السلاح الأميركي يزعزع الاستقرار في أوكرانيا
تقارير تتحدث عن حجم السلاح الأميركي الواصل إلى أوكرانيا ودوره في زعزعة الاستقرار وتوتير روسيا.
قبل أيام، زار وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أوكرانيا، بهدف التعبير عن دعم بلاده لكييف، في مواجهة ما زعم أنّه "غزو روسي محتمل" لأوكرانيا، وفق بيان صدر عن وزارة الخارجية الأميركية حينها.
بعد ذلك، صرّح وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا أنَّ التعاون مع الولايات المتحدة "ممتاز على الصعيد العسكري... وأوكرانيا قوية، وهي أفضل أداة لردع روسيا" التي "تعمل على تدمير أوكرانيا من الداخل"، على حد قوله.
هذه الزيارة تزامنت أيضاً مع تقرير لصحيفة "بوليتيكو" الأميركية، يكشف عن ضوء أخضر منحته الولايات المتحدة لأوكرانيا لنقل أسلحة من لاتفيا وإستونيا وليتوانيا.
تعاون عسكري قديم
المساعدات العسكرية الأمنية الأميركية لأوكرانيا ليست وليدة اللحظة، فقد بدأت منذ العام 2014، إلا أنَّ الولايات المتحدة حولت خلال العام الماضي ما قيمته 650 مليون دولار من الأسلحة والمعدات العسكرية إلى أوكرانيا، وهو الأكبر خلال عام منذ بدء المساعدة.
هذا العام (2022)، تضمن قانون تفويض الدفاع الوطني المالي الذي وقعه الرئس الأميركي جو بايدن تقديم 300 مليون دولار لمبادرة المساعدة الأمنية لأوكرانيا، التي تدعم القوات المسلحة الأوكرانية، و4 مليارات دولار لمبادرة الدفاع الأوروبية، و150 مليون دولار للتعاون الأمني مع دول البلطيق.
فضلاً عن ذلك، وافقت الولايات المتحدة على حزمة أسلحة بقيمة 200 مليون دولار لأوكرانيا، شملت المزيد من صواريخ "جافلين" والذخيرة وأنظمة الرادار والمعدات الطبية.
وكشفت تقارير عسكريّة عديدة أنّ أوكرانيا تعترف بالولايات المتحدة كرائدة في صناعة الدفاع في السوق الدولي للمعدات العسكرية والمعدات ذات الاستخدام المزدوج، وتسعى للتعاون مع الشركات الأميركية بعدة طرق، منها تشكيل شركات إنتاج أميركية أوكرانية مشتركة، والتعاقد مع الشركات الأميركية، وإصدار أوامر عمل مباشرة للشركات الأميركية، وبيع ملكية الأسهم في شركات دفاع أوكرانية مختارة واتفاقيات امتياز، وتأجير ورش العمل والبنية التحتية لمؤسسات أميركية لمدة تصل إلى 49 عاماً.
أيضاً، تسعى أوكرانيا لإنشاء اتحادات بين العديد من شركات صناعة الدفاع بين البلدين، كما تشمل مجموعة المشاريع المشتركة محركات الطائرات وأنظمة الإنذار المبكر ومركبات الإسعافات الأولية والإخلاء في ساحة المعركة، ونظام مدفع 155 ملم ذاتي الدفع متوافقاً مع الناتو، إضافة إلى دروع فولاذية ومحركات "AFV" وأنظمة التحكم في الأسلحة.
وفق الموقع الرسمي لإدارة التجارة الدولية الأميركي، فإنَّ على المستثمرين المحتملين مراعاة أنَّ أوكرانيا قد تصل إلى العديد من برامج الاستحواذ الدفاعية الأميركية والدولية، وتشمل هذه التمويلات العسكرية الخارجية الأميركية (FMF)، والمبيعات العسكرية الخارجية الأميركية (FMS)، والمبيعات التجارية المباشرة للولايات المتحدة (DCS)، وقانون دعم حرية أوكرانيا التابع للكونغرس الأميركي للعام 2014، ومبادرة الطمأنينة الأوروبية، وصناديق الائتمان التابعة لحلف الناتو.
ومع تسارع مجريات الأحداث على الحدود الروسية الأوكرانية، كشف موقع "ياهو نيوز" أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ("سي آي أيه") تشرف على برنامج تدريب أميركي سري لنخبة من القوات الخاصة الأوكرانية وأفراد استخبارات آخرين منذ العام 2015.
وعلى الرغم من استبعاد الرئيس الأميركي جو بايدن إرسال عسكريين أميركيين إلى أوكرانيا في حال حدوث ما أسماه غزواً روسياً، فإنَّ الجيش الأميركي نشر جنود نخبة من قوات خاصة في أوكرانيا، وهم يشاركون في تدريب القوات الخاصة الأوكرانية، وفق المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية أنتون سيميلروث.
ووصل، أواخرَ شهر تشرين الثاني/نوفمبر، نحو 200 جندي احتياط من جهاز الحرس الوطني التابع لولاية فلوريدا الأميركية إلى مركز "يافوريف" للتدريب الدولي في غربي أوكرانيا، من أجل المشاركة في مهمة تدريب الجيش الأوكراني ومساعدته.
هذا الوجود ليس جديداً، فمنذ العام 2015، يتناوب جنود احتياط من الحرس الوطني الأميركي في أوكرانيا على تدريب الجيش الأوكراني، إلى جانب جنود من دول أخرى في حلف شمال الأطلسي، وخصوصاً من كندا وألمانيا. يأتي كل ذلك في إطار استراتيجية الأمن القومي الأميركي التي تم نشرها في آذار/مارس 2021، والتي تعطي مهمة تطويق روسيا والصين أولوية قصوى.
تثير عمليات التدريب ونقل السلاح التي تقوم بها الولايات المتحدة استفزاز روسيا وقلقها من إعادة إنتاج سيناريو الحرب الباردة وما بعدها، الذي اعتمد على تعزيز الأحلاف العسكرية على حدود الدولة الروسية.