السودان: عشرات الضحايا في هجمات لـ"الدعم السريع" على الفاو ودارفور وولاية الجزيرة
السلطات السودانية تعلن مقتل وإصابة عشرات الأشخاص بهجوم لقوات "الدعم السريع" على مناطق سيطرة الجيش السوداني وحلفائه في الفاو ودارفور وولاية الجزيرة.
قُتل أكثر من 150 شخصاً بينهم مدنيون في اشتباكات دامية بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في منطقة الفاو، إلى جانب عدد من المناطق في إقليم دارفور وولاية الجزيرة.
وبحسب ما ذكرت تقارير إعلامية، فقد قُتل وأُصيب أكثر من 200 من عناصر الجيش السوداني وحلفائه خلال معركة استمرت نحو ساعة من الزمن في منطقة الفاو شرق السودان.
وأشارت التقارير الإعلامية إلى أن القوة العسكرية وقعت في كمين لقوات "الدعم السريع" أثناء تحرّكها لبدء هجوم على ولاية الجزيرة. فيما قالت قوات الدعم السريع إنها أسرت العشرات من جنود الجيش السوداني وحلفائه، وإنها استولت أيضاً على أكثر من 70 آلية تابعة للجيش.
وكانت انتشرت أخبار، في وقت سابق، تفيد بأن قوات الجيش تحشد قواتها بهدف استعادة ولاية الجزيرة وسط أنباء تحدثت عن انسحابات لقوات الدعم السريع من بعض مناطق الولاية، لكن مصادر أوضحت أن ما حدث كان عبارة عن عمليات إعادة تموضع استعداداً للمعركة. في حين شهدت محاور القتال في العاصمة الخرطوم هدوءاً نسبياً في الميدان.
أما في دارفور، فذكرت مصادر قريبة من الجيش السوداني أن هجوم "الدعم السريع" والمليشيات المتحالفة معها على قرى متعددة غربي مدينة الفاشر، أدى إلى مقتل أكثر من 50 شخصاً وجرح العشرات.
ولفتت المصادر إلى أن عدداً من القرى تعرّضت للحرق والسلب لممتلكات المواطنين، غير أن مصدراً مطلعاً على الأوضاع في دارفور وصف الهجوم بالغامض ورجّح أن يكون ناجماً عن خلافات داخلية بين مجموعات تتبع لحركات مسلحة.
وقالت مصادر أخرى: إن معظم الضحايا سقطوا نتيجة قصف جوي شنّه الطيران الحربي التابع للجيش على أهداف لقوات الدعم السريع شرق الفاشر.
يأتي هذا في وقت أكدت فصائل من دارفور أن "الدعم السريع" تستعد لتنفيذ هجوم على مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور.
من جهتها، قالت نقابة "أطباء السودان" في بيان: "قرى مختلفة في ولاية الجزيرة تعرضت لهجمات ومجازر نتج عنها مقتل عدد من المواطنين في الحصاحيصا، وأدت إلى اكتظاظ مستشفى المناقل التعليمي بعدد كبير من الإصابات الخطرة".
وبحسب البيان، فقد هاجمت قوات الدعم السريع قرى ومناطق في ولاية الجزيرة بأسلحة ثقيلة وخفيفة، مطلقة النار بشكل عشوائي وكثيف على السكان العزل، مما أدى إلى سقوط 28 قتيلاً و240 جريحاً.
وأضاف البيان: "هناك عدد من القتلى والجرحى في القرية ممن لم نتمكّن من رصدهم لتعذّر وصولهم للمرافق الصحية، ولصعوبات الرصد وسط الرصاص وانقطاع خدمة الاتصالات وحالة الهلع والنزوح".
إلى ذلك، اتهمت منظمات شعبية وطبية سودانية قوات الدعم السريع بقتل 68 شخصاً وجرحى العشرات في هجمات نفّذتها عناصر الحركة في ولاية الجزيرة، وشمال دارفور، وجنوب كردفان.
وقالت "اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء" إن "28 شخصاً قتلوا وأصيب 240 آخرون في قرية أم عضام، بمحلية الحصاحيصا، بولاية الجزيرة وسط السودان، في هجوم شنته قوات الدعم السريع".
وأوضحت اللجنة، في بيان لها، أن "الدعم السريع شنت هجوماً بالأسلحة الثقيلة والخفيفة على القرية، بعد محاصرتها، وأطلقت النار بشكل عشوائي وكثيف على السكان، مما أدى إلى سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا".
هذا ودعت لجنة نقابة الأطباء المجتمع الدولي وجميع المنظمات الحقوقية والإنسانية إلى "التدخل الفوري لوقف هذه الانتهاكات، والعمل على محاسبة المسؤولين عن هذه المجازر".
من جانبها، اتهمت "لجان مقاومة" في مدينة الحصاحيصا بولاية الجزيرة قوات "الدعم السريع" بقتل أكثر من 20 شخصاً، وإصابة 200 آخرين "في هجوم مستمر منذ السبت عبر قوة من 200 مسلح على متن 4 مركبات قتالية و60 دراجة نارية".
وقالت اللجان في بيان: "قامت ميليشيا الدعم السريع بالهجوم على قرية أم عضام"، يوم السبت، الواقعة على مسافة 150 كيلومتراً جنوب العاصمة.
وأضاف البيان: "كلّفت هذه المواجهة غير المتكافئة أرتالاً من الجرحى بعدد يتجاوز الـ200 مصاب بإصابات متفاوتة (...) وأكثر من 20 شهيداً لم نتمكّن من حصرهم جميعاً".
