ألمانيا: رئيس المخابرات يحذر من التعامل "بسذاجة" مع الصين
رئيس المخابرات الخارجية الألمانية برونو كال يحذر من أنّ "بعض شرائح المجتمع الألماني" لا تزال لديها "سذاجة" معينة تجاه الصين، وذلك وسط جدل ألماني داخلي متزايد حول الحكمة من العلاقات الاقتصادية مع بكين.
قال رئيس المخابرات الخارجية الألمانية برونو كال، اليوم الإثنين، إنّ "بعض شرائح المجتمع الألماني" لا تزال لديها "سذاجة" معينة تجاه الصين، وذلك وسط جدل ألماني داخلي متزايد حول الحكمة من العلاقات الاقتصادية مع بكين.
وأضاف رئيس وكالة الاستخبارات الخارجية أنّه "لا يزال هناك بالتأكيد مجال للتحسين" عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع اتصالات من السلطات الصينية.
وأردف، في جلسة استماع برلمانية سنوية لرؤساء الأجهزة السرية الألمانية، أنّ "برلين يجب أن تكون يقظة بشأن هجرة المعرفة نحو الصين، حيث تتطلع إلى أن تصبح رائدة عالمياً في مجال التكنولوجيا بحلول عام 2049".
وقال: "أعتقد أنّ تغييراً كبيراً في الوعي قد بدأ بالفعل، ولكن بالطبع هناك أيضاً الكثير من الثقة والسذاجة في المجال العلمي، وهذا غير مناسب.. تعدّ الصين شريكاً تجارياً رئيسياً لألمانيا، خاصة في صناعة السيارات الرائدة".
لكنّ علاقة برلين ببكين توتّرت في السنوات الأخيرة، كما تصاعدت التوترات بسبب النزاع مع تايوان.
وأضاف كال أنّه "ينظر إلى مشاركة الشركات الصينية في البنية التحتية الألمانية الرئيسية بشكل حاسم للغاية"، مضيفاً: "بالطبع الميناء، على سبيل المثال، هو نوع البنية التحتية الحيوية التي يتعين عليك فحصها بعناية فائقة قبل الدخول في التزام".
وحذّر من أنّ ألمانيا "يجب أن تكون مستعدة لحقيقة أنه يمكن استخدام الروافع الاقتصادية لفرض الأفكار الصينية"، مضيفاً أنه "في حالة وجود خلافات في وجهات النظر السياسية، فسيتمّ استخدام هذه الوسائل أيضاً".
بدوره، حذّر توماس هالدينفانج، رئيس وكالة المخابرات الداخلية الألمانية، من "مخاطر تورّط الشركات الصينية في البنية التحتية الرئيسية"، وقال إنه "يجب عدم السماح بوضع يمكّن الصين من التأثير على الأحداث السياسية في ألمانيا".
"تبعية اقتصادية ألمانية للصين"
وكان وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر تحدّث، في تموز/يوليو الفائت، عن "تبعية اقتصادية ألمانية للصين"، إذ قال في تصريح لصحيفة "داي تسايت" (Die Zeit): "ما يقلقني بالنسبة للوضع في ألمانيا أننا نعاني من تبعية اقتصادية قوية للصين"، مضيفاً: "علينا تنويع علاقاتنا التجارية بما في ذلك صادراتنا".
وتعاني العلاقة بين البلدين من توترات كبيرة ناتجة عن مواقف سياسية متباينة بشأن العديد من القضايا العالمية المهمة، وبشأن طبيعة العلاقة بين البلدين كذلك على مستوياتها المختلفة، بالرغم من علاقات اقتصادية وتجارية كبيرة بين بكين وبرلين.
وسبق أن حذّرت الصين الاتحاد الأوروبي من "خطورة إنشاء ليتوانيا شراكةً مع حكومة تايوان" بشكل مستقلّ عن الصين، ما اعتبرته دول أوروربية دليلاً على دور متزايد للصين في التأثير على السياسات الأوروبية.
ويعاني المستثمرون الألمان من أصحاب المصالح الاقتصادية في الصين من فترات الإغلاق الطويلة الناتجة عن سياسة الحكومة الصينية للحدّ من انتشار جائحة كورونا، والتي ما تزال مفروضة بشكل كبير على كبرى المدن الصناعية مثل شنغهاي وشينزن المهمتين.
وشكلت الحرب في أوكرانيا سبباً إضافياً لتوتر العلاقة بين البلدين، إذ أصرّت الصين على اعتماد موقف مغاير تماماً لموقف أوروبا المتشدد تجاه روسيا ولم تفرض عقوبات على موسكو، بل زاد التبادل التجاري بين موسكو وبكين لا سيما على مستوى منتجات الطاقة، وهو أمر رأت فيه الدول الأوروبية "دعماً لروسيا في مواجهة العقوبات الغربية وإفشالاً لأهداف العقوبات".
في المقابل، مارست الحكومة الألمانية ضغوطاً كبيرةً على الصين بسبب مزاعم "الإيغور"، مما جعل الشركات الألمانية تقرر تقليص وجودها في الصين، بالرغم من أنّ نصف الشركات الصناعية الألمانية تقريباً تعتمد على مواد أولية مصدرها الصين.
وبحسب الأرقام التجارية الصينية، تتصدر شركات السيارات لائحة المستثمرين، إذ وصل حجم التبادل التجاري بين الصين وألمانيا في عام 2021 إلى نحو 270 مليار دولار أميركي، منها حجم صادرات ألمانية يقدر بـ 123.7 مليار دولار أميركي.
في المقابل كانت الصادرات الصينية إلى ألمانيا حتى فبراير/شباط 2022 قد سجلت ارتفاعاً نسبياً قدره 24.5% عن العام السابق، وصلت بها الصادرات إلى 122 مليار دولار أميركي.
وتعدّ ألمانيا خامس شريك تجاري للصين على مستوى العالم، وبوابة الصين ومنتجاتها نحو القارة الأوروربية.