"بوليتيكو": واشنطن تستعد لإجلاء محتمل لمعظم موظفي سفارتها في النيجر
صحيفة "بوليتيكو" تنقل عن أوساط أميركية أنّ واشنطن تُحضّر لإجلاء محتمل لمعظم موظفي سفارتها في النيجر في أعقاب الانقلاب العسكري في البلاد.
ذكرت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية، اليوم الأربعاء، أنّ الحكومة الأميركية تستعد لإجلاء محتمل لمعظم موظفي سفارتها في النيجر، وذلك نقلاً عن دبلوماسي ومسؤول أميركي مطّلع على آخر المناقشات.
يأتي ذلك في أعقاب إعلان جيش النيجر عزل الرئيس محمد بازوم، وتشكيل "المجلس الوطني لحماية الوطن"، والذي تَرأسه مجموعة من القيادات العليا في الجيش.
وبحسب "بوليتيكو"، فإنّ القرار النهائي بالإجلاء لم يُتّخذ بعد، لكنّه وشيك، فيما أصدرت السفارة نموذج اتصال للمواطنين الأميركيين العاديين الذين قد يحتاجون إلى مساعدة في مغادرة النيجر.
وقال الدبلوماسي الأميركي إنّ أمر المغادرة المحتمل للولايات المتحدة سيشمل إجلاء معظم موظفي السفارة، لكن ليس جميعهم، مشيراً إلى إجلاء 20 من موظفي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية هذا الأسبوع.
وفي السياق، أخبر روبرت ستريك، الذي يدير شركة تُجلي الأميركيين المعرضين للخطر في الخارج، صحيفة "بوليتيكو"، أنّه "جرى الاتصال بفريقه من جانب كبار أعضاء حكومة الولايات المتحدة للاستعلام عن قدرة شركته على نقل المواطنين الأميركيين من النيجر".
وأضاف أنّه "على اتصال" بالحكومات الفرنسية والبريطانية والإيطالية أيضاً، ويخطط لنقل المسؤولين الأميركيين إلى "مكان آمن قريب"، في حين أنّه ليس من الواضح ما إذا كان بإمكان الدبلوماسيين الأميركيين وغيرهم من الموظفين مغادرة النيجر عبر وسائل خاصة من دون إذن الحكومة.
وكان البيت الأبيض قد أعلن، أمس الثلاثاء، أنّ الولايات المتحدة "لن تحذو حذو حلفاء أوروبيين في إجلاء مواطنيها" من النيجر في الوقت الراهن، مشيراً إلى "عدم وجود خطر داهم من جراء الانقلاب".
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، الجنرال باتريك رايدر، إنّ القوات الأميركية قلّصت بعض الأنشطة في النيجر، وبشأن التنسيق الأمني، فإنّ الجهود معلّقة حالياً في ضوء الأوضاع".
يُشار إلى أنّ للجيش الأميركي 1100 جندي في النيجر، يتمركزون بشكل أساسي في القاعدة الجوية 101 في نيامي، والقاعدة الجوية 201 في "أغاديز"، وهي منشأة تمولها الولايات المتحدة بقيمة 100 مليون دولار، وتستضيف طائرات أميركية من دون طيار.
وكانت القوات الأميركية تدرب وتقدم المشورة للقوات المسلحة النيجيرية، لكنّ البنتاغون علّق تلك المهمة إلى حد كبير بعد الانقلاب.
"بوليتيكو": انقلاب النيجر قد يكون ضربة لفرنسا والولايات المتحدة
وقبل يومين، أعلنت الخارجية الفرنسية بدء عمليات إجلاء الرعايا من النيجر، مشيرةً إلى أنّ فرنسا تعمل أيضاً على إجلاء الرعايا الأوروبيين من هناك.
كذلك، أعلن نائب رئيس الوزراء الإيطالي ووزير الخارجية والتعاون الدولي، أنطونيو تاياني، عن توفير رحلات جوية خاصة لإجلاء الرعايا الإيطاليين من النيجر.
وفي وقتٍ سابق اليوم، قال مسؤول في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس"، إنّ التدخل العسكري في النيجر سيكون "الخيار الأخير" الذي ستطرحه الهيئة لاستعادة النظام السابق في البلاد، لكن يجب "الاستعداد لهذا الاحتمال".
