في محاولة لتعويض تراجع النفوذ الغربي.. بلينكن يزور النيجر ضمن جولة أفريقية
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يتوجه إلى النيجر، بعد محطة أولى في إثيوبيا، خلال جولة أفريقية جديدة تهدف لإعادة تعزيز النفوذ الغربي في القارة الأفريقية، بعد تزايد الحضور الصيني الروسي على حساب النفوذ الأوروبي التاريخي.
أعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، عن تقديم مساعدات بقيمة 150 مليون دولار لمنطقة الساحل الأفريقي، خلال زيارة اليوم الخميس إلى النيجر.
ووصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى النيجر اليوم، بعد محطة أولى في إثيوبيا خلال جولة أفريقية جديدة.
وبذلك، أصبح بلينكن أول دبلوماسي أميركي كبير يزور المستعمرة الفرنسية السابقة، والتي أصبحت قاعدة عسكرية رئيسية للقوات الغربية المستقرة في أفريقيا، تحت عنوان مكافحة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة في منطقة الساحل.
وقال بلينكن، عبر حسابه في "تويتر": "أحيي برنامج حكومة النيجر لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج والمصالحة (DDRR)، لتسهيل إعادة دمج الأفراد الذين انشقوا عن المنظمات المتطرفة العنيفة.. هذا نموذج ناجح لمنطقة الساحل وحوض بحيرة تشاد".
كما عقد بلينكن مؤتمراً صحافياً في قصر الرئاسة، مع وزير خارجية النيجر حسومي مسعودو، تطرّق بحسب بيان الخارجية إلى "معالجة قضايا الأمن والتنمية".
وكان مسؤول في إدارة الرئيس جو بايدن أكد أنّ وزير الخارجية الأميركي سيعلن عن "مساعدة إنسانية إضافية للنيجر"، كجزء من الجهود المخصصة لدعم الحكومة الموالية لسياسات واشنطن.
وعلى غرار الدعم الذي أعلنه لأديس أبابا أمس، يأتي إعلان بلينكن دعم نيامي بمساعدات بقيمة 150 مليون دولار، والتي تعدّ من أفقر دول العالم، وتضمّ إحدى أهمّ القواعد العسكرية الأميركية للطائرات المسيرة في أفريقيا، القاعدة الجوية 201، والتي فاقت تكلفة إنشائها الـ 300 مليون دولار، على مدى العقد الفائت.
🔴#Niger : le Secrétaire d’Etat américain Antony Blinken effectue une visite de 48h à Niamey. Il a annoncé jeudi une nouvelle aide humanitaire de 150 millions de dollars. «Notre aide n'aurait pas dû être nécessaire, elle l'est à cause de la Russie», a-t-il déclaré. pic.twitter.com/vSU3YiKmTv
— LSI AFRICA (@lsiafrica) March 16, 2023
بلينكن في إثيوبيا: شروط على التعاون
وكان بلينكن قد زار إثيوبيا في المحطة الأولى لجولته، أمس الأربعاء، حيث اشترط على الدولة الأفريقية الكبرى إحرازها المزيد من التقدم، في تنفيذ اتفاقية سلام مع منطقة تيغراي الشمالية، قبل تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة.
وقال بلينكين، بعد لقائه مع رئيس الوزراء آبي أحمد وآخرين، إنه "بعد ذلك، ستتحرّك قدرتنا على المضي قدماً، في مشاركتنا مع إثيوبيا، لتشمل المشاركة الاقتصادية"، مشيراً إلى أنّ زيارته للبلدين تندرج ضمن تعهد الرئيس جو بايدن بأن يكون داعماً لأفريقيا.
وصرح بلينكن للصحافيين بأنّ "هذا يعني أنّ الولايات المتحدة ملتزمة بشراكات عميقة ومتفاعلة وحقيقية في القارة".
وكانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على أديس أبابا، وقيّدت الدعم الاقتصادي لإثيوبيا، وعلقت عضوية البلاد في قانون النمو والفرص الأفريقي، وهو اتفاق "تجارة تفضيلية"، على خلفية الصراع في تيغراي.
وبدورها، اعترضت الحكومة على لجنة تحقيق في جرائم الحرب في تيغراي تابعة للأمم المتحدة، وتسعى لمنع تمويلها.
