طلاب مصريون من السودان: الطلقات تدخل البيوت ومن لم يمت بالرصاص سيموت من الجوع
القتال بين الأطراف المتنازعة مستمر في السودان، وكذلك معاناة بعض الطلاب المصريين الذين طالبوا حكومتهم بإجلائهم في ظل ظروف صعبة وغير واضحة المعالم حتى الساعة.
منذ 17 نيسان/أبريل الماضي، يسأل كثيرون عمّا يحدث في السودان . ما زال القتال مستمراً منذ 5 أيام بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، على الرغم من إعلان الهدنة. مناشدات كثيرة لوقف الاقتتال واللجوء إلى طاولة الحوار، لكن لا آذان صاغية حتى الساعة. الأحداث تتسارع، والتعليقات الدولية تتوالى، لكن لا يوجد تغيير حقيقي في المشهد، وما زالت أصوات القتال والموت والدمار مرتفعة، والأضرار التي قد يراها البعض "هامشية" تكبر.
آخر هذه المناشدات، وربما أبرزها، كان لطلاب مصريين في السودان أرسلوا نداءات استغاثة لذويهم ودولتهم للمساعدة في إرجاعهم إلى مصر في أسرع وقت ممكن، فماذا حدث؟
أكثر من 10 آلاف مصري يعيشون في السودان، نصفهم على الأقل طلاب يدرسون في عدد من الجامعات السودانية، كجامعة الأفق وجامعة النيل وجامعة "غاردن سيتي" وجامعة أفريقيا العالمية، تحدثوا إلى وسائل إعلامية، وأطلقوا نداءات استغاثة لتأمين عملية إعادتهم إلى مصر في أقرب وقت. مساعد وزيرة الهجرة لشؤون المصريين في الخارج، السفير عمرو عباس، أكّد وجود 5 آلاف طالب من بين 10 آلاف مصري في السودان.
"لا توجد أماكن آمنة نلجأ إليها"
الميادين نت تحدثت إلى عدد من الطلاب، وسألتهم عن أوضاعهم، ولا سيّما أن القتال مستمر، وليس معلوماً ما إذا كان سينتهي في وقت قريب أو سيمتد إلى حرب طويلة وفوضى شاملة.
محمود أبو الدهب أحد الطلاب الذين جاؤوا إلى السودان منذ 3 سنوات لدراسة طب الأسنان، وصف الوضع بـ"الصعب"، وأكّد "إطلاق أعيرة نارية وصواريخ من الطائرات وسقوط قذائف على المنازل".
حاول محمود وصف الوضع الحالي، وقال: "لو أنت في أوضتك، الضرب بيخرم الحيطان، وحالياً مفيش أي أماكن آمنة نلجأ إليها"، مشيراً إلى أن "الوزيرة أحصت عدد الطلاب في السودان، لكن من دون أي تغيير على أرض الواقع".
محمود قال إن "الوفيات كثيرة بين الطلاب، والمياه والكهرباء مقطوعة منذ 4 أيام بشكل كلّي، والمحال تفتقر إلى وجود أي نوع من الطعام"، مضيفاً: "اللي مش هيموت بالرصاص هيموت من العطش أو الجوع، النهارده نص الطلبة لو مشربتش هتموت حرفياً".
الخلاف بين الطلاب السودانيين والمصريين أرجعه محمود إلى "بعض القنوات الإعلامية التي نشرت أنّ السبب هو وجود قوات مصرية في مطار مروى، وحرّضت بعض السودانيين لإخافة المصريين وترهيبهم، ليكونوا وسيلة ضغط على مصر حتى تدعم أطرافاً معينة".
وأضاف للدلالة على ذلك: "بالتزامن مع قيام مصر بقصف قوات الدعم السريع في ميناء بورتو سودان، قامت قوات الدعم بالدخول إلى منازل المصريين"، وأرسل الطالب المصري للميادين نت بعض التسجيلات التي تظهر رعب الطلاب وصراخهم وطلبهم الاستغاثة.
من جهته، قال الطالب سليمان القوني إن "الأوضاع تزداداً سوءاً، وكذلك إطلاق النار"، مؤكداً أن الطلاب لا يستطيعون الخروج من المنازل، ولا سيّما أن الكهرباء مقطوعة بشكل دائم".
وأضاف: "الطلقات تدخل إلى البيوت بشكل عشوائي، ما يعني أن حياتنا مهددة بالخطر".
ودعا القوني الرئيس المصري والسلطات المصرية إلى التدخل الفوري لإجلاء الطلاب وإنقاذ أرواحهم.
وتحدث عدد من الطلاب الذين طلبوا عدم ذكر اسمهم عن الأوضاع السيئة التي يعيشونها، وعن المبالغ التي يضطر البعض إلى دفعها للحصول على الحماية الشخصية، نظراً إلى أن الأمان مفقود تماماً.
الطلاب المصريون في #السودان يطلقون نداءات استغاثة لإعادتهم إلى مصر في أقرب وقت، ويقولون إن الطلقات تدخل البيوت، ومن لم يمت بالرصاص سيموت من الجوع! pic.twitter.com/YmQUyJPY40
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) April 19, 2023
اقرأ أيضاً: طلاب مصريون في السودان يرسلون استغاثات لإعادتهم إلى مصر
"شلل تام"
وعلّق الصحافي السوداني عبد الله النصيح على الحالة الإنسانية في السودان، وقال إن "الأوضاع متأزمة بسبب الاشتباكات، والخوف والرعب يسيطران على الشارع السوداني"، مشيراً إلى أن "المستشفيات تعاني نقصاً وانعداماً في بعض المعدات الطبية، وأن بعض المستشفيات صار خارج الخدمة".
وأضاف النصيح في حديث إلى الميادين نت: "مرضى الفشل الكلوي يعانون عدم وجود مراكز للغسيل، ولا تستطيع الكوادر الطبية الوصول لمعالجة المصابين"، مشيراً إلى وجود "بعض العاقلين الذين ينتظرون فترات الهدنة للخروج".
وأكّد أن "الأسواق شبه مغلقة، وأن هناك شللاً تاماً في بعضها، إضافةً إلى ارتفاع الأسعار وانقطاع التيار الكهربائي".
وتابع الصحافي السوداني أن "الوضع في البلاد صعب جداً، والتنقل شبه مستحيل، حتى داخل أحياء العاصمة الخرطوم، وكذلك السفر إلى الولايات السودانية الأخرى، والمطارات لا تعمل".
وعن الهدنة التي أعلنت أمس، أكّد النصيح أن "أصوات الرصاص لا تزال تسمع في عدد من المناطق، ولا سيّما الخرطوم"، مؤكّداً أن "خرق الهدنة يعوق وصول المساعدات الإنسانية والكوادر الطبية وخروج العاقلين".
وأكّد خلال حديثه إلى الميادين نت أن الشعب السوداني بشكل عام يرفض أي تدخّلات الخارجية، ولا سيّما التدخلات الإسرائيلية.