المغرب: الحكومة تقرر منح معونة عاجلة للمتضررين.. والزلزال يزيد في معاناة المزارعين
الحكومة المغربية تقرر منح معونة عاجلة للأُسر المتضررة من الزلزال، والكارثة تخلّف تداعيات هائلة في المناطق الجبلية وتزيد من معاناة المزارعين المغاربة.
ذكرت وسائل إعلام مغربية، اليوم الخميس، أنّ حكومة البلاد قررت منح معونة عاجلة بقيمة 30000 درهم (نحو 3 آلاف دولار) للأُسر المتضررة من الزلزال.
وأفاد الإعلام المغربي بأنّ الحكومة قررت تقديم مساعدة مالية مباشرة نحو 13.8 ألف دولار للمساكن المنهارة بالكامل، و7.8 ألف دولار للمساكن المنهارة جزئياً.
بدوره، وجّه العاهل المغربي بإطلاق برنامج متكامل لإعادة بناء وتأهيل المناطق المتضررة من الزلزال.
وضربت، صباح اليوم الخميس، هزة ارتدادية بقوة 4.8 درجات على مقياس ريختر وسط المغرب، شعر بها سكان منطقة تارودانت.
وتتواصل جهود الإنقاذ والإغاثة من جراء الزلزال الذي ضرب البلاد، مساء الجمعة الماضي، وسط تقديم عدّة دول عربية وأجنية مساعداتها.
وتواجه الحكومة المغربية تحديات اقتصادية، فرضها واقع ما بعد الزلزال، وتأثرت مناطق مغربية ذات أهمية اقتصادية بفعل الزلزال الأخير، خاصة مدينتي مراكش وورزازات.
الزلزال يضاعف معاناة المزارعين
لم يبق من قريته سوى ركام، وفرغ حقله المزروع بأشجار التفاح من الثمار قبل أوانه، لكن محمد المتوّق "لن يبارح أرضه" التي تشكّل شريان حياة له على غرار كثر في هذه المنطقة الجبلية من المغرب المدمّرة من جراء الزلزال.
ويروي المزارع البالغ 56 عاماً، فيما يقف عاجزاً في حقله الذي يزرع فيه التفاح والجوز وخضراوات وسط سلسلة جبال الأطلس الكبير، "كنا نعتقد أنّ البرد هو أسوأ عدو لنا، لكن الآن هناك عدو آخر: الزلزال، لقد دمّر كلّ شيء".
يشير الرجل إلى أشجاره التي زرعت بعناية من جيل إلى آخر في عائلته، تحت منازل تقليدية بنيت بالحجارة والخشب، وقد تحطّمت تماماً.
يحلّ موسم جني الثمار في الخريف، لكن تفاحاته الحمراء تناثرت على العشب الأخضر، وامتزجت رائحتها برائحة جيفة حمار نفق تحت الأنقاض، وفق سكان المنطقة.
ولم ينضج التفاح بعد ليكون صالحاً للبيع، وقد أطاح الزلزال بموسم كامل وبقدرة الفلاحين على سداد ديونهم.
وكما في مناطق أخرى في إقليم الحوز الجبلي، تعدّ الزراعة وتربية المواشي مثل الأبقار والأغنام، مصدراً للرزق والقوت.
وأطلقت الحكومة وجهات مانحة أخرى في السنوات الأخيرة برامج، بعضها لمكافحة تأثيرات التغير المناخي، وأخرى مخصصة لفكّ عزلة تلك المجتمعات وإعطاء مزيد من الاستقلالية للنساء.
كذلك نفّذت برامج لإعادة استخدام المياه الآسنة المُعالَجة وبرامج توفير المياه للري الزراعي عبر نظام التنقيط بهدف تخفيف الضغط على الموارد المائية.
ويقول وليد ناصر (19 عاماً) من سكان المنطقة: "نحن نعمل بكدّ لنجمع القليل من المال بقطف التفاح، لنتحضر لموسم العودة إلى المدرسة ونتمكن من إعالة عائلاتنا". خلفه، كان الأطفال يقفزون على الفرش المغطاة بالغبار، فمدرستهم لم تعد صالحة.
التداعيات التي خلّفها الزلزال هائلة. خسِر ناصر الثانوية دخلاً يومياً يساوي 80 درهماً (7,30 يورو) كان يتقاضاها لقاء أعمال صغيرة في الحقول.
وقد أنهك الجفاف ونقص المياه أصلاً المزارعين الصغار، ليزيد وقع صدمة الزلزال أيضاً من معاناتهم، فقد أسفر عن مقتل 11 شخصاً من القرية الصغيرة البالغ عدد سكانها 200 نسمة. أما قريتهم الوعرة والصخرية، فقد تحولت إلى خيم صفراء تأوي الناجين الذين فقدوا بيوتهم.
مشاهد تظهر الأضرار التي سببها الزلزال بالسور التاريخي الكبير لمدينة #مراكش#المغرب #تضامنا_مع_المغرب #زلزال_مراكش pic.twitter.com/y8OgTN5riI
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) September 14, 2023
إعادة إعمار
لا سكان تحت الأنقاض في القرية لإنقاذهم، على عكس البلدات الأخرى حيث لا تزال فرق الإنقاذ تعمل الخميس بعد ستّة أيام على الكارثة التي أودت بالآلاف.
الضرورة الآن هي إيجاد مأوى للسكان. تقوم نساء بفرز البطانيات والملابس التي يقدّمها مدنيون، فيما يبحث الرجال هنا وهناك بين المنازل التي لا تزال صامدة، عن أكواب أو أواني، لم تنل منها الكارثة. لكن القلق من المستقبل يخيّم على الأجواء.
يقول جمال يو يحيى (42 عاماً) إنّ "القطاع الأكثر تأثراً بالزلزال هو قطاع الري: فقد دمرت جميع الأنابيب تقريباً"، مقدّراً بمئة ألف درهم (985 دولارا) قيمة خسارته المادية من ضياع محصوله.
آبار المياه ممتلئة، لكن "الحجارة التي تحركت خلال الزلزال قطعت مصادر" المياه، وفق المزارع محمد المتوق الذي لفحت الشمس وجهه، مضيفاً أنه "طالما أنّ هذه المشكلة لم تُحل، فلن يكون الأمر جيداً على الإطلاق".
ويتوقّع أن تشكّل مسألة الوصول إلى المياه واحدةً من التحديات في عمليات إعادة الإعمار. وبحسب المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب في جهة مراكش- أسفي، فإنّ "شبكة توزيع المياه قد تضررت في ثلاث بلديات هي أمزميز ومولاي ابراهيم وتلات نيعقوب، في إقليم الحوز".
وترى مديرة منظمة "كير المغرب" حليمة رزقاوي الناشطة في المنطقة أنّ مرحلة إعادة الإعمار قد تكون بمثابة "نداء للجهات المعنية بالتنمية".
وأضافت أنه "لديكم فرصة للمساهمة في تعافي سكان هذه المنطقة ومساعدتهم في إعادة الإعمار بشكل متين، وإطلاق ممارسات جيدة منذ البداية، مع الأخذ بعين الاعتبار نقص المياه ونقص المساحة في نفس الوقت"، مؤكدةً أنّ "إعادة الإعمار تعني الأمل".
يُشار إلى أنّ حصيلة ضحايا الزلزال وصلت إلى نحو 3 آلالاف، فيما وصل عدد الجرحى إلى 5674 شخصاً، وفق ما أعلنت وزارة الداخلية المغربية، أمس.