أولمبياد بكين .. هل فشلت المحاولات الأميركية في تعطيله؟
المقاطعة الأميركية لـ"أولمبياد بكين 2022" تتخطّى حدود الدبلوماسية، لتشمل الاتهامات بالتجسس، ولائحة الطعام المقدَّمة إلى اللاعبين، وإنقاد الضيوف. فماذا تقول الصين؟
تخطّت مقاطعة الولايات لـ"أولمبياد بكين 2022" حدود الدبلوماسية، متذرّعة بمواصلة "جمهورية الصين الشعبية الإبادة والجرائم ضد الإنسانية في شينغيانغ، والانتهاكات الأخرى لحقوق الإنسان"، ومفترضةً أن في إمكان صُنّاع القرار في واشنطن تكرارَ الحملة التي قادوها من أجل مقاطعة ألعاب موسكو الأولمبية، في عام 1980، بعد الغزو السوفياتي لأفغانستان.
بعد هذا الإعلان، قرّرت كل من أستراليا وبريطانيا وكندا المقاطعة الدبلوماسية، لكن فرنسا رفضت المقاطعة، مبرِّرة السبب بأن الرياضة عالم في حد ذاته، ويتعيّن أن يكون محمياً من التدخلات السياسية.
التجسّس
مع بداية هذا الحدث الرياضي، والذي يُشارك فيه2861 رياضياً من 91 دولة، حثّ مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي الرياضيين الأولمبيين على ترك هواتفهم المحمولة الشخصية في المنزل، وأن يأخذوا بدلاً منها هواتف محمولة موقَّتة إلى دورة الألعاب، مشيراً إلى احتمال حدوث "أنشطة إلكترونية خبيثة".
ولفت المكتب إلى أنّه بالرغم من عدم علمه بـ"أي تهديد إلكتروني"، فإن من المهم أن يكون المشاركون في الألعاب "يَقِظين، وأن يحافظوا على أفضل الممارسات في شبكاتهم وبيئاتهم الرقمية".
وبين المخاوف التي تحدثت عنها وسائل إعلام أميركية، خلال تحضير وفود الدول المشاركة، "خطرُ قيام الجهات الحكومية باستخدام شبكات الـ Wi-Fi المخصَّصة للاعبين من أجل التجسس على الاتصالات الخاصة، أو حتى تثبيت البرامج الضارة ونقاط الضعف الأخرى في الأجهزة الشخصية"، مشيرةً إلى أن "هذه البرامج يمكن أن تعرّض الاتصالات الرياضية والسياسية، على حدّ سواء، لهجوم لاحق".
ونقلت وسائل الإعلام الأميركية، عن واشنطن وحلفائها، قولهم إن شركات متعددة، من بين الشركات التي توفّر إدارة الشبكات والبيانات، بما في ذلك شركة Huawei Technologies، يمكن أن تستخدم هذا الأمر من أجل التجسس، لكنّ "هواوي" أنكرت بدورها هذه الادعاءات.
وأشار موقع "بلومبيرغ" أيضاً إلى أن أستراليا وبلجيكا وهولندا وكندا، من بين الوفود التي نصحت الرياضيين بإبقاء أجهزتهم بعيدة عن شبكات Wi-Fi، واستخدام الهواتف المحمولة إن أمكن.
انتقاد الضيوف
حتى قائمة الضيوف لم تَسْلَم، فصرّحت شبكة "سي أن أن" بأن "قائمة الضيوف الأولمبية ثقيلة على الرجال الأقوياء والمستبدّين"، قائلة "إن نصف هؤلاء الأشخاص البارزين ينحدرون من دول استبدادية".
حتى صحيفة "وول ستريت جورنال" قامت بتغطية قائمة المدعوين، ونقلت عن مراقب غربي قوله إن السياسة الخارجية الصينية في العامين الماضيين "نجحت في الحصول على اعتراف الأنظمة الاستبدادية والدول التي تعتمد على الصين فقط".
محاربة الطعام
لم يقتصر الموضوع على التجسس الإلكتروني، بل تخطّى ذلك ليصل إلى قائمة الطعام، فنقل الإعلام الأميركي تصريحات لمدرب التزلج الألماني، كريستيان شفايغر، الذي قال إن "الطعام مشكوك فيه".
وأوضح الإعلام الأميركي، في الوقت نفسه، أن فريق الولايات المتحدة الأميركية كان له من "البصيرة" ما يكفي لإحضار طعام التخييم.
لكن الوفد الأميركي المشارك في الأولمبياد أعرب عن امتنانه للمضيفين.
الجدير ذكره هنا، أن هذه الاتهامات ليست وليدة اللحظة، وإنما ظهرت، على نحو كبير، مع انتشار فيروس كورونا في العالم عام 2019، بحيث اعتمد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، مثلاً، مصطلحات عنصرية، واصفاً الفيروس بـ"فيروس ووهان"، و"فيروس الصين"، و"كونغ فلو".
ماذا تقول الصين؟
بالعودة إلى أحداث أولمبياد الصين، أكدت وسائل إعلام صينية أن ما يقوم به بعض وسائل الإعلام الأميركية هو "افتراء" ليس فقط على الصين، وإنما أيضاً على زعماء العالم الذين حضروا حفل الافتتاح.
وقالت صحيفة "غلوبل تايمز" الصينية إن "من يأتون لحضور الألعاب أو يدعمونها لديهم أسباب عادلة. إنهم يُظهرون الوحدة عبر روح الألعاب. أمّا الولايات المتحدة، فهي التي تتخذ، في المقابل، خطواتٍ مُهينةً، عبر التآمر وراء الكواليس، وشنّ حملة "مقاطعة دبلوماسية".
أمّا دبلوماسياً، فوصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو ليجيان، كل تصريحات الدول الغربية بشأن تهديدات الأمن السيبراني للهواتف المحمولة الشخصية للرياضيين وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة اللوحية، خلال دورة الألعاب، بأنها "تكهنات غير مبرَّرة". ويشير عدد من تقارير الأمن السيبراني إلى أن 17% من مجمل الهجمات السيبرانية في العالم تنطلق من الولايات المتحدة الأميركية.
وقال خبراء صينيون وأجانب إن أميركا تجعل من نفسها نكتة، ليس فقط عبر إعلان مقاطعة الألعاب الأولمبية، بل من خلال تسييس الأولمبياد.
حتى إن السفير الصيني لدى الأمم المتحدة تشانغ جيون توجَّه إلى المسؤولين الأميركيين، قائلاً "لا تذهبوا أبعد في الطريق الخطأ، فهذا لن يؤدي فقط إلى معاناة شعبكم، بل سيخلق مزيداً من المشاكل للبلدان الأخرى، وللعالم بأسره".
في الحقيقة، "لا أحد يهتمّ، ولن يكون لذلك تأثير في نجاح أولمبياد بكين"، وفق المتحدث باسم السفارة الصينية في الولايات المتحدة.
Politicians calling for boycott #2022BeijingOlympics are doing so for their own political interests and posturing. In fact, no one would care about whether these people come or not, and it has no impact whatsoever on the #Beijing2022 to be successfully held.
— Liu Pengyu 刘鹏宇 (@SpoxCHNinUS) December 6, 2021