"أوروبا التي تحدث عنها ماكرون لم تعد موجودة".. لماذا؟
موقع "أنهيرد" البريطاني يقول إن أوروبا التي يتحدث عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لم تعد موجودة، ويشير إلى أن الفجوة بين الشرق والغرب عادت بقوة.
أفاد موقع "أنهيرد" البريطاني، اليوم الإثنين، بأن دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أوروبا إلى تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة وتطوير "استقلاليتها الاستراتيجية"، تسببت بنوبة غضب عبر المحيط الأطلسي.
وبحسب الموقع فإن ماكرون كشف واقع العلاقات الأوروبية الأميركية بدرجة أقل مما كشفته عن العلاقات الأوروبية الداخلية.
وجاء في التقرير أن أوروبا التي يتحدث عنها ماكرون لم تعد موجودة، مضيفاً أن حرب أوكرانيا تسببت بصدع هائل على طول حدود الستار الحديدي والفجوة بين الشرق والغرب عادت بقوة.
إلى ذلك، أشار التقرير إلى أن الانقسام بين الشرق والغرب كان أحد النماذج الجغرافية والسياسية المحددة لأوروبا لعدة قرون، لافتاً إلى أن التوترات والتناقضات بين الأوروبيين الآن باتت واضحة.
وبحسب الموقع، كان أحد الموضوعات المبكرة للخلاف هي روسيا، قائلاً إنه بعد الاتحاد السوفيتي ظلت العديد من دول أوروبا الوسطى والشرقية متشككة في النوايا الجيوستراتيجية لموسكو.
وعلى النقيض، عززت أوروبا الغربية العلاقات الاقتصادية مع روسيا ولا سيما بشأن الطاقة، بحسب الموقع ذاته.
وأضاف أن العديد من دول أوروبا الوسطى والشرقية أبرزها بولندا لديها أيضاً مظالم تاريخية ضد ألمانيا ومخاوف جدية بشأن ظهور محور روسي ألماني محتمل.
في حين "استفادت" أوروبا الوسطى والشرقية من كونهما جزءاً من "سلسلة التجميع القوية" في ألمانيا.
ومع ذلك، لفت التقرير إلى أن الانقسامات الأكثر وضوحاً بين الشرق والغرب ظهرت على أسس ثقافية، بدلاً من الخطوط الاقتصادية أو الجيوسياسية.
وطورت أوروبا الغربية ثقافة أكثر فردية وعلمانية تقدر الحقوق والحريات بينما كان للشرق تاريخ جماعي مع تركيز أكبر على الأسرة والمجتمع والعلاقات الاجتماعية والدين، وفقاً للموقع.
وقال إن محاولات الاتحاد الأوروبي لفرض قيمه التكاملية والتقدمية اجتماعياً عبر أوروبا الوسطى والشرقية أدت إلى التراجع، موضحاً أنه حتى وقت قريب كان التحول نحو الديمقراطية "غير الليبرالية" أو "ما بعد الليبرالية" في العديد من بلدان أوروبا الوسطى والشرقية يوصف بأنه "أحد أكبر التهديدات" التي يتعرض لها الاتحاد الأوروبي.
لكن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، بحسب الموقع البريطاني، أدت إلى تحول كبير في ميزان القوى الجيوسياسي في أوروبا من الغرب إلى الشرق، وحظيت هذه البلدان باهتمام دولي غير مسبوق وتمويل وغيرها.
وقال إن بولندا التي لطالما كانت مؤيدة بقوة لواشنطن والأطلسي، كان طموحها يتماشى بوضوح مع هدف أميركا لتحويل ميزان القوى نحو "أوروبا الجديدة".
ورأى التقرير أن الانقسام بين الشرق والغرب في أوروبا أكبر مما كان عليه منذ عقود وسيظل كذلك في المستقبل المنظور، لافتاً إلى أن لأوروبا الغربية مصلحة في الحد من اعتمادها على الولايات المتحدة والناتو.
بينما أوروبا الوسطى والشرقية لديها أسبابها للخوف من روسيا وتفضيل علاقات أقوى مع الولايات المتحدة والأطلسي، بحسب الموقع، إذا كانت دول مثل فرنسا جادة بشأن "الحكم الذاتي الاستراتيجي" فيبدو أنها ستضطر إلى القيام بذلك بمفردها.