حزب الله وجبهة الشمال.. انهيار لمفهوم "المعركة بين الحروب" الإسرائيلي

محلل عسكري إسرائيلي يتحدث عن انهيار مفهوم "المعركة بين الحروب" الذي طبّقته "إسرائيل" ضد حزب الله في السنوات الماضية، وذلك مع دخول حزب الله لمعركة "طوفان الأقصى".

  • "يبدو فعلياً أنّ حزب الله لا يُبالي كثيراً بالمعركة بين الحروب، وأنّه لم يكن يبالي بها سابقاً"

نشر المحلل العسكري في موقع "إسرائيل ديفنس"، عامي روحكس دومبا، مقالاً طرح فيه سؤالاً عن مدى نجاح "المعركة بين الحروب" التي طبقتها "إسرائيل" ضد حزب الله على مدى سنوات، بإنهاكه.

وأضاف دومبا، مُجيباً على السؤال، أنّ النتائج "تُثير الشك حول ذلك"، إذ إنّ "المعركة بين الحروب كانت الخيار الأفضل الموجود لدى الجيش الإسرائيلي لتقديمه للجمهور، وتسويقه لديه، إلاّ أنه أغفل القيود المرافقة لهذا الخيار، والتي تكشفّت بشكل واضح في الأشهر الأربعة الأخيرة على الحدود الشمالية".

وأوضح، في هذا السياق، أنّ مفهوم "المعركة بين الحروب" يُحدّد بشكل مُبسّط، أنّه وبدلاً من حرب كبيرة كلّ عدّة سنوات، ستكون هناك "حروب مُصغّرة كثيرة، على أساس يومي أو أسبوعي، تدكّ مبنى قوّة حزب الله بتسلسل زمني، وتشمل النشاطات التي نُفذت في المعركة بين الحروب". 

ومن بين جملة أمور، يجري قصف مخازن وسائل قتالية، ووسائل إطلاق، ومكوّنات دفاع جوّي، ومكوّنات تشكيل طائرات غير مأهولة، وقوافل وسائل قتالية، وغير ذلك، بحيث "يفترض أنه في كلّ مرّة يبني فيها حزب الله قوّة جديدة في لبنان، يعمد الجيش الإسرائيلي إلى سحقها".

وعليه، كان يُقدّر المسؤولون الإسرائيليون أنّ "دكّ مبنى قوّته سيؤثّر على حزب الله، فتتراجع جرأته على الخروج إلى حرب ضدّ إسرائيل، بما أنّه عقلاني". 

وهكذا، كان يُفترض بـ"إسرائيل" أن تصل، عبر "المعركة بين الحروب"، إلى واقع يمتلك فيه حزب الله وسائل قتالية أقلّ (نسبة إلى الفترة التي بدأت فيها المعركة بين الحروب)، بحيث أنّ قوته "لا تتجاوز السقف الذي تريده إسرائيل".

وأمام هذا الواقع، أو التمني، بحسب المحلل العسكري، أقنع "الجيش الإسرائيلي الجمهور الإسرائيلي، خلال عقد مضى على الأقل، أنّ المعركة بين الحروب هي نجاح مدوٍ"ّ.

اقرأ أيضاً: إعلام إسرائيلي: مع نتنياهو.. لن نصل إلى الشمال

واقع مؤلم ومُغاير

لكن تبين يوم "السبت الأسود"، وفق دومبا، أنّ الواقع مؤلم ومغاير للتمنيات، فحزب الله لم يرتدع، وبدأ بإطلاق النار نحو "إسرائيل" منذ 4 أشهر، ولم يتوقف حتى هذه اللحظة. وهو "ليس فقط يدير حرباً بتكثيف منخفض ضدّ الجيش الإسرائيلي على الحدود الشمالية، لا بل يتحضّر في الموازاة لحرب بقوّة أكبر، بحيث يبدو فعلياً أنّه لا يُبالي كثيراً بالمعركة بين الحروب، ولم يكن يبالي بها سابقاً".

وأكثر من ذلك، ظهر حزب الله، بحسب دومبا، ليس فقط متحدياً لـ "الجيش الإسرائيلي" منذ 4 أشهر، بل "مهدداً أيضاً بحرب أوسع بفم ملآن"، مضيفاً أنّ هذه التصرفات والتهديدات التي يُطلقها ضد "إسرائيل"، تدل على أنّه "لا يخشى من رفع مستوى تكثيف الحرب".

ولفت أيضاً إلى أنّ الحزب "ما كان ليدخل أو يجرّ نفسه عمداً إلى حرب بتكثيف عالٍ مع الجيش الإسرائيلي، من دون أن يكون لديه ما يكفي من الوسائل القتالية، كونه لاعباً عقلانياً، وفق التقديرات الإسرائيلية".

في هذا السياق، تباهي حزب الله، في بيان، بأنشطته العسكرية، والتي تضمنت حتى الرابع من شهر شباط/فبراير الحالي 961 نشاطاً عسكرياً، تسبّبت بأكثر من 2000 إصابة إسرائيلية، وتدمير 56 آلية عسكرية، بينها 24 دبابة، وإلحاق الضرر بـ 237 وسيلة تكنولوجية إسرائيلية و25 نقطة حدودية، وتدمير أكثر من 500 وحدة سكنية في "إسرائيل".

وتابع دومبا أنّ الحزب نجح أيضاً بالتسبّب بهجرة داخلية لعشرات الآلاف من المستوطنين من مستوطناتهم على الحدود الشمالية منذ 4 أشهر، فيما "الحبل على الجرّار"، حيث تحوّلت المنطقة الشمالية، بسبب حزب الله، إلى "منطقة أشباح تتحرّك فيها فقط آليّات عسكرية". 

ورأى المحلل العسكري، وفقاً لهذه المعطيات، أنّ "المعركة بين الحروب" بدت "فاعليتها محدودة"، إذ "انهار هذا المفهوم بعد أن حلّ السبت الأسود، وبدأ حزب الله بقصف إسرائيل". فلو أنّ هذا المفهوم كان فاعلاً، "كان يفترض بالحزب أن يمتنع عن الدخول إلى حالة حرب مع إسرائيل، لكنه دخل فيها".  

وختم دومبا مقاله بطرح سؤال آخر بشأن الذي سيحصل في حال دخل "الجيش" الإسرائيلي بمناورة إلى لبنان، مجيباً بنفسه إجابةً طريفة هي "أنّ النبوءات أُعطيت للأغبياء".

اقرأ أيضاً: إعلام إسرائيلي: في ساعتين.. حزب الله يستطيع إطلاق نحو 1000 صاروخ على "تل أبيب"

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.

اخترنا لك