"بوليتيكو": سياسة بايدن تهدد صناعة بطاريات السيارات في أوروبا
مفاوضو الاتحاد الأوروبي يسعون للاتفاق على وضع معايير وشروط جديدة لضمان استدامة صناعة البطاريات في أوروبا، في وقت تهدد قرارات بايدن بشأن قانون محاربة التضخم إمكان محافظة القارة الأوروبية على الاستثمارات في هذا المجال.
يناقش مفاوضو الاتحاد الأوروبي، اليوم الجمعة، اتفاقاً على وضع معايير وشروط جديدة، وُصفت بأنها ستكون الأكثر صرامة في العالم بالنسبة إلى ضمان استدامة صناعة البطاريات، في محاولة لتحفيز الإنتاج المحلي.
يأتي ذلك في وقت تهدّد الإعانات الأميركية الضخمة، التي أقرتها واشنطن مؤخراً لمواجهة التضخم، بامتصاص الاستثمارات في عدة مجالات كبرى، ولاسيما في مجال صناعة البطاريات المتطورة، الى خارج القارة.
وبحسب مقال نُشر في صحيفة "بوليتيكو" الأميركية، يؤمّن قانون الحدّ من التضخم الأميركي الجديد الأموال العامة لمنتجي البطاريات الذين يتمركزون في أميركا الشمالية، الأمر الذي يعقّد جهود الاتحاد الأوروبي لتشجيع إنتاج البطاريات في أوروبا.
ويهدف دفتر المعايير والشروط الجديد إلى ضمان أنّ "الخلايا الموضوعة في سوق الاتحاد الأوروبي آمنة ومستدامة"، وسيحدّد المتطلبات التي تتراوح بين كيفية إعلان البصمة الكربونية للبطاريات، وكمية المواد المعاد تدويرها والتي يجب أن تحتويها، وأهداف تجميع بطاريات النفايات وقواعد العناية الواجبة".
وسيتمّ تطبيق القوانين الجديدة على البطاريات المصنوعة محلياً وكذلك المستوردة، بهدف المحافظة على مزيد من سلسلة الإنتاج داخل أوروبا، وتحويل الإنتاج من الصين التي تهيمن على السوق العالمية لخلايا أيونات الليثيوم، بحسب المقال.
وفي هذا السياق، قال كريس هيرون، المتحدث باسم مجموعة الضغط الأوروبية المتخصصة بالمعادن المستخرجة Eurometaux، إن القواعد الجديدة للاتحاد الأوروبي ستكون "حزمة مهمة لجعل الاستدامة هي العلامة الفارقة في البطاريات الأوروبية"، مضيفاً، في موازاة ذلك، "أنّنا الآن، في حاجة إلى جزرة أكبر لجلب استثمارات جديدة في سلسلة التوريد إلى أوروبا بدلاً من الولايات المتحدة أو الصين".
وأكّد هيرون أنّ " أحداً من طرفي هذه المعادلة لن يعمل من دون الآخر".
اقرأ أيضاً: قانون التضخم الأميركي.. لماذا تنظر إليه أوروبا بعدائية؟
ويدفع القانون الأميركي الجديد ائتماناً ضريبياً بقيمة 7500 دولار أميركي لكلّ سيارة كهربائية مصنعة محلياً، وهناك أموال أكثر كثيراً للبطاريات، إذ ستغطي الحكومة الأميركية اعتباراً من العام المقبل، ما يصل إلى 45 دولاراً لكل كيلوواط/ساعة من تكاليف إنتاج البطارية، وستدعم أيضاً 10% من تكلفة أجزاء البطارية والمواد الخام.
ويفترض أن تستمر هذه الإعانات في التدفق حتى عام 2030، الأمر الذي يوفر لشركات تصنيع البطاريات اليقين بشأن استثماراتها في المدى الطويل.
خطر حقيقي من تسرّب الإنتاج إلى خارج أوروبا
أزعجت الإعانات الأميركية للسيارات الكهربائية أوروبا، بحيث طالب كبار السياسيين الأوروبيين بإعادة التفكير من جانب البيت الأبيض، لكنّ دعم البطاريات يمثّل مشكلة أكبر بالنسبة إلى أوروبا من أموال السيارات.
وبحسب شركة الاستشارات IHS Markit،تمّ شحن نحو 54.020 مركبة كهربائية غرباً فوق المحيط الأطلسي في عام 2021، وهو جزء ضئيل من 2.3 مليون. وتم بيع مليون سيارة من هذا القبيل في أوروبا العام الماضي.
اقرأ أيضاً: المفوضية الأوروبية: يجب التحرك لمواجهة تداعيات قانون التضخم الأميركي
وأكّد ويليام تودس، المدير التنفيذي لمنظمة النقل والبيئة الخضراء غير الحكومية، أنّ الأوروبيين "في حاجة إلى القلق بشأن ائتمانات الإنتاج أكثر كثيراً من ائتمانات المستهلكين، وبعض الناس يرفض هذا، لكن مع هذا المستوى من الدعم والاختلافات في أسعار الطاقة، هناك خطر حقيقي من حدوث الإنتاج خارج أوروبا."
على رغم الضغوطات الأوروبية.. واشنطن لن تعدّل
على الرغم من أن البيت الأبيض يتعرض لضغوط من الاتحاد الأوروبي لتعديل القانون، فإن مفوض السوق الداخلية، تييري بريتون، قال إنه "لا توجد فرصة في إجراء تغييرات جوهرية: "ما حدث قد حدث".
وأضاف أنه "لا توجد طريقة أيضاً لتمديد دعم القانون ليشمل البطاريات المصنوعة خارج أميركا الشمالية، وبدلاً من حثّ واشنطن على تغيير سياستها، فإنه يريد من المفوضية الأوروبية أن تعزز لعبة الدعم الخاصة بها".
وبحسب الأميركيين، سيساعد القانون الجديد المنتجين للحصول على رأس المال والحصول على تكاليف خليتهم أقل من 100 دولار للكيلوواط/ساعة ، وهي النقطة التي يقول الخبراء فيها إن السيارات التي تعمل بالبطاريات تصبح تنافسية في الأسعار مع طرازات محركات الاحتراق.
ومن المقرر أن يوافق الاتحاد الأوروبي، اليوم الجمعة، على اتفاقية شراكة مجددة مع تشيلي، وفقاً لوزارة الخارجية التشيلية وعدد من الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، بهدف الوصول إلى مخزون ضخم من الليثيوم موجود في مسطحات أتاكاما الملحية في تشيلي.
لكنّ معايير الاتحاد الأوروبي الأكثر مراعاةً للبيئة ستؤدي أيضاً إلى رفع التكاليف، لذلك تدعو الصناعة إلى زيادة الإعانات من بروكسل.
وأطلقت أوروبا بالفعل ميزانية من 20 مليار يورو في عام 2017، ونجحت في جذب بعض المستثمرين، لكنّ قانون الحدّ من التضخم الأميركي الجديد، التي تقدّر ميزانيته بـ 369 مليار دولار، عمل على جذب الاستثمارات إلى الولايات المتحدة بدلاً من أوروبا. وبالتالي، بات يهدّد المصالح الأوروبية في هذا المجال.
اقرأ أيضاً: فرنسا: لن نقف مكتوفي الأيدي في مواجهة خطة واشنطن لمكافحة التضخم