزع فتيل التوتر.. اجتماع بين ماكرون وشولتس في الإليزيه
على الرغم من الأزمات العميقة بين فرنسا وألمانيا، الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يلتقي المستشار الألماني، أولاف شولتس.
استقبل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، المستشار الألماني، أولاف شولتس، على غداء عمل، الأربعاء، في قصر الإليزيه، على أمل إعادة إطلاق التعاون الثنائي الذي تشوبه سلسلة خلافات.
وكان الرجلان يبتسمان عندما خرج شولتس من سيارته المرسيدس السوداء في ساحة القصر لمصافحة ماكرون، كما وُصف الاستقبال بـ"الـحار"، حسب الصحافة الفرنسية.
يأتي ذلك، بعدما ذكرت صحيفة "بوليتكو"، في وقت سابق، أنّ تدهور العلاقات بين الاثنين وصل إلى حدّ التنازع بشأن التواصل مع الصحافة.
كما رجحت الصحافة الفرنسية، أن تكون التوقعات المرجوة من محادثات اليوم محدودة، إذ إن جدول الأعمال الذي صدر عن الإليزيه لم يذكر عقد أي مؤتمر صحافي مشترك قبل الغداء أو بعده.
وذكرت الرئاسة الفرنسية في بيانها أن الرئيسين "سيواصلان محادثاتهما بشأن الدفاع والاقتصاد والطاقة بهدف تعزيز التعاون الفرنسي- الألماني".
وأبدى شولتس وماكرون رغبةً في التهدئة قبل أيام، خلال اجتماع بروكسل، بعد الخلافات التي ظهرت علناً بين باريس وبرلين، إذ عقدا اجتماعاً على انفراد استغرق نصف ساعة، من دون مستشارين، قبل أن يلتقيا القادة الآخرين لدول التكتل.
وكان ماكرون حضَّ ألمانيا في 17 تشرين الأول/أكتوبر على إبداء "تضامن" أوروبي في مواجهة ارتفاع أسعار الطاقة، محذّراً من "الإخلال بالتوازن على صعيد التنافس".
وتسببت الحرب الروسية- الأوكرانية، التي بدأت بعد أقل من 3 أشهر على استلام شولتس المستشارية الألمانية في كانون الأول/ديسمبر الماضي، بأزمات في فرنسا وألمانيا.
وأدى قرار برلين بإنفاق ما يصل إلى 200 مليار يورو لدعم أسعار الغاز المرتفعة ورفضها تحديد سقف لأسعار الطاقة على مستوى الاتحاد الأوروبي، إلى إثارة قلق عواصم أوروبية أخرى تخشى تأثير القرار الألماني في تكاليف الطاقة لديها.
وتتلقى فرنسا طلبات التزام للتعاون في مجال الدفاع، نظراً إلى خطط ألمانيا لإنشاء درع صاروخية مع دول أخرى من حلف شمال الأطلسي باستخدام معدات أميركية.
وظهر عمق الخلافات في التأجيل الأخير لاجتماع وزاري مشترك بين باريس وبرلين، وهو أول لقاء من نوعه مذ أصبح شولتس مستشاراً.
اقرأ أيضاً: "لو موند": الحرب الأوكرانية تزعزع استقرار العلاقات الفرنسية الألمانية
توقيت غير مناسب
قال وزير الخارجية الفرنسي السابق، دومينيك دو فيلبان، في وقت سابق عبر إذاعة "فرانس أنتير": "لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا ألّا يكون لدينا أوروبا متحدة وقوية في هذه اللحظة من التاريخ. يبدأ هذا بحوار فرنسي -ألماني مثمر".
وكان ماكرون قد قال إن قطع العلاقات بروسيا يعني أن ألمانيا تواجه "تغييراً في نموذجها يجب عدم الاستخفاف بطبيعته المزعزعة للاستقرار". وكان شولتس قد أشار إلى ذلك حين أعلن عن "حقبة جديدة في سياسة الدفاع الألمانية مدعومة بالإنفاق الهائل على جيش ألمانيا المنهك".
وبالرغم من أن حلفاء برلين رحّبوا بتغيير الاتجاه بعد سنوات من قلة الاستثمار، فإن تدفق السيولة لم يترجم إلى عقود كبيرة للاتحاد الأوروبي أو لشركات الأسلحة الفرنسية بشكل خاص، ما يشكّل أحد الدوافع وراء دعوات ماكرون لسيادة أوروبية أوسع.
بدلاً من ذلك، تسارع ألمانيا لشراء سلع أميركية الصنع باهظة الثمن مثل مقاتلات "أف-35" وأنظمة الدفاع الجوي "باتريوت".
"زواج الضرورة"
ويعد مراقبون أن الخلافات متأصلة في العلاقة بين دولتين كبيرتين لهما مصالح غالباً ما تتباعد. وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إنه "زواج الضرورة" بين فرنسا وألمانيا، مضيفاً: "هذه ليست أزمة أساسية، بل قاعدة العلاقة".
وقال ألكساندر روبيني-بورغومانو، الخبير في السياسة الألمانية في معهد "مونتاني" (Institut Montaigne) الفرنسي، إن "هذه العلاقة الفرنسية- الألمانية شهدت دائماً فترات برودة ولحظات من التوتر، ثم إحماء من جديد".
وأضاف: "غالباً ما تتوصل فرنسا وألمانيا إلى تخطي خلافاتهما لطرح حلّ مشترك في فترات الأزمات التي تكون فيها الاستجابة الأوروبية أساسية".
وتابع المصدر الدبلوماسي: "كان ماكرون والمستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل يتراسلان يومياً. لا أعتقد بأن ماكرون وشولتس يتحدثان يومياً".