رئيس تشيلي يطلب حصة الدولة في"الليثيوم".. كيف سيؤثر ذلك على واشنطن؟

الرئيس التشيلي غابرييل بوريك يعلن عن خطة ستطلب من الشركات الخاصة اتخاذ حكومة تشيلي شريكاً في إنتاج الليثيوم، في خطوة يمكن أن تزيد من حدة الصراع على هذه المادة بين القوى الكبرى.

  • منظر جوي يُظهر برك المياه المالحة ومناطق المعالجة لليثيوم في
    منظر جوي يُظهر برك المياه المالحة ومناطق المعالجة لليثيوم في"سالار دي أتاكاما"شمالي تشيلي

أعلن الرئيس التشيلي غابرييل بوريك، عن خطة ستطلب من الشركات الخاصة اتخاذ حكومة تشيلي شريكاً في إنتاج الليثيوم، الذي يزداد الطلب عليه في جميع أنحاء العالم لاستخدامه في البطاريات الكهربائية.

وتعد هذه الخطة تحدّياً للشركات الغربية تحديداً التي تطمح دائماً للاستفادة من ثروات البلدان من دون تكلفة تذكر، إذ تستخرج تشيلي ( أكبر منتج لليثيوم بعد أستراليا) هذا المعدن في موقع "سالار دي أتاكاما" شمال البلاد. وهو واحد من أغنى حقول الليثيوم في العالم وتستثمره الشركة التشيلية "إس كيو إم" والشركة الأميركية "ألبرمارلي".

ويريد بوريك، إنشاء شركة ليثيوم حكومية، حيث تضع الدولة دستوراً جديداً يرسّخ لحقوق المجتمعات المحلية والبيئة.

ويذكر في السياق، أنّه قبل بوريك، وفي عهد الرئيس اليميني سيباستيان بينيرا، كان هناك خطّة حكومية لبيع عقود استخراج الليثيوم باعتبار عملية البيع "ضرورية لإعادة تشيلي إلى موقعها كأكبر منتج لليثيوم في العالم"، بينما يرى بوريك أن تشيلي لا يمكنها تكرار "الخطأ التاريخي في خصخصة الموارد". 

يُشار إلى أنّ الليثيوم هو معدن استراتيجي ولا غنى عنه لصناعة السيارات الكهربائية وبطاريات كاميرات التصوير الحراري والهواتف المحمولة ووحدات تخزين طاقة الرياح والطاقة الشمسية. لذلك فهو معدن رئيسي في التحوّل من الوقود الأحفوري إلى الطاقة النظيفة.

"مثلث الليثيوم"

وبينما يزداد الطلب على الليثيوم لانتقال العالم إلى السيارات الكهربائية ومصادر الطاقة المتجدّدة، يتركّز إمداده ومصادره في عدد قليل من البلدان، ولا سيّما الصين وأستراليا وما يسمّى "مثلث الليثيوم" في الأرجنتين وبوليفيا وتشيلي، والتي تعد موطناً لأكبر احتياطيات العالم من الليثيوم، مما يجعلها هدفاً استراتيجياً للدول التي تسعى للهيمنة على سوق الليثيوم العالمي.

و"مثلث الليثيوم" هو منطقة تقع في جبال الأنديز تمتد عبر 3 دول في أميركا الجنوبية، هي بوليفيا والأرجنتين وتشيلي. ويحتفظ "مثلث الليثيوم" بأكثر من 75% من احتياطي الليثيوم في العالم تحت المسطحات الملحية، والمعروفة باسم "Salars"، مما يجعله منطقة استراتيجية لسوق الليثيوم العالمي.

وموقع "سالار دي أتاكاما" الواقع شمالي تشيلي، هو واحد من أغنى حقول الليثيوم في العالم وتستثمره الشركة التشيلية "إس كيو إم" والشركة الأميركية "ألبرمارلي".

وعلى الرغم من جهود الولايات المتحدة لتأمين موطئ قدم في دول "مثلث الليثيوم" من أجل تحقيق الخطط التي وضعتها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للانتقال إلى الطاقة النظيفة، فإنّها فشلت في الحصول على وجود كبير في المنطقة كما فعلت الصين وروسيا.

الآن، تواجه الولايات المتحدة منافسة قوية من الصين، التي تهيمن على سلسلة توريد الليثيوم العالمية والتي تعمل على توسيع وجودها وتأثيرها في "مثلث الليثيوم" من خلال الاستثمارات والشراكات والقروض. 

من جهةٍ أخرى، تعارض العديد من المجتمعات المحلية في "مثلث الليثيوم" أنشطة التعدين بسبب المخاوف بشأن التأثير البيئي والتشريد المحتمل لمجتمعات السكان الأصليين، الأمر الذي صعّب على الشركات الأميركية تأسيس وجود كبير في المنطقة.

"حرب الليثيوم"

تخوض الولايات المتحدة في صراعها من أجل الهيمنة على العالم، عدة حروب. من ناحية، هي تخوض حرباً ضد روسيا من أجل السيطرة على الوقود الأحفوري، أي النفط والغاز. ومن ناحية أخرى، تخوض حرباً ضد الصين للسيطرة على احتياطيات الليثيوم.

وبحسب موقع "Atalayar" الإسباني، فقد بدأت حرب الليثيوم ضد الصين في عهد إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، عندما أعلن حالة طوارئ وطنية لتطوير سياسة استراتيجية للسيطرة على احتياطيات الليثيوم في العالم، وبالتالي السعي لمواجهة التقدّم الصيني في الصناعة المذكورة أعلاه.

كان أمر ترامب هو أنه يجب تطوير سياسة أكثر جرأة لأنّ تقدّم الصين في صناعة الليثيوم والسيطرة على الليثيوم كان يمثل "تهديداً لأمن الولايات المتحدة وصناعتها ومصالحها الاستراتيجية".

وبينما تحاول الولايات المتحدة تأمين موطئ قدم في "مثلث الليثيوم" منذ عدة سنوات من خلال الاستثمار في شركات تعدين الليثيوم المحلية وتعزيز الابتكار التكنولوجي لتحسين استخراج ومعالجة الليثيوم، فإنّ ذلك لم يمنع الصين من الهيمنة على أسواق الليثيوم العالمية بالفعل، إذ تُنتج وحدها 74.3% من السعة العالمية لبطاريات أيون الليثيوم، مع توقّعات بوصولها إلى 83.8% بحلول عام 2025، بحسب تقرير لشركة أبحاث الطاقة "ريستاد إنرجي".

وقد أدى الطلب المتزايد على الليثيوم، مدفوعاً إلى حد كبير بالزيادة في إنتاج السيارات الكهربائية، إلى جعل "مثلث الليثيوم" مرتعاً للمنافسة الدولية، إذ بدأت الشركات وحتى الدول تسابق الزمن من أجل حجز مقعد متقدّم لها في سباق تقوده الصين حالياً ضمن سلسلة توريد البطاريات، بدءاً من التعدين مروراً بالمعالجة وصولاً إلى تصنيع البطاريات والسيارات التي ستعمل بها.

انطلاقاً من هذا الواقع، فإنّ الخلاصة بحسب موقع "Atalayar"، هي أنّ "أهمية انتقال الطاقة والطاقة النظيفة، تخفي وراءها  الأساليب تفسها للهيمنة على العالم من القوى الموجودة".

اقرأ أيضاً: الليثيوم.. حرب اقتصادية للسيطرة على الذهب الأبيض

اخترنا لك