بعد إجماع البرلمان على تنحية الدبيبة..هل يحتدم الصراع في ليبيا؟
تصاعدت الانقسامات في ليبيا بين الأطراف الداخلية، بعد الخطوة الأخيرة للبرلمان بشأن اختيار رئيس حكومة جديد بدلاً من عبد الحميد الدبيبة. هذه الخطوة ترفضها دول غربية والأمم المتحدة وأطراف ليبية.. فإلى أين يتجه المشهد السياسي الليبي؟
تثير خطوة البرلمان الليبي، اليوم، بشأن اختياره رئيس حكومة جديد، مخاوفَ من عودة ليبيا إلى الوضع الذي كانت عليه قبل تثبيت حكومة الوحدة الوطنية، بحيث كانت هناك حكومتان متصارعتان، تتطلع كلّ منهما إلى السيطرة على الحكم.
وتأتي هذه الخطوة، في وقت تشهد العاصمة طرابلس، خلال الأسابيع الماضية، تعزيز الوجود المسلح من عناصر ومعدات، على نحو يزيد في المخاوف من أزمة سياسية قد تطلق شرارة الاقتتال.
وصوّت مجلس النواب الليبي، اليوم الخميس، بالإجماع، على اختيار فتحي باشاغا رئيساً للحكومة الجديدة خلفاً لعبد الحميد الدبيبة، الذي يرفض الاستقالة، وأعلن تجاهله نتيجة التصويت في البرلمان من أجل اختيار بديل عنه. وقال إنه لن يسمح بمراحـل انتقالية جديدة، وإن حكومته مستمرة في عملها "إلى حين التسليم إلى سلطة منتخَبة".
ويعزو الدبيبة تمسُّكه برئاسة الحكومة إلى أن ملتقى الحوار السياسي، وهو سلسلة اجتماعات ليبية داخلية بدأت في أواخر عام 2020، من أجل الإسراع في إجراء انتخابات، حدَّد مدة عمل السلطة التنفيذية الانتقالية بـ18 شهراً تمتدّ حتى حزيران/يونيو 2022.
وشُكِّلت حكومة الدبيبة الانتقالية في آذار/مارس الماضي، بعد حوار بين الأطراف الليبيين رعته الأمم المتحدة، بعد أن كان هناك حكومتان متصارعتان: الأولى وهي حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، والمعترف بها من جانب الأمم المتحدة منذ عام 2016. والثانية هي الحكومة الموقتة، ويُطلَق عليها أيضاً اسم حكومة طبرق، ويترأسها عبد الله الثني المدعوم من المشير خليفة حفتر.
وحدّدت مهمة حكومة الدبيبة، في حينها، قيادة المرحلة الانتقالية إلى انتخابات رئاسية وتشريعية كانت مقررة في الـ24 من كانون الأول/ديسمبر الماضي، لكن تعذّر إجراؤها بسبب خلافات بين مؤسسات رسمية ليبية، ولاسيما بشأن قانون الانتخاب ودَور القضاء في هذا الاستحقاق، وعقبات أمنية وقضائية وسياسية.
وفي إثر تعثر إجراء الانتخابات، قام البرلمان الليبي، برئاسة عقيلة صالح، بتشكيل حكومة جديدة اليوم، معتبراً حكومة الدبيبة منتهية الصلاحية، ولا يجوز لها مواصلة عملها لأنها لم تحقق الهدف الذي شُكّلت من أجله، وهو إجراء الانتخابات.
وتفاعلت عدة أطراف مع الخطوة، بحيث تباينت الآراء بين من رحب بها ومن اعتبرها فترة جديدة قد لا تقدِّم الكثير، في ظل العراقيل الموجودة حالياً. ويرى البرلمانيون أن الحكومة الجديدة مطالَبة بتحقيق ما أخفقت فيه الحكومات السابقة، وتحقيق المصالحة الوطنية وإنجاز خريطة الطريق التي تتكلَّل بالانتخابات.
وتقول المستشارة الخاصة للأمم المتحدة بشأن ليبيا ، إن شرعية حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة لا تزال قائمة، وتحثّ مجلس النواب على التركيز في إجراء الانتخابات.
وزادت الخلافات بين مؤسسات الدولة، بعد قيام البرلمان الليبي باستبعاد المجلس الأعلى للدولة من مشاورات تشكيل حكومة بديلة عن حكومة الدبيبة، الأمر الذي رفضه رئيس المجلس خالد المشري، وأكد معارضته أي تعديل للسلطة التنفيذية، وتمسكه بالاتفاق السياسي لعام 2015، والذي ينص على أن المجلس الأعلى للدولة يتشاور مع مجلس النواب في عدة حالات، بينها سحب الثقة من الحكومة.
وقال عضو المجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، إن الوضع لن يتغيّر كثيراً عبر تغيير من هم في رأس السلطة التنفيذية، وخصوصاً في ظل تعقد المشهدين الداخلي والخارجي وتشابكهما، بينما قال عادل كرموس، عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، إن مشروع تغيير الحكومة ليس من أولويات مجلس الدولة، وإن الجانب الأهم بالنسبة إليه هو التعديل الدستوري الذي يوصل ليبيا إلى انتخابات، ويُنهي المراحل الانتقالية.
ورحّبت قوات شرقي ليبيا، بقيادة خليفة حفتر، اليوم الخميس، بقرار البرلمان تسمية فتحي باشاغا رئيساً للوزراء. والجدير بالذكر أن رئيس البرلمان عقيلة صالح مقرب وحليف لحفتر.
ورأى المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، في حديث إلى الميادين، أن خطوة البرلمان "تخلق أزمات سياسية جديدة في ليبيا، وخريطة الطريق التي وُضعت في جنيف انهارت تماماً، وما يحدث يقوده عقيلة صالح والمشري".
ومنذ سقوط نظام الرئيس اللليبي السابق، معمر القذافي، تتصارع الأطراف الليبية السياسية فيما بينها على السلطة، وعملية السلام متعثرة حتى اليوم، في ظل تصاعد نفوذ الميليشيات والتدخلات الخارجية.
وتدفع التدخلات الخارجية، في الشأن الليبي، الوضع نحو مزيد من التأزّم، وتفتح المجال أمام مزيد من سيناريوهات الاستقطاب والتوتر.
وكانت تركيا وقطر تدعمان حكومة الوفاق، برئاسة السراج، بينما دعمت مصر والإمارات والسعودية قوات شرقي ليبيا، بقيادة حفتر.