وأكد البيان أن ما ترتكبه قوات الدعم السريع بولاية الجزيرة من مجازر تعد بمثابة "جرائم حرب وتطهير عرقي وتهجير قسري لسكان الولاية".
وأوضح البيان أن تلك القوة "حاصرت القرية في محاولة للنهب، وحاول المواطنون التصدي للقوات المهاجمة التي فتحت عليهم النار بشكل عشوائي، ما أدى إلى سقوط عد كبير من القتلى والجرحى".
قتل ونهب ونزوح
وفي إقليم دارفور اتهمت "حركة العدل والمساواة" بقيادة جبريل إبراهيم، قوات الدعم السريع بقتل 20 شخصاً وإصابة العشرات غالبيتهم من الرعاة في قرى غرب مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
وذكرت "العدل والمساواة" في بيان أن "الدعم السريع هاجمت منطقة درما والأجزاء الشرقية من ريفي كورما"،ونفّذت "أعمال سلب ونهب وتدمير أنماط الحياة وحملات التغيير الديموغرافي التي تنتهجها".
كما ناشدت الحركة الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي لإلزام "الدعم السريع" بتطبيق المعاهدات والقوانين الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، ومحاسبتها على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، التي ارتكبتها في مختلف المناطق التي دخلتها أو تقع تحت سيطرتها".
تجدر الإشارة إلى أن نحو 763 أسرة نزحت من قرى سرفاية درما، وجنجونة بريفي الفاشر، إلى مواقع مختلفة في أنحاء محلية الفاشر، على أثر شن مجموعة مسلحة مجهولة هجوماً على القرى، أسفر عن حرق 72 منزلاً، وفق ما ذكرت منظّمة الهجرة الدولية.
القبض على مرتزقة من تشاد وجنوب السودان
وكان الجيش السوداني أعلن في بيان، يوم السبت، إلقاء القبض على مقاتلين من دولتي تشاد وجنوب السودان، ضمن قوات "الدعم السريع" في مدينة أم درمان.
وقال البيان إنه ألقى القبض على "مرتزقة" من تشاد وجنوب السودان في مقر قيادة وسيطرة قوات الدعم السريع بمقر الإذاعة والتلفزيون بأم درمان، من دون ذكر عددهم.
وقال البيان، إن المسلحين "تم تجنيدهم وخداعهم من قبل الدعم السريع بالوعود المالية"، وأشار إلى أن غالبية الذين ألقي القبض عليهم هم "من الأطفال القصّر الذين تم التغرير بهم".
سفير السودان بالقاهرة: مستعدون لتسهيل عودة من يرغب
وفي سياق الحديث عن الجانب الإنساني، أعلن القائم بأعمال سفارة السودان في مصر، محمد عبد الله التوم، عن مشروع العودة الطوعية للسودانيين الراغبين بالعودة بالشراكة مع منظومة الصناعات الدفاعية.
وقال خلال فعالية نظّمها "اتحاد الصحافيين" برعاية شركة طيران "بدر" إن "السفارة تعمل على تسهيل أمر العودة لمن يرغب خاصة مع البشريات التي تأتي عن انتصارات القوات المسلحة".
وأضاف إن "التطور المضطرد للعلاقات بين البلدين ولا سيما أنّ مصر تمثّل شريان الحياة للسودانيين في ما يتعلق على سبيل المثال في الدواء والغذاء ولا سيما بعد تمرد مليشيا الدعم السريع على الدولة والقوات المسلحة السودانية". مشدّداً على أن سفارة السودان في مصر "بذلت جهوداً مقدرة خلال عام الحرب الماضي لتسهيل أمور السودانيين الذين وصلوا مصر مؤخراً عقب الحرب" وفق تعبيره.
يذكر أن منظمة الهجرة الدولية أعلنت أن قوات "الدعم السريع" هاجمت أماكن متعدّدة في ولاية سنار جنوبي شرق السودان، ما أدى إلى مقتل 21 شخصاً وإصابة 25 آخرين.
وذكرت المنظمة في بيانها أن "الدعم السريع شنت هجوماً على مواقع مختلفة بولاية سنار يومي الجمعة والسبت الماضيين"، وأن "الهجمات وأعمال العنف التي رافقتها أسفرت عن مقتل 21 شخصاً وإصابة 25 آخرين".
وأضاف البيان أنه نتيجة الهجمات التي حدثت شهدت أنحاء عديدة من ولاية سنار حركة نزوح واسعة، من دون تقديم أرقام واضحة ومحددة لعدد النازحين.
وسبق أن شهدت قرى سنار، المتاخمة لولاية الجزيرة، خلال الأيام الماضية هجمات متفرقة من جانب قوات "الدعم السريع".
وكان الجيش السوداني قد أعلن، قبل يومين،صدّ قواته هجوماً لـ"الدعم السريع" على مواقع قواتٍ تابعة له في منطقة الأعوج، كانت في طريقها لمهاجمة مدينة الدويم بولاية النيل الأبيض.
وكانت مصادر محلية ذكرت أن قوات "الدعم السريع" استهدفت نقاط تمركز تابعة للجيش السوداني جنوب العاصمة الخرطوم. وأفادت المصادر بأن قصف "الدعم السريع" طاول نقاطاً تابعة للقوات المسلحة في الأعوج، شمال مدينة الدويم بولاية النيل الأبيض.