انتخاب رئيسَي الجمهورية والحكومة في العراق.. آفاق للحل أم تعميق للأزمة؟
بعد ثلاث محاولات فاشلة، نجح البرلمان العراقي أخيراً في انتخاب رئيس للجمهورية، عيَّن بدوره محمد شياع السوداني رئيساً للحكومة، في خطوة يُنظر اليها أنها ستخرج البلاد من أزمة سياسية حادة.
منذ الانتخابات التشريعية العراقية في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2021، لم تتمكن الأطراف السياسية النافذة في بغداد، على رغم مفاوضات متعدّدة فيما بينها، من الاتفاق على اسم رئيس جديد للجمهورية، وتعيين رئيس جديد للحكومة.
وفي صُلب الأزمة بين المعسكرين الكبيرين، الإطار التنسيقي من جهة، والتيار الصدري من جهة أخرى، توتر الشارع العراقي، ووصلت الأمور إلى مواجهات دموية، أعلن في إثرها مقتدى الصدر الانسحاب من البرلمان، ثم اعتزاله وتياره العمل السياسي بالكامل. خيارٌ استفاد منه الإطار التنسيقي، على صعيد مجلس النواب، ليصبح أكبر كتلة.
اليوم، فوق هذه الأحداث، وبعد ثلاث محاولات فاشلة، نجح البرلمان العراقي في انتخاب عبد اللطيف رشيد رئيساً للجمهورية، وهو منصب شرفي، إلى حد كبير، مخصص للأقلية الكردية. وبدوره، كلَّف الأخيرُ محمد شياع السوداني تشكيلَ حكومة جديدة، في خطوة من شأنها إخراج البلاد من أزمة سياسية حادة، بحسب ما قال حسام الربيعي، عضو تجمع "السند الوطني".
وأمام السوداني الآن، كما يقتضي الدستور، 30 يوماً لتشكيل الحكومة. وأعرب السوداني، البالغ 52 عاماً، من البرلمان، عن أمله تشكيلَ حكومة "في أقرب وقت"، في حديث إلى صحافيين، اليوم الخميس.
من جهته، رأى الربيعي، في حديثه إلى الميادين، أن هناك أملاً كبيراً فيما يتعلق بتشكيل الحكومة في القريب العاجل، "والخطوات تتسارع في اتجاه هذا الموضوع".
اقرأ أيضاً: العراق: رئيس الجمهورية المنتخب يكلّف محمد السوداني تشكيل حكومة جديدة
الفاعل الأكبر في نجاح الوصول إلى هذه المرحلة سياسياً، بحسب ربيعي، هو انفتاح فالح الفياض، رئيس تحالف "العقد الوطني"، وأحمد الأسدي، رئيس كتلة "السند الوطني"، "على سائر شركائهما في الوطن"، وتشكيلهما ضمن الإطار التنسيقي، ومع "تحالف السيادة"، وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني، تحالف "إدارة الدولة"، الذي توافق على التسميات التي خرجت إلى العلن اليوم.
وأكد ربيعي أن التحالف الذي أدى إلى نجاح تكليف السوداني، أطلق يد الأخير في تشكيل حكومة يراها ملائمة لوضع العراق الحالي، سياسياً واقتصادياً، وخصوصاً أن الاتفاق مع الاتحاد الديمقراطي كان على الخطوط العريضة، وأبرزها قضية قانون الغاز والنفط، وحصره تحت سلطة الحكومة المركزية.
وكان ترشيح الإطار التنسيقي للسوداني في الصيف الماضي، شرارةً أشعلت التوتر بين الإطار والتيار الصدري، الذي اعتصم مناصروه أمام البرلمان نحو شهر. وأثبت زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في الأسابيع الأخيرة، قدرته على زعزعة المشهد السياسي، عبر تعبئة عشرات الآلاف من مناصريه للنزول إلى الشارع.
اقرأ أيضاً: العراق: البرلمان ينتخب عبد اللطيف رشيد رئيساً للبلاد.. فمن هو؟
أمّا اليوم، فـ"لا توجد أسباب حقيقية لتأجيج الشارع من جديد"، بحسب الربيعي، وخصوصاً أن الصدر اختار اعتزال العمل السياسي، و"على أتباعه الصدريين احترام رغبة قائدهم". وفوق ذلك، يرى الربيعي أن السوداني خاضع لمواصفات الصدر، أولاً بامتلاكه جنسية عراقية فقط، وثانياً بتدرجه الوظيفي داخل الدولة، وأخيراً بعدم وجود بحقه أي تهمة فساد.
في المقابل، يرى الكاتب والمحلل السياسي، عصام حسين، في تصريح للميادين، أن "موقف التيار الصدري واضح، منذ إعلان جلسة انتخاب الرئيس، بعدم التدخل بأي شأن سياسي، لا من قريب ولا من بعيد". كما أن "عدم وجود رأي علني أو تغريدة من الصدر دليل على عدم اكتراث الصدر للعملية كلها، وتأكيد مفاده أنه بعيد عن كل هذه التفاهمات".
أمّا بالنسبة إلى عملية اللجوء إلى الشارع مجدداً، أكد حسين "أن هذا الخيار منوط بالأداء الحكومي المرتقب، والذي لن ينجح بسبب قيامه على أسس المحاصصة" بين أكثر من 30 جهة سياسية داخل البرلمان وخارجه.
فالإطار التنسيقي، بحسب حسين، "لا يتفق مع حلفائه، إلّا على معاداة التيار الصدري". لذلك، "فإن السوداني لن ينجح في العمل". وعليه، يتوقع حسين أن يكون عنوان المرحلة المقبلة هو "تكدس الأزمات".