كيف تهدد أزمة سقف الدين القوة الأميركية؟
أزمة سقف الدين الأميركي الآنية لها أبعاد تتخطى الاقتصاد، وتذكّر بأزمة مشابهة حصلت عام 2011، أثّرت بشكل كبير على تصنيف الولايات المتحدة، وقيمة الدولار.
منذ أن فاز الحزب الجمهوري بالسيطرة على مجلس النواب، في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، كانت الولايات المتحدة محاصرة في مواجهة قد تؤدي إلى أزمة اقتصادية كبيرة، حيث رفض الجمهوريون زيادة سقف الديون الأميركية ما لم يوافق الرئيس الأميركي جو بايدن على تخفيضات كبيرة في الإنفاق رفضها الأخير حتى الآن.
وزيادة سقف الديون الأميركية، هو حد تشريعي لمبلغ الأموال التي يمكن لواشنطن اقتراضها لدفع فواتيرها.
أصبحت المواجهة ملحة بشكل متزايد مع وصول الولايات المتحدة من الناحية الفنية إلى سقف ديونها في كانون الثاني/يناير من هذا العام، ولا يمكن للأدوات التي تستخدمها وزارة الخزانة الأميركية لإبقاء واشنطن ضمن حدودها أن تعمل لفترة أطول.
إذا لم يتوصل الجمهوريون والديمقراطيون إلى اتفاق بحلول نهاية حزيران/يونيو، فستتخلف البلاد عن السداد لأول مرة في التاريخ، ونظراً لأن التخلف عن السداد سيكون غير مسبوق، فمن الصعب التنبؤ بعواقبه بالضبط، بحسب مجلة "فورين أفيرز".
خلال أزمة سقف الدين لعام 2011، خفّضت وكالة ائتمان رئيسية تصنيف الولايات المتحدة، وتراجعت الأسهم العالمية، وانخفضت أسعار سندات دول الأسواق الناشئة مع اقتراب واشنطن من التخلف عن السداد، كما تأثرت مصداقية العملة الأميركية وضعفت قيمة الدولار.
ووفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي، انخفضت احتياطيات الدولار الأميركي التي تحتفظ بها البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم بشكل كبير.
وذكرت "فورين أفيرز"، أنّ معركة اليوم بين الجمهوريين والديمقراطيين، إذا أصبحت خطيرة بما فيه الكفاية، فمن المحتمل أن يكون لها عواقب مماثلة، وقد تكون المواجهة المتصاعدة أكثر ضرراً، حيث أنّ المأزق الشديد اليوم، سيضرب الولايات المتحدة في لحظة تتباطأ فيها، وتشهد تضخماً أعلى مما كان عليه منذ أربعة عقود، ووصلت أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى لها في 15 عاماً.
ومن المؤكد، نظراً لأن الولايات المتحدة هي أكبر اقتصاد في العالم، أنّ أي أزمة تواجهها ستنتشر إلى دول أخرى. وبالتالي، يمكن أن يؤدي التخلف عن السداد أو المواجهة المطولة إلى اضطرابات اقتصادية شديدة في جميع أنحاء العالم، بحسب المجلة.
بالنسبة لواشنطن، لن يقتصر الضرر الناجم عن أزمة سقف الديون الخطيرة على الاقتصاد، كونها تستمد قوة جيوسياسية هائلة من مكانة الدولار كعملة رائدة في العالم.
وذكرت "فورين أفيرز"، أنّ "الاستخدام الواسع للدولار يجعل من السهل على واشنطن تنفيذ عقوبات فعالة، لأنها يمكن أن تقطع خصومها عن الكثير من النظام المالي العالمي ببساطة عن طريق تقييد وصولهم إلى الدولار، لكن أزمة سقف الديون الحادة قد تدفع الكثير من العالم إلى التوقف عن الثقة في العملة، وتسريع نهاية تفوقها الدولي".
وختمت بالقول إنّ أزمة سقف الديون "ستكون كارثة مذهلة تتمثل بإضعاف الاقتصاد الأميركي وتقويض المكانة الدولية للولايات المتحدة".