"إسرائيل" والعمليات الفدائية: تباين وتردد.. وقلق من تداخل الاعتبارات الشخصية والأمنية

يشير معلقون إسرائيليون إلى أن السّؤال في المؤسسة السياسية يدور حالياً حول إمكانية هرب نفتالي بينيت نحو تصعيد أمني، وفقاً لاعتبارات شخصية، بُغية إنقاذ ائتلافه الحكومي، أو سحب بساط رئاسة الحكومة الانتقالية من تحت أقدام رئيس الحكومة البديل يائير لبيد.

  • القيادة الإسرائيلية متردّدة بين خيارَين: الردّ في غزة؛ أو توجيه الجهود الهجومية نحو جنين
    القيادة الإسرائيلية متردّدة بين خيارَين: الردّ في غزة؛ أو توجيه الجهود الهجومية نحو جنين

على وقع النتائج القاسية التي أفرزتها موجة العمليات الفلسطينية الأخيرة، تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى "بلورة استراتيجية جديدة لكبح موجة العمليات"، وإعادة الشعور بالأمن الشخصي الذي تضرر كثيراً في الآونة الأخيرة، في ظل نقاش واسع حول العودة إلى سياسة الاغتيالات وجدواها وضررها، وتباين بشأن شن عملية عسكرية ضد قطاع غزة وجنين، وأسئلة حول تأثير الاعتبارات الشخصية والسياسية الداخلية نتيجة وضع الحكومة المأزوم، على القرارات العسكرية والأمنية.

خلافات.. واستراتيجية جديدة!

ذكرت عدة تقارير إعلامية إسرائيلية أن "القيادة الأمنية" الإسرائيلية ناقشت، مساء الأحد، على مدار ساعات طويلة، إمكانية بلورة استراتيجية جديدة في مكافحة موجة العمليات الحالية. وبحسب التسريبات، فإن القيادة الإسرائيلية متردّدة بين خيارَين: الردّ في غزة؛ أو توجيه الجهود الهجومية نحو جنين ومحيطها. وأضافت تقارير أنهم في المؤسسة الأمنية والعسكرية أوصوا بعملية واسعة في جنين، في وقت لا يزالون يدرسون أيضاً إمكانية عملية في قطاع غزة.

وبحسب التسريبات فإنه خلال النقاش طُرح موضوعان مركزيان بين قادة الأجهزة الأمنية ورئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت: الأول، عملية واسعة، هجومية جداً في جنين والقرى المحيطة بها، وهو الأمر الذي أوصت به المؤسسة الأمنية والعسكرية؛ والثاني، صوابية الردّ على العمليات التي تخرج من الضفة الغربية، في قطاع غزة؟، وهو الأمر الذي قيل أن "بينيت يؤيده".

وذكر معلّقون أن هناك "فجوة مهمة بين بينيت وغانتس، ففي حين يريد بينيت عملية هجومية وحتى مرغوب بها في قطاع غزة، يعتبر غانتس والجيش والشاباك أن لا علاقة لغزة حالياً، وأن المطلوب هو عملية هجومية في شمال الضفة، وهي المنطقة التي يأتي منها المنفذون". ولفتت التقارير إلى أن اتخاذ القرار حول الموضوع سيكون خلال الأيام المقبلة، وأن المجلس الوزاري المصغر - الكابينيت - من المرتقب أن يجتمع قريباً.

وفي سياق متصل، ذكرت القناة 12، أن رئيس الأركان الإسرائيلي، أفيف كوخافي، أقر خلال جلسة تقييم للوضع أن كل قتيل إسرائيلي سقط خلال الهجمات الأخيرة هو فشل عملياتي، بالنظر إلى الأعداد الكبيرة من القوات التي تمَّ رصدها لصدّ ما أسماه "موجة الإرهاب". وكشفت القناة عن خلافات مهمة في الرأي لم يعد بالإمكان إخفائها ظهرت الأحد خلال تقدير الوضع الطويل لدى رئيس الحكومة نفتالي بينيت. وأوضحت أن الجيش الإسرائيلي والشاباك أصرَّا خلال النقاش أن المصلحة الإسرائيلية هي مواصلة سياسة الفصل بين الساحات. 

