السودان: خروقات مستمرة للهدنة.. والقصف يطال المستشفيات

المواجهات في السودان متواصلة، لليوم الحادي عشر على التوالي، والأوضاع الإنسانية والصحيّة في تردٍ مستمر، مع استمرار تبادل الاتهامات بين طرفي الصراع.

  • أعمدة دخان تتصاعد جراء انفجارات في العاصمة السودانية الخرطوم.
    أعمدة دخان تتصاعد جراء انفجارات في العاصمة السودانية الخرطوم.

تتواصل الاشتباكات في السودان، لليوم الحادي عشر على التوالي، لتستمر معها حالة تبادل الاتهامات بين طرفي المواجهات الدائرة في البلاد، الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.

وقالت قيادة قوات الدعم السريع، اليوم الأربعاء، إنّ الجيش السوداني، ورغم الموافقة على الهدنة، هاجم بالمدفعية والطيران الحربي "مواقع تمركزها في القصر الجمهوري في العاصمة الخرطوم"، إضافةً إلى عددٍ من المواقع الأخرى.

وأضافت قوات الدعم السريع، في بيانٍ أصدرته اليوم، أنّ صبرها على ما وصفتها "التصرفات الجبانة" ينفد، داعيةً المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه ما سمّتها "الخروقات المستمرة لشروط الهدنة".

من جهتها، صرّحت وزارة الداخلية السودانية، في بيان نشرته، أنّ قوات الدعم السريع اقتحمت سجن "كوبر"، الواقع في الخرطوم، وأطلقت سراح جميع النُزلاء الذين كانوا محتجزين داخله.

وأوضح بيان الوزارة أنّ قوات الدعم السريع اقتحمت 5 سجون، وأطلقت سراح نزلاء في الفترة من 21 إلى 24 نيسان/أبريل الجاري.

وجدّد الجيش السوداني اتهاماته لمن وصفهم بالمتمردين، في إشارةٍ إلى قوات الدعم السريع، مؤكداً أنّهم مستمرون في خرق الهدنة المُعلنة، وذلك عبر القصف المدفعي لمناطق في محيط القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم.

وأضاف الجيش، في بيانٍ رسمي، أنّ قوات الدعم السريع "تقصف عشوائياً مناطق في محيط القيادة العامة والمرافق الإستراتيجية".

كما أكّد بيان الجيش أنّ الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، محتجزٌ في مستشفى "علياء" التابع للقوات المسلحة، وأنّه تحت حراسة ومسؤولية الشرطة القضائية، موضحاً أنّ البشير وبعض العسكريين السابقين موجودون في نفس المستشفى قبل اندلاع القتال، لتلقي العلاج.

وتجدّد إطلاق نارٍ بالمدافع الثقيلة في منطقة "الفتيحاب"، جنوبي أم درمان، ويأتي ذلك بعد تجدد اشتباكات في الخرطوم، على الرغم من الهدنة التي دخلت يومها الثاني.

اقرأ أيضاً: نقص في الماء والغذاء واستهداف الأطباء.. كيف ترخي الحرب ظلالها على السودانيين؟

مستشفيات تتعرض للقصف

كذلك، أفادت نقابة الأطباء في السودان، أنّ 14 مستشفى تعرّضت للقصف منذ بدء المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وأوضحت النقابة أنّ ما نسبته 72% من المستشفيات المتاخمة لمناطق القتال والاشتباكات متوقفة عن العمل.

هذا وأعلنت وزارة الصحة السودانية مقتل 512 شخصاً وإصابة 4193 آخرين إثر الاشتباكات المسلحة.

كما تحدّث الناشط السوداني، محمد آدم، عن سماع إطلاق نار في محيط القيادة العامة، وحول المدينة الرياضية، ودوي عدة انفجارات في مستشفى "الرومي" في أم درمان، وتسجيل إصابات.

وأكد آدم على نقص الكوادر الطبية، الذي يعود إلى عدم وجود طرقات آمنة، إضافةً إلى إغلاق عدة مستشفيات، ووجود جثث على الأرض منذ أول أيام المعارك، لم يتم انتشالها حتى اليوم.

