تصاعد الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي.. كيف يُقرأ الدور الفرنسي؟
موقع بريطاني يشير إلى تحوّل منطقة الساحل الأفريقي إلى بؤرة استقطاب مركزية للإرهابيين حول العالم، لتحل محل الشرق الأوسط. فكيف أدّت فرنسا دوراً في نشر الإرهاب في القارة الأفريقية؟
ذكر موقع "UnHerd" البريطاني أنّ الصحراء الأفريقية حلّت محل الشرق الأوسط كمركزٍ للإرهاب العالمي، وأنّ منطقة الساحل الأفريقي أصبحت، بدءاً من هذا العام، مسؤولةً عن عدد وفيات نتيجة الإرهاب، أكبر من عدد الوفيات التي تسبب بها الإرهاب في جنوبي آسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مجتمعة.
وأورد كاتب التقرير، روب لوني، أنّ منطقة الساحل في جنوبي الصحراء الأفريقية الكبرى، أصبحت الآن بؤرة تستقطب الإرهاب من جميع أنحاء العالم، بحيث شكلت ما يقرب من 43% من إجمالي عدد القتلى نتيجة حوادث إرهابية في العالم، وفقاً لأحدث إصدار من مؤشر الإرهاب العالمي (GTI).
وأفاد تقرير "UnHerd" بأنّ الحوادث في منطقة الساحل زادت بدءاً من هذا العام، أكثر من 2000% في الأعوام الـ16 الماضية، ارتفاعاً من 1% من الإجمالي العالمي في عام 2007.
ويُنظر إلى منطقة الساحل منذ عدة أعوام على أنّها ساحة جديدة للعمليات الإرهابية، كما لفت التقرير إلى أنّ المنطقة شهدت 6 محاولات انقلابية منذ عام 2021 فقط، وأنّ أربعاً منها نجحت.
وأشار التقرير إلى أنّ عدم الاستقرار السياسي في المنطقة، هو ما يفسر هذه الأرقام، إلى حد ما، بينما يتركز معظم النشاط في المناطق الحدودية، حيث يصبح وصول الحكومات المركزية إليها أكثر صعوبة بسبب اتساع مساحات التغطية الأمنية.
اقرأ أيضاً: رئيس أفريقيا الوسطى: الغرب نهب ثرواتنا واحتجز الشعب رهينة
وركّز الموقع على أنّ جميع الدول العشر الأكثر تضرراً من الإرهاب، العام الماضي، كانت أيضاً متورطة في نزاع مسلح، وأنّ 98٪ من إجمالي الوفيات حدثت في مناطق الحروب، مشيراً إلى أنّ أربعاً من هذه الدول، الأولى في الترتيب، تقع في منطقة الساحل الأفريقي، بينما أصبحت المنطقة مسرحاً للصراع بالوكالة بين روسيا والغرب.
وتنسب مبادرة التصنيف العالمية "انحدار الساحل إلى العنف"، إلى عدد من العوامل، بما في ذلك ضعف الحكم والاستقطاب العرقي، ونمو أيديولوجيات إرهابية عابرة للحدود الوطنية، وعدم الاستقرار السياسي، بالإضافة إلى المنافسة الجيوسياسية على المنطقة.
ما الذي خلّفه الخروج العسكري الفرنسي مؤخراً؟
وربط التقرير بين رحيل القوات الفرنسية عن مالي، أواخر عام 2022، بعد حملة "مكافحة الإرهاب" التي استمرت ثمانية أعوام تحت اسم عملية "برخان"، وبين تصاعد العنف ضد المدنيين الماليين، واصفاً الرحيل الفرنسي بأنّه "أدى إلى تصاعد العنف ضد المدنيين".
وأخرجت فرنسا آخر جنودها من مالي، في 15 آب/أغسطس الماضي، على نحوٍ فاجأ الحكومة المالية، لأنّه جاء من دون تنسيق مسبّق معها، وهو الأمر الذي طرح عدداً من التساؤلات بشأن هذا الخروج، ودوافعه.
وأكّد التقرير أنّ الإحصاءات تُشير إلى وقوع 73% من الوفيات نتيجة الحوادث الإرهابية، العام الماضي، في مُجمل منطقة الساحل، في بوركينا فاسو ومالي فقط.
ويُعاني شمال مالي فراغاً أمنياً واسعاً بعد الانسحاب الفرنسي من البلاد، وثمّة مخاوف من استمرار تصعيد الجماعات الإرهابية هجماتها، وخصوصاً في المدن الكبرى.
وأشار محللون، في وقت سابق، إلى أنّ الجيش المالي لا يستطيع أن يملأ الفراغ الأمني الذي تركته فرنسا، ولفتوا إلى أنّ فرنسا نفسها ربما تريد هذا التصعيد، وتدعمه بعد خروجها، كي تُثبت للعالم أنّها "كانت تمسك بزمام الأمور في مالي".
وكان وزير خارجية مالي، عبد الله ديوب، ذكر في مقابلة مع الميادين أنّ النموذج الذي أرسته التجربة الدولية الفرنسية، لم يهدف إلى تعزيز قدرات الشعب المالي، الأمر الذي أدّى إلى تقويض الجيش والمؤسسات.
وأكد ديوب أنَّ هذا الخيار اتُّخذ من أجل "معاقبة السلطات المالية، التي قررت تغيير الاستراتيجية العسكرية التي تعتمدها، واستبدال شريكها الاستراتيجي".
وتعاني بوركينا فاسو، وخصوصاً النصف الشمالي منها، بصورة متكرّرة ومتزايدة، من جراء هجمات مجموعات مسلحة، مرتبطة بتنظيمي "القاعدة" و"داعش" الإرهابيين، أسفرت عن مقتل الآلاف، وأجبرت نحو مليوني شخص على الفرار من منازلهم. كما تُشير المتابعات إلى تزايد حدّة هذه الهجمات بعد الخروج الفرنسي من البلاد.