سياسة الاغتيالات: الجيش مستاء

مع استمرار الدعوات والسّجال الإعلامي بشأن اغتيال زعيم حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، نقل معلقون عن المؤسسة الأمنية والعسكرية والمستوى السياسي استياءهما من "النقاش في الاستديوهات حول اغتيال السنوار".

وأشارت تقارير أنه على الرغم من سيل الدعوات لاغتيال السنوار فإن "الجيش" الإسرائيلي قدَّم توصية للمستوى السياسي بعدم اغتيال قائد حركة حماس في غزة الآن، وأن لدى الجيش خططاً منتظمة في الأدراج لتصفية مسؤولين في حماس، بينهم السنوار، ومحمد ضيف، لكن في هيئة الأركان العامة يعتقدون أنه من غير الصحيح تفعيلها الآن، بل انتظار الوقت المناسب.

وفي السياق، قال مسؤول أمني كبير إن "من يعتقد أن اغتيال السنوار سيؤدي إلى انتهاء موجة العمليات فهو مخطئ"، متوقّعاً أن تطول العمليات الحالية التي شبّهها بالعمليات الفردية في عامي 2015 و2016، "لكنّها الآن أكثر قتلاً". ولفت إلى أنه "لا توجد هنا جهة واحدة مسؤولة يمكن الإشارة إليها والعمل ضدّها".

الاعتبارات الشخصية والقرارات الأمنية

في معرض تقديم المقاربة الإعلامية لآخر التطورات في الساحة الفلسطينية، توقّف عدد من المعلقين والمحللين عند ملامح التداخل بين الاعتبارات السياسية-الشخصية والقرارات الأمنية، خصوصاً في وقت تبلور فيه الحكومة استراتيجية جديدة لمكافحة موجة العمليات الفلسطينية، وهو الوقت الذي يمرّ فيه الائتلاف الحكومي بأصعب أيامه.

وقد ألمح معلقون إلى وجود مؤشِّرات على هذا التداخل، خصوصاً أن بينيت "واقعٌ الآن تحت ضغطٍ هائل، في ظلّ الانتقادات على استمرار الهجمات، والمطالبات من اليمين بانتهاج سياسة أكثر تشدداً ضدّ الفلسطينيين". وأيضاً في ضوء أن أي خطوة يتخذها بينيت سيكون لها تبعات على الائتلاف الحكومي، ولا سيما دعم القائمة العربية الموحدة للحكومة، وبالتالي على تبكير الانتخابات، وحتى على تفصيل مَن سيترأس الحكومة الانتقالية في حال سقوط الحكومة.

وفي هذا الصدد أشار معلقون إلى أن السّؤال في المؤسسة السياسية يدور حالياً حول إمكانية هرب بينيت نحو تصعيد أمني، وفقاً لاعتبارات شخصية، بُغية انقاذ ائتلافه الحكومي، أو سحب بساط رئاسة الحكومة الانتقالية من تحت أقدام رئيس الحكومة البديل يائير لبيد.

وأوضح المعلّقون أن التصعيد الأمني قد يخدم بينيت في أمرَين: الأول، استجابة لأصوات جمهور اليمين الذي يطالب بالانتقام من الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبالتالي الظهور بمظهر الرجل القوي؛ والاعتبار الثاني هو بقائه كرئيس حكومة انتقالية في حال انسحب الجناح غير اليميني من الحكومة، بحسب الاتفاق الائتلافي الذي نصّ على أن رئاسة الحكومة الانتقالية تذهب إلى لبيد فقط في حال قام الجناح اليميني (حزبا يمينا و"تكفا حدشا" أمل جديد) بإسقاط الحكومة.

هذا الواقع أثار أسئلة: "هل قرر بينيت تصليب مواقفه من أجل دفع القائمة الموحدة إلى تفكيك الحكومة وضمان استمرار ولايته؟ وهل سيشدد لبيد، على مواقف يسارية من أجل دفع أعضاء كنيست من حزب يمينا للانضمام إلى عضو (ة) الكنيست المنسحبة من الائتلاف عيديت سيلمان؟".

اخترنا لك