أزمات اقتصادية ومعيشية في مناطق "قسد"
تعيش "الإدارة الذاتية" الكردية، التي تسيطر على مناطق واسعة من شمال وشرق سورية، أزمات اقتصادية متراكمة، مع تراجع لافت في مستوى المعيشي والخدمي لهذه المناطق، ما أدى لاندلاع احتجاجات واسعة في مدن وبلدات عدة، خاضعة لسيطرتها.
شكلّت التظاهرات والاحتجاجات والإضرابات التي نفذها سكان مدن وبلدات عدة في محافظتي الحسكة وديرالزور، الخاضعتين لسيطرة "قسد"، ولاحقاً الاحتجاجات في منبج، نقطة تحوّل مهمة، في إثبات قدرة الأهالي على إحداث التغيير.
وتجسّد ذلك واقعاً، من خلال تراجع "الإدارة الذاتية" عن قرار رفع سعر المحروقات بنسبٍ تتفاوت بين 100 و300 %، بفعل الاحتجاجات الشعبية المنددة بالقرار، بالإضافة إلى تجميد التجنيد الإجباري في مدينة منبج وريفها، بضغط شعبي وأهلي.
ورغم لك، تتواصل الاحتجاجات في عدة بلدات ومدن، آخرها في بلدة جديد بكارة بريف ديرالزور، للتعبير عن رفض الأهالي للواقع الاقتصادي والإداري القائم في مناطقهم، ما يجعل مشروع "قسد"، تحت ضغط الإرادة الشعبية لسكان المناطق.
فالأهالي في هذه المناطق، يجمعون على سوء الخدمات الطبية والصحية والخدمية والاقتصادية، في مناطق سيطرة "قسد"، رغم سيطرة الأخيرة على غالبية منابع النفط والغاز في البلاد، مع إلزام الفلاحين بتسليم محاصيلهم الاستراتيجية إلى مراكزها، ومنعهم من الوصول إلى المراكز الحكومية.
مع ذلك، تعيش هذه المناطق، أزمات اقتصادية خانقة، تتمثل بانقطاع الكهرباء والمياه، وشح في المحروقات والغاز، مع ارتفاع في نسب البطالة، وغياب أي مشاريع فاعلة، لإعادة إعمار المناطق التي دمرها "التحالف" الدولي، قبل دخول "قسد" إليها.
وتتهم مصادر حكومية وأهلية، "الإدارة الذاتية"، بسرقة وتهريب المحروقات إلى خارج البلاد، مع تهريب الأقماح، وهو ما خلق أزمة في إنتاج رغيف الخبز، في كافة مناطق سيطرتها في سوريا.
وترجّح عدة مصادر، أن "تراجع الدعم السعودي، وغياب الزيارات الرسمية، التي كان يقوم بها، الوزير السعودي، ثامر السبهان إلى المنطقة، أدت لانخفاض واضح في مستوى الدعم المقدم لـ"قسد"، وهو ما ترك فراغاً في الدعم المالي".
وتعتبر المصادر، أن "السعودية بدأت باتخاذ خطوات تقارب مع كل من أنقرة ودمشق، وخفضت من مستوى دعمها الاقتصادي بشكل واضح، وهو ما أدى لتدهور الأوضاع المعيشية لسكان المنطقة".
وتضيف المصادر، أن "قسد تحاول تعويض ذلك، عبر تهريب النفط والقمح خارج الحدود، والاستفادة من العائدات الاقتصادية، لتثبيت دعائم حكمها للمنطقة".
وفي هذا السياق، يعتبر أستاذ القانون الدولي في جامعة الفرات الحكومية، وعميد كلية الحقوق في الحسكة، د. عبدالله السلمو، أن " ما تقوم به قسد من تهريب للنفط والقمح، انتهاك للقانون الدولي، والسيادة الوطنية، وغير مباح بالأعراف والقوانين الدولية، ومخالف للإعلان العالمي لحقوق الإنسان".
وأضاف أن "هناك أكثر من 10 اتفاقات دولية، تمنع هذه الأعمال والتصرفات، إلى جانب أنها مخالفة للدستور السوري، الذي يعتبر الدولة السورية، الجهة الشرعية الوحيدة، التي تدير موارد الدولة".
ورأى السلمو، أن "وجود هذه القوى على الأرض، مرتبط بالدعم الخارجي الذي تتلقاه، ومصالح الدول التي تدعمها"، معتبراً، أن " غياب وانحسار هذا الدعم، يجعلها تخضع لإرادة القانون والدستور، لإعادة المناطق إلى سيادة الدولة السورية".
في المقابل، اعتبرت "قسد"، عبر بيانات عديدة، أن " مايحصل في جزء منه، يخدم مصالح أيادي خارجية تريد العبث، باستقرار المنطقة، وخلق فتنة بين سكانها".
وتسعى "قسد"، لامتصاص هذه الاحتجاجات، عبر تنظيم لقاءات مع الأهالي، ونشر بيانات، تدعوهم لعدم الانجرار وراء الأيادي الخارجية، مع التعهد بتحسين الواقع الاقتصادي والخدمي للمنطقة".