اقرأ أيضاً: بوغدانوف: روسيا تعمل على افتتاح سفارات جديدة في أفريقيا
وكان الاتحاد الافريقي قد ساهم في التفاوض بشأن اتفاق السلام الموقع في بريتوريا في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، والذي أنهى أكثر من عامين من الصراع الدامي في تيغراي شمالي إثيوبيا، حيث تقدّر الولايات المتحدة أنّ نحو 500 ألف شخص قتلوا في هذا النزاع.
وقد بات رئيس الوزراء الإثيوبي، الحائز على جائزة نوبل للسلام لعام 2019، لدوره في إنهاء 20 عاماً من الحرب مع إريتريا المجاورة، شبه منبوذ من المجتمع الدولي حالياً، بعد أن كانت تعتبره واشنطن، في وقت سابق، "رمزاً" لجيل جديد من القادة الأفارقة التقدميين.
وقد استبعدت الولايات المتحدة، منذ كانون الثاني/يناير 2022، أديس أبابا، من المبادرة الأميركية التي تسمح للدول الأفريقية بإعفائها من الضرائب على بعض الصادرات، بسبب العقوبات عليها.
واشنطن في أفريقيا: الهدف مواجهة بكين وموسكو
وتأتي الزيارة في وقت ترغب فيه إدارة بايدن في الانخراط بشكل أكبر في أفريقيا، لمواجهة الحضور الصيني والروسي المتزايد فيها، والذي جاء على حساب النفوذ الأوروبي والأميركي.
ويزور بلينكن النيجر، البلد الذي يسوّق له الساسة الغربيون باعتباره "نجاحاً للديمقراطية" في غرب أفريقيا، بالرغم من استمرار أزمته الإنسانية كأحد أفقر البلدان في العالم.
وتحدّ النيجر من جهة الغرب دولة مالي، التي أجرت تقارباً مع روسيا، واستفادت من خبرات مستشارين عسكرييين من روسيا، لمواجهة التنظيمات الإرهابية المتطرفة، ودحرها إلى المناطق الحدودية النائية، فيما قطعت باماكو في المقابل التحالف العسكري مع فرنسا وشركائها الأوروبيين.
وكانت صحيفة "واشنطن بوست" قد ذكرت، الشهر الفائت، نقلاً مسؤولين ليبيين وسودانيين ومصريين، أنّ "إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تعمل منذ شهور مع القوى الإقليمية، مثل مصر والإمارات، للضغط على القادة العسكريين في السودان وليبيا لإنهاء علاقاتهم مع المجموعة".
وأشارت "واشنطن بوست"، في السياق، إلى أنّ مؤسسة "فاغنر" الروسية، كان لها دور محوري في ليبيا والسودان، وتحديداً في المحادثات الأخيرة بين مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز، ومسؤولين في مصر وليبيا في كانون الثاني/يناير"، الذي اعترف لاحقاً أنّه "كان قلقاً بشأن حضور فاغنر المتزايد في أفريقيا، بعد سفره مؤخراً إلى القارة".
وبحسب مسؤولين مصريين، فإنّ وزير الخارجية أنتوني بلينكين ناقش أيضاً نفس القضية، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي في رحلة أواخر كانون الثاني/يناير الفائت إلى القاهرة، لكنّ مراقبين قالوا إنّه "لا يوجد دليل حتى الآن على أنّ ضغوط إدارة بايدن أسفرت عن نتائج سواء في السودان أو ليبيا"، وفق "واشنطن بوست".
وكانت الولايات المتحدة كشفت، في آب/أغسطس الفائت، إعادة صياغة شاملة لسياستها في أفريقيا جنوبي الصحراء، بحيث تعتزم "مواجهة الوجود الروسي والوجود الصيني، وتطوير أساليب غير عسكرية ضد الإرهاب"، مؤكدةً أنّ "للولايات المتحدة مصلحة كبيرة في ضمان إبقاء المنطقة مفتوحة ومتاحة للجميع، وأنّ الحكومات والشعوب يمكنها بنفسها اتخاذ خياراتها السياسية".
واعتبرت الوثيقة الأميركية، أنّ بكين تتصرف في أفريقيا كأنّها "ساحة لتحدي النظام الدولي القائم على قواعد، ولتعزيز مصالحها التجارية والجيوسياسية الخالصة، ولإضعاف علاقات الولايات المتحدة بالشعوب والحكومات الأفريقية".
وبالنسبة إلى روسيا، فذكرت الوثيقة أنّها "ترى أنّ المنطقة تمثّل بيئة مستباحة للشركات شبه الحكومية والعسكرية الخاصة، وغالباً ما تخلق حالة من عدم الاستقرار من أجل كسب مزايا استراتيجية ومالية".