أزمة حيوية تلاحق القطاعات الحيوية الأميركية: معاناة من نقص العمال
لا تزال تداعيات جائحة كورونا وعجز الميزانية في الولايات المتحدة تؤثر على مجمل القطاعات الحيوية الأميركية، التي تعاني من نقص عدد العمال وخصوصاً في القطاع الجوي والمواصلات وعمال البناء والتعليم، ومؤسسة متخصصة تتوقع ازدياد الوضع سوءاً.
تعاني عدد من القطاعات الأميركية الحيوية من نقص في العمال، وتشمل بعض الصناعات الرئيسية التي تأثّرت، كمراقبي الحركة الجوية، والمعلمين، وسائقي الحافلات، والطيارين، وعمال البناء.
ونشرت القناة الإخبارية "FOX Business" الأميركية، تقريراً حديثاً يلقي نظرة شاملة على الوضع في هذه القطاعات، ومنها قطاع البناء والتصنيع، حيث كان هناك نحو 363 ألف فرصة عمل في تموز/يوليو، وفقاً للبيانات الأولية الصادرة عن مكتب إحصاءات العمل. ويمثل ذلك انخفاضاً بنسبة 6% تقريباً على أساس شهري، وزيادة بنسبة 2.8% على أساس سنوي.
وقال أنيربان باسو، كبير الاقتصاديين في شركة "Associated Builders and Contractors"، في بيان صحافي: "لسوء الحظ، لا يزال الطلب على عمال البناء مرتفعاً مقارنة بالعرض. وبينما انخفض عدد وظائف البناء غير المشغولة في تموز/يوليو، فإنّ 4.4% من الوظائف على مستوى الصناعة لا تزال شاغرة حالياً، وهي حصة أكبر مما كانت عليه قبل عام واحد وفي بداية الوباء".
وفي الوقت نفسه، أظهرت البيانات الأولية للوظائف الشاغرة لمكتب إحصاءات العمل لشهر تموز/يوليو ما مجموعه 550 ألف فرصة عمل في قطاع التصنيع. وفي الشهر نفسه من عام 2022، بلغ عدد الفرص المتاحة 885 ألف وظيفة.
أما بالنسبة لقطاع الطيارين وطاقم صيانة الطائرات، فهناك نقص في الطيارين وميكانيكيي الطيران، وكلاهما يؤدي وظائف حيوية للسفر الجوي.
ومن حيث الطيارون، قدّرت مؤسسة "أوليفر وايمان" الاستشارية النقص بنحو 17 ألف وظيفة في جميع أنحاء أميركا الشمالية هذا العام، في تراجع طفيف عن تقديرات سابقة للشركة الاستشارية، التي تتوقّع بلوغ ذروة النقص عند 24 ألف وظيفة في عام 2026.
ورأت المؤسسة نفسها أنّ جانباً من التحسّن في النقص، يرجع إلى زيادة عدد المتقدمين الجدد للوظيفة وكذلك "انخفاض معدلات الطيران، خصوصاً من قبل شركات الطيران الإقليمية".
وفيما يخص مراقبي الحركة الجوية، فقد أفاد مكتب المفتش العام لوزارة النقل أنّ ما يقرب من 10.600 مراقب جوي محترف معتمد عملوا في إدارة الطيران الفيدرالية في عام 2022، إضافة إلى بضعة آلاف لا يزالون في التدريب. وذكرت وكالة "رويترز" في وقت سابق، أنّ عدد المعتمدين شهد منذ ذلك الحين زيادة طفيفة.
ووجد التقرير أنّ نحو "20 من أصل 26 منشأة حيوية (77%) مزوّدة بموظفين أقل من الحد الأدنى الذي تعتمده الوكالة، والبالغ 85% لمراقبي الحركة الجوية المعتمدين".
وتعمل إدارة الطيران الفيدرالية (FAA)، على معالجة النقص الذي تفاقم بسبب فيروس جائحة كورونا. وكشفت مؤخراً عن إدراج 1500 مراقب للحركة الجوية على قوائم رواتبها هذا العام.
وقالت الوكالة إنها في العام المقبل، تريد استكمال توظيف 1800 آخرين، وهو أمر طلبت من أجله تمويلاً فيدرالياً إضافياً، فيما يجري حالياً تدريب نحو 2600 شخص للوظائف.
ووفق توقّعات المؤسسة فإنه في عام 2023، يتعيّن على الصناعة في أميركا الشمالية أن تواجه نقصاً يتراوح بين 12 إلى 18 ألف فني صيانة، وقد تصل ندرة هؤلاء العمال إلى ما يقرب من 43 ألفاً خلال أربع سنوات.
وقالت شركة "HopSkipDrive" مؤخراً إنها وجدت في استطلاع أجرته بين مسؤولي المدارس، أن 62.5% من المشاركين وصفوا عمليات النقل الخاصة بهم بأنها "مقيّدة إلى حد ما" بسبب نقص سائقي الحافلات، فيما أفاد 29.5% أنها كانت "مقيّدة بشدة".
وبالنسبة إلى قطاع التعليم، فهو يعاني نقصاً مستمراً في المعلمين وغيرهم من موظفي التعليم. وقالت جمعية التعليم الوطنية لـ "FOX Business"، إنه بناءً على تحليلها، شهد التعليم العام زيادة بنسبة 38% في فرص العمل المتاحة مقارنة بشهر حزيران/يونيو 2019، حيث وصل المستوى إلى 309 ألف وظيفة مطلوبة في الشهر نفسه من هذا العام.
وبالنسبة لعام 2023، بلغ متوسط فرص العمل المطلوبة في القطاع 322.5 ألفاً، وهو مستوى يمثّل "ثاني أعلى مستوى" على الإطلاق.
وقد ساهمت المستويات المتدنية لرواتب المعلمين، من بين عوامل أخرى، في النقص الذي تواجهه المناطق التعليمية.
وقبل أيام، قالت وكالة "بلومبرغ" الأميركية إنّ "عجز الميزانية الأميركية ينفجر بصورة غير مسبوقة"، مشيرةً إلى حرص المسؤولين الأميركيين، أكثر من أي وقت مضى، على تغذية الاقتصاد بأموال الحكومة، وهو ما يساعد في رفع تكاليف الاقتراض.
وبحسب الوكالة، فإنّ التوقعات بشأن الميزانية الفدرالية حالياً غير مسبوقة، فعلى الرغم من أنّ الاقتصاد يبدو بحالة جيدة، إلا أنّ العجز طويل الأمد، وكبير بحجم الأزمة.
وفي وقتٍ سابق، صرّحت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، بأنّ احتمال حدوث ركود في الولايات المتحدة لا يمكن استبعاده تماماً، حيث لا تزال البلاد تُعاني من ارتفاع التضخّم.