رغم تمديد الهدنة.. تجدد إطلاق النار في الخرطوم ومدينة بحري
على الرغم من تمديد الهدنة، شهود يفيدون بتردّد دوي إطلاق نار كثيف في أنحاء الخرطوم مجدداً، ومواطنون يقولون إنّ طرفي النزاع يتجاهلون محنتهم.
تردّد دوي إطلاق نار كثيف في أنحاء الخرطوم مجدداً، اليوم الجمعة، وقال مدنيون محاصرون في العاصمة السودانية إنّ الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية يتجاهلون محنتهم.
وقال عثمان حسن (48 عاماً) وهو من سكان أحد الأحياء الجنوبية على أطراف الخرطوم: "منذ الصباح نسمع أصوات تبادل عنيف لإطلاق النار، ومنذ أربعة أيام الكهرباء مقطوعة ونعيش في ظروف صعبة.. نحن ضحايا في حرب لسنا طرفاً فيها ولا أحد مهتم بالمواطن".
وعلى الرغم من إعلان وقف إطلاق النار لمرات عديدة، بدا أن الجانبين يتصارعان للسيطرة على أراض في العاصمة قبل المحادثات المقترحة.
وقال شاهد لرويترز إنّه سمع دوي نيران كثيفة أيضاً في مدينة بحري المجاورة للخرطوم مع تحليق طائرات في سماء المنطقة.
وكانت أعلنت قوات الدعم السريع في السودان، في وقت سابق من اليوم، الموافقة على تمديد الهدنة الإنسانية لمدة 72 ساعة "استجابةً لوساطة أميركية سعودية، من أجل فتح الممرات الإنسانية وتسهيل حركة المواطنين والمقيمين وتمكينهم من قضاء احتياجاتهم والوصول إلى مناطق آمنة".
في المقابل، أكدت القوات المسلحة السودانية، مساء الخميس، أن "الموقف العملياتي في جميع أنحاء السودان وكل المدن والمناطق العسكرية مستقرة وهادئة، ما عدا أجزاء من منطقة العاصمة ومدينة الأبيض في ولاية شمال كردفان"، واتهمت قوات الدعم السريع بمواصلة خرق الهدنة المعلنة منذ صباح الخميس.
وحتى الآن، لم يُبدِ قائدا الطرفين سوى القليل من الاستعداد علناً للتفاوض بعد مرور أكثر من أسبوعين على اندلاع القتال.
وتسبب الانزلاق المفاجئ إلى الحرب في مقتل المئات وحدوث كارثة إنسانية ونزوح جماعي للاجئين إلى الدول المجاورة. كما يهدّد باستقطاب قوى خارجية مما يزيد من زعزعة الاستقرار في منطقة مضطربة بالفعل.
وتعرّضت المصانع والبنوك والمتاجر للنهب أو التخريب في أنحاء الخرطوم وتعطّلت إمدادات الكهرباء والمياه. وأفاد السكان بارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية.
"هيومن رايتس ووتش": طرفا النزاع يظهران استخفافاً بأرواح المدنيين
وقال محمد عثمان، الباحث في الشؤون السودانية بـ "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير يوثّق الأضرار التي لحقت بالمستشفيات ومحطات معالجة المياه بسبب القتال، إنّ "الطرفين المتحاربين يظهران استخفافاً بأرواح المدنيين باستخدام أسلحة غير دقيقة في مناطق حضرية مأهولة بالسكان".
وقالت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان إنّ "أحد مستشفيات الولادة الرئيسية في البلاد، وهو مستشفى الدايات في مدينة أم درمان المجاورة، تعرّض للنهب واحتلّته قوات"، أمس الخميس.
وذكرت أنّ "17 مستشفى في المجمل تضرّرت من جرّاء القتال، وأنّ 20 تمّ إخلاؤهم قسراً منذ بدء أعمال العنف"، مضيفةً أنّ "60 مستشفى من أصل 88 في الخرطوم خارج الخدمة وأنّ العديد من المستشفيات الباقية لا تقدّم كامل خدماتها".
وضغطت الأمم المتحدة على طرفي الصراع لضمان المرور الآمن للمساعدات بعد نهب ست شاحنات. وقال منسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن جريفيث إنّه يأمل في عقد اجتماعات مباشرة مع الجانبين للحصول على ضمانات تتعلق بأمن قوافل المساعدات.
وقدّر برنامج الأغذية العالمي أنّ مساعدات غذائية قيمتها ما بين 13 إلى 14 مليون دولار تعرضت للنهب حتى الآن.
أقرأ أيضاً: الأمم المتحدة: سرقة 17 ألف طن من المساعدات المخصصة للمحتاجين في السودان
وتقول الأمم المتحدة إنّ نحو 100 ألف فرّوا من السودان من دون ما يكفيهم من الطعام والمياه إلى بلدان مجاورة.
ودعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين اليوم الجمعة الدول إلى السماح للمدنيين الفارين من السودان بدخول أراضيها.
وقالت إليزابيث تان، مديرة الحماية الدولية بالمفوضية، للصحافيين في إفادة بجنيف: "ننصح الحكومات بعدم إعادة الناس إلى السودان بسبب الصراع الدائر هناك ونقول إن هذه حركة لاجئين".
وأضافت تان أنّه "من المرجح أن تكون هناك حاجة لمستويات عالية من الحماية الدولية لهؤلاء الفارين".
وقالت المفوضية إن أكثر من 56 ألفاً دخلوا مصر عبر معبري قسطل وأرقين منذ الرابع من الشهر الحالي بينهم ما لا يقل عن 52500 سوداني، وفقاً لأرقام وزارة الخارجية المصرية.
وقالت المفوضية أمس الخميس، إنّها تستعد لتدفق ما يصل إلى 860 ألف لاجئ وعائد من السودان وستحتاج مع شركائها إلى توفير مبلغ 445 مليون دولار لدعم النازحين حتى تشرين الأول/أكتوبر.
وقال رؤوف مازو مساعد المفوض السامي لشؤون العمليات بالمفوضية إنّ "الوضع الإنساني في السودان وما حوله مأساوي، هناك نقص في الغذاء والماء والوقود، ومن الصعب الوصول إلى وسائل النقل والاتصالات والكهرباء، فضلاً عن ارتفاع حاد في أسعار المواد الأساسية".