العقيدة النووية الروسية: متى يعطي بوتين أمر استخدام السلاح النووي؟
موسكو تدعو واشنطن إلى الاطّلاع على العقيدة الروسية النووية، قبل تحذير روسيا من استخدام السلاح النووي. وتتضمّن العقيدة النووية 4 سيناريوهات لاستخدام روسيا ترسانتها النووية.
بعد "تجاوز الغرب كل الخطوط في سياسته العدائية ضد روسيا"، ذكَّر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أنّ لدى روسيا سلاحاً نووياً، وهدَّد: "سنستخدم كل الوسائل لحماية أراضي روسيا".
وفي إثر هذا التهديد، صدرت تحذيرات أميركية لموسكو بشأن استخدام السلاح، ونشرت وسائل إعلام غربية أن بوتين سيلجأ إلى استخدام أسلحة نووية تكتيكية فوق البحر الأسود، أو داخل الأراضي الأوكرانية. كما شكَّل الرئيس الأميركي، جو بايدن، فريقاً من متخصصين مدنيين وعسكريين لتقييم المخاطر والردود.
كل هذا التواتر في الأخبار أثار مخاوف من اندلاع صراع نووي لأول مرة منذ عام 1945. لكن روسيا، القوة النووية الأولى في العالم، بمخزون يصل إلى 4500 رأس نووي، دعت، عبر رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس "الدوما"، ليونيد سلوتسكي، المسؤولين في واشنطن إلى الاطلاع على العقيدة النووية الروسية، قبل إصدار هذه التحذيرات.
وقال: "ليست هذه المرة الأولى التي تتحدث فيها الولايات المتحدة عن إمكان استخدام روسيا أسلحة نووية في أوكرانيا، ويجب أن يدرس المتخصصون الأميركيون العقيدة النووية الروسية بصورة أفضل قبل توجيه التحذيرات عبر وسائل الإعلام".
بالتوازي، قال رئيس مجلس الأمن الروسي، ديمتري ميدفيديف، إن روسيا قد تلجأ إلى استخدام ترسانتها النووية في حالات معينة. وأكد ميدفيديف، الذي شغل سابقاً منصبي رئيس روسيا ورئيس وزرائها، إن العقيدة النووية الروسية لن تتطلب من دولة معادية إطلاق النار أولاً. وأدرج 4 سيناريوهات لاستخدام روسيا ترسانتها النووية.
وجرى أحدث تعديل لمرسوم بوتين، باعتباره رئيس الاتحاد الروسي، بشأن العقيدة النووية، في حزيران/يونيو من عام 2020ـ. ويتضمّن أسس سياسة الدولة في مجال الردع النووي.
ما أُسس العقيدة النووية الروسية؟
في الأحكام العامة، تُعَدّ الأسس هي وثيقة للتخطيط الاستراتيجي في مجال الدفاع، وتعكس وجهات النظر الرسمية بشأن جوهر الردع النووي، وتحدد المخاطر والتهديدات العسكرية لتحييد الردع، ومبادئ الردع، وشروط انتقال الاتحاد الروسي إلى استخدام الأسلحة النووية.
كما أن سياسة الدولة، في مجال الردع النووي، ذات طابع دفاعي، وتهدف إلى المحافظة على إمكانات القوات النووية عند مستوى كافٍ لضمان الردع، وتضمن حماية سيادة الدولة وسلامتها الإقليمية، وردع عدو محتمل عن العدوان على الاتحاد الروسي أو حلفائه.
جوهر الردع النووي
يعدّ الاتحاد الروسي الأسلحةَ النووية، على وجه الحصر، "وسيلةً للردع"، ويعدّ استخدامها تدبيراً متطرفاً وقسرياً. كما أنه يبذل، بحسب مرسوم الرئيس، كل الجهود اللازمة للحد من التهديد النووي، ومنع تفاقم العلاقات بين الدول التي يمكن أن تثير صراعات عسكرية، بما في ذلك الصراعات النووية.
ويمارس الاتحاد الروسي الردع النووي ضد دول منفردة، أو ضد تحالفات عسكرية تعدّ الاتحاد الروسي عدواً محتملاً. ويهدف الردع إلى ضمان أن يكون الخصم المحتمل على دراية تامة بـ"حتمية الانتقام" في حالة العدوان على الاتحاد الروسي أو حلفائه. ويتم ضمان الردع من خلال وجود قوات جاهزة للقتال، ووسائل قادرة على استخدام الأسلحة النووية من أجل إحداث ضرر "غير مقبول" لعدو محتمل في أي حالة.
أما بالنسبة إلى توقيت استخدام الردع، فيتم تنفيذه "بصورة مستمرة" في أيام السلم، وفي أثناء التهديد المباشر بالعدوان، وفي زمن الحرب، وصولاً إلى بداية استخدام الأسلحة النووية.
المخاطر العسكرية الرئيسة
المخاطر العسكرية الرئيسة، التي قد تتطور إلى تهديدات بالعدوان على الاتحاد الروسي، تتلخص في أربع نقاط. الأولى قيام "عدو محتمل" في الأراضي والمناطق البحرية المتاخمة للاتحاد الروسي وحلفائه، بنشر مجموعات ذات مهمّات عامة، قد تشمل وسائل إيصال الأسلحة النووية. ثانياً، قيام دول، تعدّ الاتحاد الروسي عدواً محتملاً، بنشر أنظمة ووسائل الدفاع الصاروخي، وصواريخ مجنّحة، وباليستية متوسطة المدى أو قصيرة المدى، وأسلحة عالية الدقة غير نووية، وأسلحة تفوق سرعة الصوت، وطائرات مسيرة هجومية، وأسلحة الطاقة الموجهة.
ثالثاً، قيام "العدو" بنشر أنظمة دفاع هجومية ومضادة للصواريخ في الفضاء الخارجي، أو حيازة الدول أسلحةً نووية أو أنواعاً أخرى من أسلحة الدمار الشامل، والتي يمكن استخدامها ضد الاتحاد الروسي أو حلفائه. وأخيراً، نشر الأسلحة النووية ووسائل إيصالها في أراضي الدول غير الحائزة للأسلحة النووية.
شروط استخدام الأسلحة النووية
يُتَّخذ قرار استخدام الأسلحة النووية من جانب رئيس الاتحاد الروسي شخصياً. أمّا الشروط التي تحدد إمكان استخدامها فهي:
1- تلقي روسيا معلومات موثوقة بشأن إطلاق صواريخ باليستية تجاه أراضي روسيا أو أراضي حلفائها.
2- استخدام أي عدو محتمل أسلحةً نووية أو أنواعاً أخرى من أسلحة الدمار الشامل، والتي تشمل الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، وإطلاقها على أراضي الاتحاد الروسي أو حلفائه.
3- تأثير العدو في المنشآت الحكومية أو العسكرية ذات الأهمية القصوى للاتحاد الروسي، والتي سيؤدي تعطيلها إلى تعطيل إجراءات الاستجابة للقوات النووية.
4- عدوان على الاتحاد الروسي، من خلال أسلحة تقليدية، يجعل وجود الدولة ذاته مهدَّداً.