التضخم يعصف بالعائلات الفرنسية.. وتراجع كبير في القدرة الشرائية
تسجل مراصد أسعار البضائع ارتفاعاً غير مسبوق في ثمن البضائع من جميع الأنواع، إذ بات على المستهلكين التضحية بأنواع معينة من حاجاتهم اليومية للصمود حتى آخر الشهر.
عصف تضخم الأسعار بالقوة الشرائية للفرنسيين، و"اشتعلت" معه رواتب وأجور شرائح واسعة من العاملين. وتسجل مراصد أسعار البضائع ارتفاعاً غير مسبوق في ثمن البضائع من جميع الأنواع، إذ بات على المستهلكين التضحية بأنواع معينة من حاجاتهم اليومية للوصول إلى التوازن والصمود حتى آخر الشهر.
"حتى سائل غسل الصحون ازداد سعره"، كما صرّح العديد من ربات البيوت وهنّ يخرجن من متاجر البيع بالتجزئة في باريس، وهذه واحدة من الشهادات اليومية التي تتردد على ألسنة المستهلكين وهم يرون مؤشرات الأسعار "تتسلق السلالم" من دون قيود، بانتظار أن تترجم حكومة إليزابيت بورن الجديدة وعودها بالتصدّي لأزمة التضخم ومساعدة المتضررين منها.
عند مدخل إحدى محال السوبرماركت في العاصمة، علّق ملصق يتباهى بـ"درع مكافحة التضخم" الذي وضعته إحدى العلامات التجارية. مثل العديد من الموزعين، تحاول هذه الشركة إبقاء عملائها مع عروض مستهدفة في سياق التضخم السريع. وهكذا يعلن السوبرماركت عن "تقديس" سعر 100 منتج كالزبدة غير المملحة، أو الكولا، أو 150 غراماً من اللحم المقدد.
بالنسبة إلى العملاء، أصبحت قائمة المنتجات التي لا تعاني من موجة التضخم أقصر وأقصر. وفقاً لـلمعهد الوطني للأبحاث، وفي غضون عام، ارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 5.2% في أيار/ مايو، بعد ارتفاعها بنسبة 4.8% في أبريل. "الأمر بسيط، كل شيء قد زاد". من ناحية أخرى، فإن من غير الوارد بالنسبة إلى المستهلك تقليص نفقات طعامه، بالامتناع عن بعض الأصناف وتفادي الرفاهية، وإلغاء عادات المطعم.
اللحوم تقريباً رفاهية
"هي معركة يومية مع الأسعار" كما تقول صوفيا، 23 عاماً، لجريدة "الفيغارو"، إذ لم تعد تخرج بحقيبة التسوق التي من المفترض أن تسمح لها بتناول الطعام لمدة يومين أو ثلاثة أيام. بسبب التضخم، قررت التخلي عن اللحوم معظم أيام الأسبوع، والاحتفاظ بها لمدة أقصاها ثلاث مرات في الأسبوع. في بعض الأحيان، مرة واحدة فقط. "وعلى الرغم من ذلك، تقول إنها كانت تتسوق في كل مرة بما يكلف نحو خمسة يورو أكثر من العام الماضي"، لكن هذه الأيام تغيّر نمط التسوق.
إذا كان الأمر يقتصر على تأثيرات بسيطة في ميزانية البعض، يمكن أن يكون التضخم مدمراً تماماً للآخرين. وفي تحقيق "الفيغارو" جاء أن بولين وزوجها يكسبان 2500 يورو شهرياً. أجبرهما ارتفاع الأسعار على إعادة التفكير في الطريقة التي يستهلكان بها كل يوم، حتى أكثر المنتجات الأساسية تراجعت. بولين، وهي في الثلاثينيات من عمرها، تشتري الآن "عبوات طحين وزنها خمسة كيلوغرامات" حتى تتمكن من خبز الخبز بنفسها. الشيء نفسه بالنسبة إلى الزبادي. من الآن فصاعداً، لا يستهلك الزوجان اللحوم إلا إذا وجداها في "سلة ناقص 30%"، أي تلك التي تباع فيها المنتجات التي اقتربت من تاريخ انتهاء الصلاحية. هي التي تضطر إلى السفر لمسافة 50 كيلومتراً للعمل كل يوم، توقفت عن أخذ سيارتها "من أجل لا شيء"، أي للترفيه.
بالتعاون مع شركة "NielsenIQ"، أجريت دراسة عن سلوك المستهلك في مواجهة التضخم. من بين 6000 شخص شملهم الاستطلاع، حاول نصفهم تقريباً الحد من نفقات الوقود و47% من نفقات الملابس. النسبة نفسها قللت من نزهاتها إلى المطاعم أو السينما.
14% من الأسر كانت مقيدة بالفعل في إنفاقها قبل التضخم. مع هذه الظاهرة الجديدة، يقول 63% تقريباً إنّ قدرتهم الشرائية تراجعت ما أدى إلى انخفاض مبيعات منتجات "المتعة"، مثل المشروبات الروحية أو الشوكولاتة، والميل إلى اختيار المنتجات المنخفضة الجودة، مثل الملصقات الخاصة أو العلامات التجارية البيضاء، وتوجد هذه المنتجات في الرفوف السفلية . ويحذر الصحافي مورغان قائلاً: "نحن بالفعل في منطقة صعبة، وللأسف، سيستمر التضخم".