في المكان والتوقيت.. ماذا في رسائل ما رجع به "هدهد" حزب الله؟

الإعلام الحربي في المقاومة الإسلامية في لبنان ينشر مشاهد مفصّلة ودقيقة لبنك من الأهداف الاستراتيجية والهامة لدى الاحتلال الإسرائيلي في شمال فلسطين المحتلة. فماذا في المكان والتوقيت؟

  • من المشاهد المفصّلة وعالية الدقة التي نشرها الإعلام الحربي عن أهداف في مدينة حيفا المحتلة
    من المشاهد المفصّلة وعالية الدقة التي نشرها الإعلام الحربي عن أهداف في مدينة حيفا المحتلة

نشر الإعلام الحربي في المقاومة الإسلامية في لبنان، الثلاثاء، مشاهد استطلاع جوي لمناطق في شمال فلسطين المحتلة عادت بها طائرات القوة الجوية في المقاومة، وذلك تحت عنوان: "هذا ما رجع به الهدهد". 

وخلال 9 دقائق ونصف الدقيقة ضمن الحلقة الأولى، أظهرت مشاهد مفصّلة وعالية الدقة، عدداً من الأهداف الاستراتيجية والهامة لدى الاحتلال الإسرائيلي في مدينة حيفا المحتلة، منها مجمّع الصناعات العسكرية لشركة رافاييل، ومنطقة ميناء حيفا وما تحويه من بنك أهداف، ومحطة الكهرباء وخزانات المواد الكيميائية والنفط والمطار، وأيضاً مخازن القبة الحديدية ومنصاتها، بالإضافة إلى منطقة "الكريوت" شمالي المدينة. 

فما هي أبعاد هذا الفيديو لناحية قدرة المقاومة التي أظهرها؟ وماذا يعني هذا التصوير الجوي الدقيق للقوة الجوية للمقاومة لمرافق حيوية في حيفا المحتلة، في المكان والتوقيت؟ 

قدرات متفوّقة ومتقدّمة 

في هذا السياق، رجّح محلل الميادين للشؤون الأمنية والعسكرية، العميد شارل أبي نادر، أنّ حزب الله استخدم مسيّرة "هدهد 3" إيرانية الصنع، موضحاً أنّها "طائرة كهربائية بلا بصمة حرارية أو صوتية، ما يُصعّب اكتشافها وملاحقتها".

وأضاف أبي نادر للميادين أنّ مسيّرة "هدهد 3" "لديها القدرة على أن تحمل مجموعة متنوّعة من الكاميرات، فيما صوتها منخفض"، و"تبلغ سرعتها القصوى 70 كيلومتراً في الساعة، وبإمكانها التحليق لأكثر من ساعة". 

وعقّب قائلاً إنّ "مسيّرة الهدهد، كما يبدو، هي طائرة متفوّفة ومتقدّمة جداً في هذا المجال"، فهي "دخلت إلى عقر دار القدرات العسكرية الإسرائيلية، حيث أظهرت "مرفأ حيفا، والقاعدة البحرية الشمالية، وعدة نماذج لمدمّرات ساعر، ومصنع رافاييل الذي يشكّل عصب الصناعات العسكرية للاحتلال، ولاقتصاده الذي يمدّه بالتجهيزات غالية الثمن". 

وتابع أبي نادر أنّ "دخول المقاومة الإسلامية إلى هذه المنطقة الحساسة والاستراتيجية هي قدرة تُسجّل لطائرات الهدهد ولمن أدارها".

كما أشار إلى أنّ الموضوع لا يتعلق فقط فيما صوّرته المسيّرة، بل "يتعلق في ما يملكه حزب الله من قدرة على تحديد المواقع وتحليلها وتمييزها"، إذ إنّ ما نُشر من مشاهد "يُضاف إلى المعلومات التي أتت بها الطائرة، لكي تتشكّل قاعدة بيانات استعلامية أساسية"، وهنا "الحديث عن مستوى متقدّم جداً من الاستعلام". 

وعليه، شدّد  أبي نادر على أنّ "كلّ القدرات العسكرية، البرية والجوية، وحتى الاقتصادية للاحتلال الإسرائيلي، أصبحت مهدّدة من جانب المقاومة الإسلامية في لبنان". 

لماذا تسمية الهدهد؟

بدوره، أشار العميد محمد عباس إلى أنّ "المقاومة أثبتت أنّ لديها وسائل متطورة جداً"، فمسيّراتها "تجاوزت كل وسائل الدفاع الجوي وعادت من دون أن تتمكّن هذه الوسائل من كشفها". 

وأضاف العميد عباس للميادين أنّ الفيديو كشف عشرات الأهداف "السوبر حيوية" في حيفا المحتلة، موضحاً أنّ تسمية "الهدهد" تُعبّر عن المسافة البعيدة التي قطعها وعودته مع الخبر اليقين.

"أثمن بنك أهداف"

من جانبه، وفيما يخصّ أهمية الأماكن التي نشرها الحزب، أكّد الخبير في الشؤون العسكرية والأمنية اللواء واصف عريقات أنّ ما كشفه حزب الله في الفيديو الأخير يُشكّل أثمن بنك أهداف لدى الاحتلال، مشيراً إلى أنّ "الرسالة وصلت". 

