"نيويورك تايمز": إنه يوم عدم اليقين بالنسبة للاقتصاد الأميركي
تتناول صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية الأزمة المالية في المصارف، والإفلاس المدوي لبنكي "سيليكون فالي" و"سيغنتشر"، وتطرح أسئلة عدة، حول ما إذا سيلحق بهذين المصرفين مصارف أخرى، وماذا ستفعل الحكومة الفدرالية.
ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أنه في عام 2008، احتفظ المصرفيون الذين اتخذوا "القرارات السيئة" التي أدت إلى الأزمة المالية بوظائفهم (المربحة للغاية)، واستمرت بنوكهم في الوجود أيضاً، بل حصلوا أيضاً على حكومة تضمن لهم بعض الأرباح في المستقبل.
وتساءلت الصحيفة: "هل سيتعين على المزيد من البنوك الإغلاق كما فعل بنك وادي السيليكون؟ كيف سيكون رد فعل الأسواق المالية؟ ماذا ستفعل الحكومة الفيدرالية؟ وهل ستثبت الاضطرابات الحالية أنها عابرة أم ستتحول إلى أزمة حقيقية؟
ماذا حدث؟
تأسس "أس في بي" (SVB) في كاليفورنيا عام 1983، وأصبح أحد أكبر 20 مصرفاً في البلاد عن طريق إقراض الأموال للشركات الناشئة في الغالب.
ووفق "نيويورك تايمز" تعود مشاكل (SVB) إلى عام 2021، عندما كانت العديد من الشركات التكنولوجية الناشئة، تودع مبالغ كبيرة من النقود في البنك. وقتها، حاول البنك زيادة أرباحه من خلال استثمار تلك الودائع في مكان آخر. ولكن مع زيادة الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، بدأت استثمارات البنك تفقد قيمتها.
وفي الأيام الأخيرة، أصبح عملاء البنك قلقين من أنه لن يكون لديه ما يكفي من المال، لسداد المبالغ المستحقة لعملائه، وعليه حدثت عملية تشغيل بنكية تقليدية.
وتعتبر عمليات تشغيل البنوك خطيرة، لأنها تتغذى على نفسها، مما يؤدي إلى الذعر، حيث يخشى الناس من أن ودائعهم قد تكون في خطر.
وحتى البنوك التي تتمتع "بصحة جيدة"، يمكن أن تتعرض للخطر لأنها أيضاً، لا تحتفظ بما يكفي من النقود، للسداد إلى جميع العملاء دفعة واحدة. وإذا ما احتفظت البنوك بجميع ودائعها في خزنةٍ، فلن تتمكن من كسب الأموال التي تسمح لها بدفع الفائدة.
اقرأ أيضاً: قلق أميركي من انهيار "بنك وادي السيليكون" وبريطانيا تتحرك لتفادي الضرر
وقف الأزمة
حاول المنظمون الفيدراليون تهدئة المخاوف، الليلة الماضية، من خلال الإعلان عن أن جميع عملاء "SVB"و"Signature" سيحصلون على أموالهم اليوم.
وأشار بعض عملاء "SVB" إلى أنهم لن يتمكنوا من دفع رواتب موظفيهم، إذا فقدوا أموالهم، مما قد يؤدي إلى مشاكل اقتصادية متصاعدة.
لكن إعلان الليلة الماضية له فائدة في تقليل احتمالية حدوث حالة من الذعر. كما أنه يمنع الضحايا الأبرياء على ما يبدو - العمال والمديرين التنفيذيين - من التعرض للأذى.
علماً، أنه وفقاً لـ "نيويروك تايمز"، إذا انتشر الذعر، فسيكون دافعي الضرائب في مأزق، كما حدث خلال الأزمة المالية في 2007-2009، لأنّ برنامج التأمين سيكون أصغر من أن يغطي الخسائر.
هذا الخطر، يسلّط الضوء على حقيقة أنّ هناك سؤالين مختلفين بشأن السياسة يجب مراعاتهما في الأيام المقبلة - أحدهما فوري والآخر على المدى الطويل.
السؤال الفوري: كيف نمنع هذا الوضع من التحول إلى أزمة كاملة؟ أما السؤال المؤجل، هو كيفية تقليل فرص حدوث أزمات في المستقبل؟
ووفقاً للموقع، الدروس التاريخية هنا مختلفة. لقد عانت الولايات المتحدة الكثير من حالات الذعر المالي، خلال العقود القليلة الماضية، والتي يرجع تاريخها إلى أزمة المدخرات والقروض في الثمانينيات، لأن البلاد تميل إلى تنظيم بنوكها بشكل خفيف للغاية.
وبمجرد أن بدأ "SVB" يتعثر، بدأ مديرو الصناعة المالية والمستثمرون مرة أخرىً في المطالبة بمساعدة الحكومة. وعلى المدى القصير، قد تحتاج الحكومة بالفعل إلى التدخل لتجنب انتشار الأزمة.
لكن الأسئلة الأقل إلحاحاً، قد تكون غير مريحة للمصرفيين: "كيف يمكن للأشخاص الذين تسببوا في هذه الأزمة أن يتحملوا المسؤولية المالية عنها؟ وكيف يمكن للاقتصاد الأميركي أن ينهي دورة الازدهار هذه التي تفيد البنوك والانهيارات التي تضر بالآخرين"؟
في عام 2008، احتفظ المصرفيون الذين اتخذوا القرارات السيئة التي أدّت إلى الأزمة المالية بوظائفهم (المربحة للغاية). واستمرت بنوكهم في الوجود أيضاً، بل وحصلوا على حكومة تضمن لهم بعض الأرباح في المستقبل.
وحتى في الوقت، الذي عانى فيه الناس العاديون من البطالة الجماعية وفقدان وظائفهم وسبل عيشهم، ظلّ العديد من الأشخاص المسؤولين عن الكارثة يجمعون شيكات بملايين الدولارات ويبقون في مناصب مرموقة في السلطة.
الآن يتكرر ذلك بضمانات حكومية، وفق "نيويورك تايمز".
وفي وقت سابق اليوم، ورغم انهيار "سيليكون فالي"، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن على متانة النظام المصرفي، وحاول طمأنة المستثمرين والمواطنين على ودائعهم بعد الإفلاس المدوي لبنكي "سيليكون فالي" و"سيغنتشر".