مع الشلل المحتمل في الميزانية.. اقتصاد الولايات المتحدة على حافة أزمة حادة
أزمات الاقتصاد الأميركي تتراكم، لتنعكس الخلافات الحادة بين كتلتَي الحزبين الجمهوري والديمقراطي في مجلسَي النواب والشيوخ على التفاهم بشأن الميزانية، ما ينذر بإغلاقٍ حكومي سيؤدي إلى شللٍ في المؤسسات وتأثر سداد رواتب الموظفين.
باشرت الإدارة الأميركية إبلاغ العاملين لديها بـ"إغلاقٍ حكومي وشيك" سيؤدي إلى إرسال ملايين الموظفين الفيدراليين والعسكريين إلى منازلهم موقتاً، أو جعلهم يعملون بلا أجر، وذلك ما لم يتوصل الكونغرس إلى اتفاقٍ بشأن الميزانية.
يُشار إلى أنّه مِن دون التوصل إلى اتفاق على ميزانية الحكومة الفيدرالية، سينتهي تمويل جزءٍ كبير من الحكومة الفيدرالية عند منتصف ليل السبت، ما يُهدّد بتعطيل كل القطاعات، وإذا ما استمر الإغلاق، فإنّه سيوجه ضربةً أخرى للاقتصاد الأميركي غير المستقر.
وغالباً ما يتحول التصويت على الميزانية في الكونغرس إلى مواجهةٍ بين الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، حيث تستخدم كتلتا الحزبين فيها التهديد بالذهاب إلى الإغلاق الحكومي لانتزاع تنازلاتٍ مِن الجهة المقابلة، لكنّ هذه المناورات عادةً ما تبوء بالفشل.
وبعد أربعة أشهرٍ على تجنب الاقتصاد الأميركي لتخلفٍ كارثي عن سداد الديون، يقف أكبر اقتصاد في العالم مرةً جديدة على شفير أزمةٍ مع توقع أن تبدأ مفاعيل الإغلاق بالظهور نهاية هذا الأسبوع.
وتعذّر على الجمهوريين الذين يحظون بالغالبية في مجلس النواب الأميركي، إقرار مجموعة مشاريع القوانين المعتادة التي تحدّد ميزانيات الإدارات للسنة المالية المُقبلة، والتي تبدأ الأحد، بعدما أعاقت جهودهم مجموعة متطرفة في الحزب، تُطالب بخفضٍ كبير للإنفاق الحكومي.
اقرأ أيضاً: مسؤول في "الفيدرالي": التضخم أكبر من أن يتحمله الأميركي العادي
إغلاقٌ يهدّد الموظفين الحكوميين
كشفت وكالة "فرانس برس" الإخبارية، وفقاً لإشعارٍ اطّلعت عليه، أنّ بعض الموظفين الفيدراليين الأميركيين أُبلِغوا بالاستعدادات لحصول "إغلاق حكومي".
وحذّرت وزارة الصحة الأميركية، في رسالةٍ بالبريد الإلكتروني، أرسلتها الخميس إلى موظفينَ لديها، واطّلعت عليها "فرانس برس"، مِن أنّ الأفراد المُبلّغين مُسبقاً "سيخضعون موقتاً لبطالةٍ فنية"، وهو الأمر الذي يعني أنّه لن يُسمح لهم بالعمل أو باستخدام موارد الوزارة، كما سيتعين عليهم بالتالي الانتظار حتى نهاية الإغلاق، في حال حدوثه، لتلقي رواتبهم بأثرٍ رجعي.
وستشهد وزارة الصحة انخفاضاً في عدد الموظفين في كل الأقسام تقريباً، طوال هذه الفترة، حسب ما جاء في تفاصيل البريد الإلكتروني الذي تلقاه الموظفون، حيث قالت الوزارة إنّ الكثير من برامجها وأنشطتها الأساسية "سيستمر، لكن مع عددٍ أقل من الموظفين".
ومِن جهتها، قالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية، سابرينا سينغ، إنّه في حال حصول شللٍ لبضعة أيامٍ فقط، "سيضطر جنودنا إلى مواصلة العمل، لكنّهم سيفعلون ذلك بلا أجر، كما سيكون آلاف من زملائهم المدنيين في فترة بطالة".
ولفتت سينغ إلى أنّ الإغلاق هو الوضع الأسوأ، حيث كشفت مواصلة "البنتاغون" مطالبة الكونغرس "بتأدية عمله وتمويل الحكومة".
ومِن شأن الإغلاق أن يضع الموارد المالية المخصّصة للعاملين في المتنزهات الوطنية والمتاحف، وغيرها من المواقع التي تعمل بتمويلٍ فيدرالي، أمام أزمةٍ حقيقية، كما يمكن أن تكون له تداعيات سياسية خطرة على الرئيس، جو بايدن، في سعيه إلى الفوز بولايةٍ ثانية في الانتخابات الرئاسية المُقبلة.
وفي ما يتعلّق بقطاع النقل، يمكن أن تكون للإغلاق "عواقب مدمّرة وخطرة"، وفقاً لتحذيرات الوزير ومستشار الرئيس الأميركي لشؤون النقل، بيت بوتيجيج، الأربعاء.
وبدورها، أكّدت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، جولي كوزاك، في مؤتمرٍ صحافي الخميس، أنّها ترى أنّ هذا الوضع يُعدّ "خطراً يمكن تجنبه على الاقتصاد الأميركي"، مُطالبةً الأطراف المعنية بالتوصّل إلى توافق في شأن طرق تمويل الحكومة الأميركية.
يُذكر أنّ أطول فترة من شلل الميزانية في الولايات المتحدة، استمرت 35 يوماً، وذلك بين كانون الأول/ديسمبر 2018، وكانون الثاني/يناير 2019.
ويُشار إلى أنّ الحل الوحيد لتجنب الإغلاق الحكومي ومفاعيله الكارثية على الاقتصاد، هو التوصّل إلى اتفاقٍ في اللحظة الأخيرة بين الديمقراطيين والجمهوريين.