مقتل مواطن أميركي ثاني

أعلن البيت الأبيض أنّ مواطناً أميركياً ثانياً قُتل في السودان، داعياً الطرفين العسكريين في السودان إلى التمسك بوقف إطلاق النار وتمديده.

وصرّح منسق الإتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، بتأكيد وفاة مواطن أميركي ثانٍ في السودان، أمس الثلاثاء.

كما دعت وزارة الخارجية الألمانية إلى وقفٍ دائم لإطلاق النار في السودان، قائلة إنّ "الشعب السوداني بحاجة ماسة إلى وقف دائم لإطلاق النار من أجل منع مزيد من تصعيد العنف".

الهدنة كانت في مصلحة دول الخارج

بدوره، قال المحلل السياسي والصحافي السوداني، خالد الفكي، للميادين: "السودانيون يحاولون التعايش مع هذا الوضع، حتى مع انهيار الهدنة الهشة، وطرفا النزاع يحاولان إرضاء المجتمع الدولي"، منادياً بالحاجة لمد يد العون الصحي والإنساني في ظل النقص في الحاجيات الأساسية والخبز والعلاج والكهرباء والماء.

ولفت المحلل السياسي السوداني، عبد الوهاب سعد، في حديثه للميادين، إلى أنّ عودة النظام السابق هي "فزّاعة يتم استخدامها في مبررات الحرب الحالية، والنظام السابق لن يعود، وإذا عاد لن يكون في ثوبه القديم"، مُشيراً إلى وجود من يسوّق لتبعية الجيش السوداني اليوم للنظام السابق، مؤكداً أنّ هذا غير صحيح.

ونبّه سعد إلى وجود تقاطعات دولية وإقليمية في البحر الأحمر، نسبةً للموقع الإستراتيجي للسودان، مما يؤكد وجود اصطفافٍ سياسي، كما أكّد أنّ الطرف الأساسي المؤدي لهذا الصراع في السودان "هي القوى الدولية التي أخرجت البعثات الدبلوماسية لتضخيم الحرب، والتي فرضت الهدنة لحماية دبلوماسييها وليس لحماية الشعب السوداني".

اقرأ أيضاً: "لهيب السودان".. ما الأسباب التي تبقي البلد الأفريقي على صفيح ساخن؟

وفي حديثه للميادين، قال رئيس مركز السودان المعاصر للدراسات والإنماء، منعم عطرون، إنّ ما يحدث اليوم في الخرطوم سيشابه ما حدث في رواندا بعد عملية الإجلاء، مُضيفاً أنّ ما يجب أن نفهمه أنّه "لا توجد دولة ولا مؤسسات في السودان، وليس لدينا جيش وطني".

وطالب عطرون أن تتكاتف دول العالم من أجل تصفية طبيعة هذا النظام القائم في السودان.

كما أوضح أنّ العدو الأساسي للسودانيين "موجود داخل السودان، والسودانيون في الداخل لم يستطيعوا حتى اليوم التحدث والحوار حول صناعة الدولة واستراتيجيات ذلك".

من جهته، أوضح محلل الميادين للشؤون العربية والإسلامية، قتيبة الصالح، أنّ الخرطوم هي من ستحدد ملامح المراحل المقبلة من هذا النزاع القائم في السوادن، لافتاً إلى الحديث قد بدأ "بشكل مكثّف عن طرف ثالث في الصراع"، وأنّ هذا "قد يقود إما إلى تصعيد كبير، وإما إلى انحسار المعارك".

وأشار الصالح إلى سعي قوات الدعم السريع أن "ينزل القتال إلى الشوارع"، مؤكداً أنّ هذا يعني إطالة أمد القتال في الخرطوم، بعكس ما يريده الجيش، وبالتالي فإنّ الأطراف الإقليمية ستجد أنّ من واجبها دعم مصالحها والإنخراط في الصراع إلى جانب أحد الطرفين.

ولفت الصالح إلى عدم وجود جدية أميركية لحل الأزمة في السودان، كما أنّ سياسة واشنطن في السودان وأفريقيا أنتجت سماسرة سلطة من السياسيين.

منتصف نيسان/أبريل 2023 تندلع مواجهات عنيفة في الخرطوم وعدة مدن سودانية، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، وتفشل الوساطات في التوصل لهدنة بين الطرفين.

اخترنا لك