وأضاف عريقات للميادين إلى أنّ "ما يجري الآن ليس حرباً ميدانية، بل هي حرب على الوعي، وأثبتت أنّ الجيش الذي لا يقهر قهر وانهزم وتقهقر". 

كما لفت إلى أنّ "وصف إسرائيل للفيديو بالخطير جداً، يقرّ بقوة المقاومة وقدرتها على رد الصاع صاعين وتفوّقها في مجال الدقة والمعلومات". 

رسائل ردع

أيضاً، تحدّث محللو الميادين عن الرسائل التي أراد حزب الله توجيهها من خلال الفيديو، خصوصاً وأنّ نشر الفيديو يتزامن مع زيارة المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، إلى بيروت، حيث بحث مع المسؤولين اللبنانين التصعيد عند الحدود مع فلسطين المحتلة ومستجدات الحرب على غزة ولبنان، وأيضاً يتزامن مع تزايد التهديد الإسرائيلي بشأن توسيع الحرب. 

وقال العميد شارل أبي نادر إنّ رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو "ربّما كان يريد أن يهرب إلى الأمام نتيجة ما حقّقته المقاومة من ضغط غير مسبوق على العدو في الجبهة الشمالية، وهو يتدحرج بشكل كبير".  

وعليه، أكّد أنّ "المشاهد تُظهر، في هذا السياق، رسالة ردعية بمستوى مرتفع جداً". 

بدوره، قال الخبير العسكري، خالد غرير، إنّ ما نُشر يُشير إلى أنّ "الردع أصبح لبنانياً وليس إسرائيلياً، بما معناه أنّ المقاومة هي من تردع الجيش الإسرائيلي".

وأضاف غرير للميادين أنّ "هذه المشاهد سيقف عندها العسكريون طويلاً"، فيما "الحديث عن حرب مفتوحة بات مشكلة كبيرة". 

ولفت إلى أنّ هذه المشاهد "هي جزء من عامل الردع الذي تمكّنت المقاومة من صياغة حدوده ووضع معادلة ثقيلة جداً وصعبة على الحل بالنسبة إلى الإسرائيليين". 

كما أوضح أنّ "الإعلان عن أنّ هذه هي الحلقة الأولى هو إعلان كارثي للاحتلال، إذ إنّه يعني أنّ هناك خروقات في مناطق أخرى وأنّ ما نُشر من بنك أهداف ما هو إلّا جزء من بنك أهداف كبير تعِدّ له المقاومة العدّة". 

وبيّن غرير أنّ "حزب الله، يقول من خلال هذه المشاهد، إنّ لصواريخه الدقيقة أهدافها المحدّدة". 

 وبالنسبة إلى الحديث عن أنّ هذه المشاهد يمكن الحصول عليها من "غوغل إيرث"، أكّد غرير أنّ "غوغل إيرث" متواطئ مع كيان الاحتلال ويُخفي عمداً المواقع ويحجب الكثير من المعلومات"، مشدّداً على أنّ "المقاومة لا بدّ وأن تستخدم المسيّرات لإبقاء حالة الاستعلام قيد التحديث بشكل دائم، ولقراءة الميدان بشكل أفضل". 

في هذا السياق، شدّد على أنّ "الاحتلال يعاني من إخفاق استراتيجي أمام الهوّة الكبيرة بين قدراته وقدرات المقاومة"، بحيث إنّ المقاومة "ألغت التفوّق الإسرائيلي ميدانياً وباتت قادرة على توجيه ضربات مؤلمة له".

ميناء حيفا

يُعدّ ميناء حيفا من أهم موانئ الاحتلال الإسرائيلي، فهو نافذته نحو البحر المتوسط.

تسمح محطات ميناء حيفا بدخول سفن الحاويات الضخمة ونقل أي نوع من البضائع مثل الحاويات والحبوب والمواد الكيميائية والمركبات والوقود.

يقع الميناء إلى جوار أكثر طرق الشحن البحرية ازدحاماً في العالم، سواء المقبلة إلى قناة السويس أو المغادرة منها، كما يعدّ الأكثر ابتكاراً وتقدّماً في "إسرائيل"، وتجري إدارته على نحو محوسب وفعّال ومتسارع، مع التركيز على تحسين عمل تفريغ وتحميل البضائع.

ولا تقتصر أهمية ميناء حيفا على دوره الاقتصادي فحسب، بل تمتدُّ لتشمل ما يمثّله الميناء من موقع عسكري مهم جداً، حيث يحتوي على أسلحة نووية وغير تقليدية، ففي الجانب الشرقي منه، تقع قاعدة "بولونيوم" للأسلحة البحرية، وتحتوي على صواريخ برؤوس نووية، وهي القاعدة التي تُعدّ مقراً للغوّاصات الحربية وخصوصاً من نوع "الدلفين"، المعدّة لحمل صواريخ ذات رؤوس نووية.

ويُعدّ الميناء منطقةً حيوية لتفقُّد السفن الحربية الإسرائيلية، ويحتوي كذلك على حوض لصناعة السفن الحربية، حيث تجهّز تلك الأحواض بالأنظمة القتالية والتقنية واللوجستية بما يتكيّف ومهام سلاح البحرية الصهيوني.

اقرأ أيضاً: إعلام إسرائيلي عن فيديو "الهدهد": خطير جداً.. ويظهر أن بنك أهداف حزب الله ليس صغيراً

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.

اخترنا لك