"ذا إيكونوميست": ما مدى عمق الفساد في القطاع المصرفي الأميركي؟

مجلة "ذا إيكونوميست" البريطانية تقول إنّ انهيار بنك "سيليكون فالي" قد يكون بداية لشيءٍ أكثر سوءاً بالنسبة للقطاع المصرفي في الولايات المتحدة.

  • "ذا إيكونوميست": سقوط بنك "سيليكون فالي" استغرق أقل من 40 ساعة

ذكرت مجلة "ذا إيكونوميست" البريطانية، أمس الخميس، أنّ انهيار بنك "سيليكون فالي" الأميركي قد يكون بداية لشيءٍ أكثر سوءاً بالنسبة للقطاع المصرفي في الولايات المتحدة.

وقالت المجلة إنه لا يمكن لأي بنك أن يصمد إذا أراد عددٌ كافٍ من المودعين أن يتم سداد ودائعهم في الوقت نفسه، وبالتالي، فإنّ الحيلة تكمن في ضمان عدم وجود سبب لسحب الأموال على الإطلاق، مضيفةً أنه "أمرٌ فشل الرؤساء في بنك وادي السيليكون في أدائه في لحظة حاسمة".

وأوردت أنّ سقوط بنك "سيليكون فالي"، الذي يبلغ من العمر 40 عاماً، والذي تم إنشاؤه لتلبية احتياجات المشهد التكنولوجي، استغرق أقل من 40 ساعة، وتابعت بأنه "في الثامن من آذار/مارس، قال المُقرض إنه سيصدر أكثر من ملياري دولار من رأس المال، وذلك جزئياً لتغطية خسائر السندات".

وأشارت إلى أنّ  ذلك أدى إلى التدقيق في ميزانيته العمومية، والتي كشفت أنّ نحو نصف أصوله كانت عبارة عن سندات طويلة الأمد، مضيفةً أنه "رداً على ذلك، تم سحب ودائع بقيمة 42 مليار دولار، أي ربع إجمالي البنك، وفي ظهر العاشر من آذار/مارس، أعلن المنظمون أنّ البنك قد انهار".

وبحسب المجلة، تُثير هذه الأحداث أسئلة عميقة حول النظام المصرفي في الولايات المتحدة، إذ كان من المفترض أن تؤدي اللوائح التنظيمية في فترة ما بعد الأزمة المالية إلى حشو البنوك برؤوس الأموال، وزيادة احتياطياتها النقدية، والحدّ من المخاطر التي كانت قادرة على تحمّلها.

ولفتت إلى أنه كان من المفترض أن يمتلك بنك الاحتياطي الفيدرالي الأدوات التي يحتاجها لضمان بقاء المؤسسات في العمل. بشكلٍ حاسم، هو "مُقرض الملاذ الأخير"، قادرٌ على مبادلة النقد بضمانات جيدة بسعر جزائي في "نافذة الخصم"  الخاصة به (منشأة تقدّم قروضاً قصيرة الأجل للبنوك التجارية)، موضحةً أنّ العمل كـ"مقرض الملاذ الأخير" يُعتبر أحد أهم وظائف أي بنك مركزي.

ورأت المجلة أنّ "تدخلات بنك الاحتياطي الفيدرالي ووزارة الخزانة كانت من النوع المتوقع في أي أزمة"، مشيرةً إلى أنهم "أعادوا تشكيل الهيكل المالي لأميركا بشكل أساسي".

اقرأ أيضاً: "واشنطن بوست" تشكك في أنّ تعويض المودعين في "SVB" لن يتحمّله دافعو الضرائب

وأضافت: "مع ذلك، بدا للوهلة الأولى أنّ المشكلة تكمن في ضعف إدارة المخاطر في بنك واحد"، ونقلت عن بيتر كونتي براون، المؤرخ المالي في جامعة بنسلفانيا، قوله: "إما أنّ هذا كان رد فعل مبالغاً فيه لا يمكن تبريره، أو أنّ هناك الكثير من الفساد في النظام المصرفي الأميركي أكثر مما يمكن أن يُعرف من خارج المعلومات الإشرافية السرية".

ووفق المجلة، فكون البنوك متوسطة الحجم يمكن أن تكون "أكبر من أن تفشل" هو أحد الدروس التي يجب أن يتعلّمها المنظمون من بنك "سيليكون فالي"، إذ قلبت هذه الحادثة أيضاً الأمثلة الأخرى للتمويل في فترة ما بعد الأزمة رأساً على عقب.

ولفتت إلى أنه "بعد عام 2008، اعتقد المستثمرون أنّ الودائع كانت آمنة، كما اعتقدوا أيضاً أنّ سندات الخزانة كانت آمنة والقروض محفوفة بالمخاطر".

وفي وقتٍ سابق اليوم، ذكرت وكالة "بلومبرغ" الأميركية أنّ البنوك الأميركية اقترضت مبلغاً قياسياً من الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بعد أزمة انهيار بنك "سيليكون فالي". وبحسب التقرير، فإنّ حجم الاقتراض سجّل مبلغاً قياسياً متجاوزاً حاجز الـ111 مليار دولار الذي تم الوصول له خلال الأزمة المالية لعام 2008.

وكانت السلطات الأميركية قد أعلنت، يوم الجمعة الفائت، إغلاقها مصرف "سيليكون فالي" المقرّب من أوساط التكنولوجيا، والذي وجد نفسه فجأةً في حالة تعسّر شديد، وعهدت بإدارة ودائعه إلى المؤسسة الفدرالية لتأمين الودائع في الولايات المتحدة.

ويتزاحم المودعون في الولايات المتحدة الأميركية وخارجها في الدول الغربية على سحب مدخراتهم، فيسرّعون بذلك عملية الانهيار، وسط حالة ذعر من أن يفقد هؤلاء ثقتهم بالنظام المصرفي،  ومخاوف بشأن متانة القطاع المصرفي ككل، خصوصاً مع الارتفاع السريع في أسعار الفائدة، الذي يؤدي إلى انخفاض قيمة السندات في محافظهم.

والعامل الذي سرّع إفلاس البنك المقرّب من الشركات الناشئة، هو سحب مبالغ كبيرة جداً من جانب زبائن يملكون أكثر من 250 ألف دولار في حساباتهم، وهو المبلغ الأقصى الذي تضمنه المؤسسة الفدرالية لتأمين الودائع.

اقرأ أيضاً: كيف وصل بنك "سيليكون فالي" الأميركي إلى الإفلاس؟

اخترنا لك