وصرح مفوض "إيكواس" المكلف الشؤون السياسية والأمن عبد الفتاح موسى، خلال افتتاح اجتماع لرؤساء أركان غرب أفريقيين في أبوجا، بأنّ "فريق إيكواس موجود في النيجر، بقيادة الرئيس النيجيري السابق الجنرال عبد السلام أبو بكر، بهدف التفاوض".
وكانت "إيكواس" قد فرضت عقوبات على النيجر عقب الانقلاب، وأوقفت جميع المعاملات التجارية والمالية بين الجمهورية الأفريقية وجميع الدول الأعضاء فيها، بالإضافة إلى تجميدها أصولها في البنوك المركزية لدول المجموعة، فيما أوقفت نيجيريا مد النيجر بالكهرباء في إطار العقوبات.
•النيجر🇳🇪
— Idriss C. Ayat 🇳🇪 (@AyatIdrissa) August 2, 2023
•نيجيريا🇳🇬
قطعت نيجيريا الكهرباء عن النيجر بعد الانقلاب، تمثلاً لقرار إيكواس. حيث تمثل نسبة الطاقة الكهربائية المستهلكة في النيجر والتي تأتي من نيجيريا قرابة 70٪ من الاحتياجات.
* الإشكالية: حتى الآن الشعب من يعاني، أما القصر الرئاسي والنخبة تستخدم الطاقة الشمسية!. pic.twitter.com/MuEBBM0lXz
وأعلن رئيس مفوضية "إيكواس"، عمر عليو تواري، "تجميد أصول المسؤولين العسكريين الضالعين في الانقلاب بالنيجر، وحظر السفر عليهم وعلى أفراد عائلاتهم، إلى جانب المدنيين الذين سيشاركون في أي حكومة يؤسسها هؤلاء المسؤولون العسكريون".
من جهتهم، حذّر قادة الانقلاب في النيجر، من أي تدخل عسكري في بلادهم، في بيان نشر أمس عبر التلفزيون الرسمي، معتبرين أنّ قمة "إيكواس" تهدف إلى "المصادقة على خطة عدوان ضد النيجر من خلال القيام بتدخل عسكري وشيك في العاصمة نيامي بالتعاون مع دول أفريقية ليست أعضاء في المنظمة وبعض الدول الغربية".
وأكّد القادة العسكريون في النيجر أنّ "أي تدخل عسكري في نيامي، سيجعلنا مضطرين للدفاع عن أنفسنا حتى آخر رمق"، وتابع: "نريد أن نذكّر مرةً أخرى، المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، أو أي مغامر آخر، بعزمنا الراسخ على الدفاع عن وطننا".
كذلك، ندّدت مالي وبوركينا فاسو، بالعقوبات التي فرضتها المجموعة الاقتصادية "إيكواس"، ضد النيجر، مؤكدتين أنّ أي تدخل عسكري ضد نيامي سيُعدُّ "إعلان حرب ضد واغادوغو وبامكو".
بدوره، طالب الاتحاد الأفريقي جيش النيجر بـ"العودة إلى ثكناته وإعادة السلطة الدستورية" خلال 15 يوماً، في حين أعلن الاتحاد الأوروبي، وقف المساعدات الاقتصادية، وتعليق التعاون الأمني مع النيجر.
وتُعدُّ النيجر، وهي دولة غير ساحلية في غرب أفريقيا، من أكثر البلدان التي تعاني انعدام الاستقرار في العالم، وهي شهدت أربعة انقلابات منذ الاستقلال عن فرنسا في عام 1960، إضافة إلى العديد من محاولات الانقلاب. وكان آخر الانقلابات في شباط/فبراير 2010 ضد الرئيس مامادو تانجا.
وتثير الأوضاع في هذا البلد الأفريقي مخاوف بشأن مستقبل البلاد والمنطقة، في وقت تواجه النيجر تحديات أمنية متزايدة، بسبب تهديد الجماعات المسلحة المتنامية في منطقة الساحل، كما تثير قلق الغرب، خصوصاً فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، لا سيما أنّ الرئيس المعزول، يُعدُّ رجل باريس الأول في دول الساحل الأفريقي.