الرد سيكون في الميدان: كيف تنظر إيران لقرار أوروبا ضد حرس الثورة؟
تشير غالبية الردود الواسعة من قبل الشخصيات أو المؤسسات الإيرانية إلى الخطوة الأوروبية الأخيرة أنها ستؤدي إلى خلق أزمات لا تقف آثارها عند حدود العلاقات الثنائية بين طهران وأوروبا.
في قرار سيفتح الباب للمزيد من التصعيد بين إيران والغرب، وافق أخيراً البرلمان الأوروبي يوم الخميس، على إعلان حرس الثورة، باعتباره العمود الفقري لمنظومة الأمن الإيراني، كياناً إرهابياً.
وجاء القرار بعد تنظيم المجموعات المناهضة للنظام الإيراني في فرنسا، وفي مقدمتها منظمة مجاهدي خلق الإرهابية، تظاهرات بمشاركة عشرات المعارضين الإيرانيين إلى جانب مندوبين من أحزاب أوروبا اليمينية، دعت المسؤولين الأوروبيين إلى إدراج حرس الثورة على قائمة المنظمات الإرهابية دعماً لأعمال الشغب التي وقعت خلال الأشهر الماضية في عدد من المدن الإيرانية.
وبحسب وكالة رويترز ستكتمل الخطوة عبر مصادقة الإتحاد الأوروبي خلال الأيام المقبلة على حزمةٍ جديدةٍ من العقوبات ضد إيران تستهدف شخصيات أمنية وعسكرية الى جانب عدد من الشركات الإيرانية المرتبطة بقطاعي النفط والصناعة.
ووصف الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي هذه الخطوة بأنها انتهاك كبير للقوانين وميثاق الأمم المتحدة وأكد أنّها نابعةٌ عن يأس وفشل الأعداء في الشارع الإيراني. من جانبه حذّر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في اتصال هاتفي مع منسق السياسة الخارجية للإتحاد الأوروبي، جوزف بورل، من عواقب هذا القرار الخاطئ وقال إنه يشبه من يطلق النار على قدميه.
وأعلنت هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية في بيان أن القرار الأوروبي القاضي بتصنيف حرس الثورة تنظيماً إرهابياً ستؤثر سلباً على السلم الدولي. وكذلك تحدثت المصادر الإيرانية عن عقد اجتماع في البرلمان الإيراني الأحد المقبل، بحضور القائد العام لقوات حرس الثورة اللواء حسين سلامي وعدد آخر من المسؤولين المعنيين لاتخاذ قرارات حاسمة للرد على أروربا.
وتشير غالبية الردود الواسعة من قبل الشخصيات أو المؤسسات الإيرانية إلى الخطوة الأوروبية الأخيرة على أنها ستؤدي إلى خلق أزمات لا تقف آثارها عند حدود العلاقات الثنائية بين طهران وأوروبا بل ستشمل الكثير من المواقع والجبهات.
وفي تفسيرٍ للأسباب الواقعة وراء القرار الأوروبي، أكد مستشار رئيس البرلمان الإيراني في الشؤون الاستراتيجية، مهدي محمدي، أن القرار يأتي بعد خيبة أمل أوروبية من استئناف الاضطرابات داخل إيران وضرورة إطلاق المرحلة الثانية من الضغوط عبر الخارج. وأضاف محمدي أن جهة ما تدفع القيادة الأوروبية نحو تدمير الجسور بينها وبين إيران بحيث لا تبقى قنوات مفتوحة بينهما للاتصال والتعاون في المستقبل. وأضاف: "لا يمكن حل الأزمة المندلعة بين أوروبا وروسيا عبر إطلاق الرصاص المطاطي نحو إيران".
من جانبها وصفت صحيفة جوان التابعة لحرس الثورة القرار الأوروبي بالخطوة الانتقامية، مؤكدة أنّ أوروبا بدأت تخسر رؤيتها الاستراتيجية تجاه طهران بحيث أنها سمحت لعدد من المجموعات الإرهابية المفلسة بإعداد سياساتها في الملف الإيراني. ووعدت الصحيفة أن الغرب سيواجه نتائج هذه الإجراءات في الكثير من الساحات بدءاً من حدود الكيان الإسرائيلي وصولاً الى منطقة الخليج ومضييق هرمز.
ورأي الدبلوماسي الإيراني السابق، جلال ساداتيان في حوار مع صحيفة "اعتماد" أن القرار يمثل انطلاق مرحلة جديدة في العلاقات بين إيران وأوروبا يمكن وصفها بـ "تكسير العظام". وأكد ساداتيان أن المرحلة الجديدة من المواجهة بين الطرفين تتطلب رؤية شاملة تحتوي على جميع الأبعاد السياسية والاقتصادية والعسكرية لتأمين المصالح الإيرانية.
ومما لا شك فيه أن الخطوة الأوروبية لإدراج حرس الثورة على قائمة المجموعات الإرهابية ستنعكس سلباً على المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي الذي لطالما وصفه المسؤولون الأروربيون أنه الخيار الأفضل لتفادي الأزمات الأمنية والعسكرية التي قد تطال المنطقة والعالم في حال انهياره. وفي سياق متصل هدّدت الحكومة الإيرانية في وقت سابق بإغلاق نافذة المفاوضات النووية مع الغرب في حال استمرار سلوكه التدخلي والعدواني. وسيعني إغلاق نافذة الاتفاق إزالة القيود الأخيرة أمام التقدم الشامل لبرنامج إيران النووي بينما لن يبقى للغرب خيار واقعي لسد طريق طهران في ظل عدم قدرة أميركا وحلفائها على شن هجمات واسعة ضدها.
في الوقت نفسه يعزز القرار الأوروبي لتصنيف أكبر قوة عسكرية في إيران منظمة إرهابية، توجّه طهران نحو إنشاء تحالفات أوسع مع القوى الشرقية التي باتت تعاني أيضاً من الضغوط الاقتصادية والعسكرية من جانب أميركا وحلفائها. وقد تشمل هذه التحالفات اتفاقيات أمنية وعسكرية تتجاوز الخطوط الحمر الغربية أكثر من أي وقت مضى خصوصاً في مجال شراء الأسلحة ونقل التقنيات المحظورة.
وقد يكون من السابق لأوانه تقييم انعكاسات القرار الأوروبي على المنطقة لكن هناك حقيقة واحدة لا يمكن إنكارها أنه ما بعد القرار الأوروبي لن يكون مثل ما قبله ولا سيما فيما يتعلق بالأمن الإقليمي والدولي. فهذا القرار يفتح الباب أمام سلسلة من الأزمات ستعرض المصالح الغربية لمخاطر متزايدة، يستبعد أن تقف عند حدود الشرق الأوسط.