الأخبار الكاذبة والأحداث الأخيرة في كوبا... تلاعب واستغلال للاحتجاجات
أخبار عديدة كاذبة أو بعيدة جداً عن المصداقية تغزو وسائل التواصل والإعلام عبر العالم، كيف لا ومن يدير وسائل الإعلام الكبرى حول العالم هو من يقف في الجهة المقابلة، وهو المتهم الأول من قبل الجهات الرسمية الكوبية بمحاولات زعزعة الاستقرار في الجزيرة؟
"فرار الرئيس السابق راؤول كاسترو إلى فنزويلا، استقالات للجنرالات، والاستيلاء على المدن والساحات العامة، واختطاف قادة شيوعيين، ووصولاً الى مقتل عدد لا يحصى من الناس"، عناوين وزعتها شبكات التواصل الاجتماعي وصفحات رئيسية لوسائل إعلام هامة حول العالم، دون أدنى مؤشر من المصداقية أو الرجوع الى مصادر موثوقة، بينما تستمر الآن الأخبار الكاذبة حول كوبا.
عليك فقط أن تقوم بجولة في العاصمة هافانا أو التواصل مع مصادر موثوقة في المحافظات الأخرى، لتكتشف أن العديد من الأخبار المتداولة في الفترة الأخيرة على شبكات التواصل الاجتماعي، وحتى في وسائل الإعلام الهامة هي كاذبة أو تم إخراجها من سياقها، بهدف زعزعة الاستقرار في الجزيرة الكاريبية التي تتميز بالأمن والأمان وأجواء من السلام التي قل نظيرها على مستوى العالم.
أخبار عديدة كاذبة أو بعيدة جداً عن المصداقية غزت وسائل التواصل والإعلام عبر العالم، وكيف لا وأن من يدير وسائل الإعلام الكبرى حول العالم هو من يقف في الجهة المقابلة وهو المتهم الأول من قبل الجهات الرسمية الكوبية بمحاولات زعزعة الاستقرار في الجزيرة منذ انتصار الثورة فيها عام 1959؟
على الرغم من أن العديد من المتظاهرين الذين شاركوا في احتجاجات الشوارع في هافانا ومدن أخرى في البلاد دافعوا عن مطالبات مشروعة و هم في الأصل يعانون من مصاعب الأزمة الاقتصادية العالمية، والتي تفاقمت في كوبا نتيجة لتكثيف الحصار الاقتصادي والتجاري والمالي و تفشي مرض COVID-19 بشكل حاد، فإن التلاعب واستغلال هذه الاحتجاجات من قبل المشغلين الخارجيين ساهم في خلق عنف بين المتظاهرين – ما دفع العديد منهم إلى الاعتداء على قوات حفظ النظام في البلاد.
حتى الرئيس ميغيل دياز كانيل نفسه اعترف علناً بشرعية المطالب، لكنه شجب التلاعب بها من أجل تنفيذ إجراءات معادية للثورة، والتي لا تهدف إلى المطالبة بالإصلاحات او تحسين الواقع المعيشي، بل إلى الإطاحة بحكومة الجزيرة و زعزعة الاستقرار فيها، بدعم وموافقة مموليها من الولايات المتحدة الأميركية.
كوبا التي تشهد في الآونة الأخيرة تفشياً غير مسبوق لفيروس كورونا تتعرض لحملة شرسة تستغل الوضع الراهن لاتهام الحكومة في البلاد بالتقصير في أداء واجباتها والتحريض على التظاهر ضدها حيث تسعى الحكومة الأميركية إلى خنقُ الاقتصاد لفتح البلاد على تدخّلاتٍ أجنبيةٍ تحت مسمى المساعدات الإنسانية، في سيناريو تسعى واشنطن إلى تطبيقه على هافانا، التي تخضع لحصارٍ أميركي منذ ما يقارب الستين عاماً.
كوبا تتعرض لحرب "غير تقليدية"
آرويل سانشير صحفي كوبي ومدير مجلة ورئيس مجلة هيريبييا الكوبية أكد للميادين نت، أن كوبا تتعرض لحرب غير تقليدية حيث تقوم مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام بلعب دور يرتبط بشكل مباشر بالحرب الاقتصادية.
ولفت إلى أن هذه الحرب الاقتصادية تخلق العديد من الصعوبات والحاجات لدى السكان و هنا يكون دور وسائل الإعلام تهميش عواقب الحرب الاقتصادية كمسبب رئيسي للوضع الصعب الذي تعيشه البلاد، وإظهاره كنتيجة لتقصير حكومي من قبل الدولة الكوبية، وعدم رضا الكوبيين عن الوضع الراهن والنظام السياسي والاجتماعي.
كما أشار إلى أن تغيير صورة الأحداث في البلاد واظهارها وكأنها فقدت السيطرة على الحكم من أجل تبرير تدخل إنساني لأهداف سياسية وهو ما يقوم به اليميني المتطرف من مدينة ميامي الأميركية والمافيا الكوبية الأميركية.
بالعودة إلى الأخبار الكاذبة حول كوبا والأحداث التي شهدتها البلاد مؤخراً، لعل أهمها ما تم تداوله عبر الشبكات ووسائل الإعلام هو الإعلان عن فرار الرئيس السابق راؤول كاسترو من البلاد.
قال البعض إنه كان متوجهاً إلى فنزويلا وآخرون إلى غاليسيا بإسبانيا، مستخدماً صورة الزعيم وهو ينزل من سلم طائرة عند وصوله إلى كوستاريكا، للمشاركة في قمة CELAC الثالثة في عام 2015.
من جهتها، نشرت صحيفة ABC الإسبانية على صفحتها الرئيسية خبر حول استقالة نائب وزير الداخلية الكوبي لرفضه الإجراءات المتخذة لوقف المظاهرات وأعمال التخريب، وهو ما نفته الحكومة الكوبية أيضاً.
ومن أكثر الصور التي حظيت بالتعليقات، تلك التي ظهرت هذه الأيام على شبكات التواصل الاجتماعي مع نص مؤرخ في 11 تموز/يوليو: "ماليكون(كورنيش) هافانا في الوقت الحالي. آلاف الكوبيين يواصلون تظاهراتهم مطالبين بالديمقراطية"، وعند النظر في أسفل الصورة يتبين أن الصورة التقطت في مدينة الإسكندرية المصرية، خلال مظاهرة يوم 11 شباط/فبراير 2011.
كما استخدمت العديد من وسائل الإعلام صور المسيرات المؤيدة للحكومة الكوبية والرافضة للحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة على الجزيرة، على أنها مظاهرات ضد الحكومة الكوبية.
بالنسبة لأولئك اللذين يطالبون بتدخلات عسكرية في كوبا فإنه من السهل إثارة الشغب وإثارة العنف والمطالبة بتدخل عسكري أميركي في كوبا في الوقت الذي هم لا يعيشون فيها، ويبدوا أنهم لا يعلمون أن الرصاص والصواريخ لا تميّز بين من هم شيوعيون أو معارضون.
ليس هناك مجال للشك في أن المحرضين على احتجاجات 11 تموز/يوليو في كوبا عملوا وهم يتمتعون بكل ظروف الراحة والرفاهية من مكاتبهم في الولايات المتحدة، وتلاعبوا بحالة الأزمة الاقتصادية التي تعيشها الجزيرة، والتي زادت بفعل تأثير الأزمة الصحية التي سببها فيروس كورونا، وجعلوا من الناس العاديين الذين يعانون من هذه العواقب أن يكونوا أبطالاً على الإنترنت لخططهم المزعزعة للاستقرار.