تقرير طبي: الوقود الأحفوري يقتل الملايين ويزيد من تفاقم أزمة المناخ

تقرير طبي يحذّر من أن الإفراط في استخدام الوقود الأحفوري يؤدي إلى تفاقم مشكلة تغير المناخ بشكلٍ سريع، لأن الآثار المرتبطة بالطقس القاسي تترك 98 مليون شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، وترفع الوفيات الناجمة عن الطقس الحار.

  • إدمان الوقود الأحفوري يؤدي إلى تفاقم تغير المناخ
    الإفراط في استخدام الوقود الأحفوري يؤدي إلى تفاقم مشكلة تغير المناخ

حذّر أنتوني كوستيلو، الرئيس المشارك في دراسة "لانسيت كاونت داون" السنوية التي يجريها 99 خبيراً من 51 مؤسسة بينها منظمة الصحة العالمية، من أن "العالم يقف عند نقطة تحول. يجب أن نتغير، وإلا فإن أطفالنا سيواجهون تسارعاً في تغير المناخ يهدد استمرارهم".

هذه درجة الخطورة التي وصل إليها استخدام الوقود الأحفوري الذي لا تزال الغالبية الكبرى من البلدان تخصص مئات مليارات الدولارات في دعمه، وهي مبالغ توازي أو حتى تفوق ميزانيتها الصحية.

الإفراط في استخدام الوقود الأحفوري يقتل الملايين سنوياً

نبّه التقرير الذي نشرته مجلة "ذا لانست" (The Lancet) الطبية، ويلخص نتائج دراسة "لانسيت كاونت داون"، من الاعتماد العالمي الكبير على مصادر الطاقة الأحفورية، لاعتبارها مسؤولة عن الاختلالات المناخية، ومسببةً لتبعات سلبية خطرة على صحة البشر.

ووفقاً للتقرير، يتسبب حرق الوقود الأحفوري، بما في ذلك الفحم والنفط والغاز الطبيعي، في مقتل نحو 11,800 أميركي ونحو 1.2 مليون شخص على مستوى العالم كل عام.

وذكر التقرير، الذي فحص تغير المناخ في 103 دول، أن مساحة الأرض العالمية التي تأثرت بالجفاف الشديد نمت بنسبة 29% في الأعوام الخمسين الماضية.

ويترك ارتفاع درجات الحرارة والظواهر الجوية المتطرفة - التي يزيد احتمال حدوثها بسبب تغير المناخ - ما يقرب من 100 مليون شخص إضافي في مواجهة انعدام الأمن الغذائي الشديد حالياً، مقارنة بالفترة 1981-2010، وفق إليزابيث روبنسون، مديرة معهد أبحاث غرانثام في كلية لندن للاقتصاد، وهي من المساهمين الرئيسيين في التقرير.

وفي الوقت نفسه، زادت الوفيات المرتبطة بالحرارة بنسبة 68% بين عامي 2017 و2021 مقارنةً بالفترة 2000-2004، وزاد تعرض الإنسان لأيام عالية الخطورة على صعيد الحرائق بنسبة 61% خلال فترات مماثلة.

وأدى التعرض للحرارة، إلى ضياع 470 مليار ساعة عمل محتملة على مستوى العالم في عام 2021، ما أثر بشكلٍ غير متناسب في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وزاد من تأثير أزمة تكلفة المعيشة.

وفقاً للتقرير، يؤدي الاحتباس الحراري إلى انتشار الأمراض المعدية، إذ ارتفع معدل انتقال الملاريا بنسبة 32.1% في مناطق المرتفعات في الأميركيتين، و 14.9% في أفريقيا مقارنةً بخمسينيات القرن الماضي، مقارنةً بالفترة 1951-1960. وعلى الصعيد العالمي، زاد خطر انتقال حمى الضنك بنسبة 12% خلال هذه الفترة.

ووجد الباحثون أن 69 حكومة من بين 86 حكومة تم تحليلها في التقرير تدعم الوقود الأحفوري بتكلفة جماعية قدرها 400 مليار دولار في عام 2019. 

وأشارت الدراسة إلى أن الحكومات "فشلت حتى الآن في توفير مبلغ 100 مليار دولار سنوياً للمساعدة في دعم العمل المناخي في البلدان ذات الدخل المنخفض".

وعلق الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، على نتائج التقرير قائلاً: "إنّ أزمة المناخ تقتلنا.. إنها تضر ليس فقط بصحة كوكبنا، ولكن أيضاً بصحة جميع سكانه (...) بينما يتصاعد الإدمان على الوقود الأحفوري نحو مستويات خارجة عن السيطرة".

ودعا غوتيريش إلى الاستثمار في الطاقة المتجددة وتوفير مستلزمات الصمود بمواجهة تغير المناخ.

وقبل عام، أشارت منظمة الصحة العالمية في تقديرات لها إلى أن العالم سيشهد بين عامي 2030 و2050 حوالى 250 ألف حالة وفاة إضافية سنوياً ناجمة عن تغير المناخ.

إزالة الكربون عن الطاقة تستغرق 150 سنة

وبحسب الدراسة، تساهم البلدان نفسها في هذه الأزمات الصحية من خلال دعم الوقود الأحفوري، إذ إنّ 69 حكومة من بين 86 شملها التحليل تدعم إنتاج الوقود الأحفوري واستهلاكه، مع نفقات إجمالية صافية بلغت 400 مليار دولار عام 2019.

وبنتيجة ذلك، "انخفضت كثافة الكربون في نظام الطاقة العالمي (القطاع الأكثر مساهمة في انبعاثات غازات الدفيئة)، بنسبة أقل من 1% مقارنةً بعام 1992"، و"بالمعدل الحالي، سيستغرق إزالة الكربون بالكامل من نظام الطاقة لدينا 150 سنة"، بحسب التقرير.

وقال أستاذ الموارد والسياسات في كلية بارتليت في جامعة "يونيفرسيتي كولدج لندن"، بول إكينز، إنّ "الاستراتيجيات الحالية للكثير من الحكومات والشركات ستحجز العالم في مستقبل أكثر حراً بشكلٍ قاتل، وتربطنا باستخدام الوقود الأحفوري الذي يُبعدنا سريعاً عن آفاق عالم صالح للعيش".

وللتغلب على ذلك، دعا معدو التقرير إلى "استجابة متمحورة حول الصحة".

وبالتالي، من شأن تحسين جودة الهواء أن يمنع الوفيات الناجمة عن التعرض للوقود الأحفوري، والتي بلغ عددها 1,3 مليون في عام 2020 وحده.

اخترنا لك