تقرير: أرقام قياسية جديدة مقبلة للديون الأميركية تدق نواقيس الخطر
تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس تؤكّد أنّ ديون الولايات المتحدة، كحصةٍ من الناتج المحلي الإجمالي، سوف تسجّل رقماً قياسياً هذا العقد، لتستمر بالارتفاع وصولاً إلى 181% بحلول عام 2053.
أشار تقريرٌ اقتصادي لموقع قناة "CNBC" الأميركية إلى أنّ الديون الأميركية بلغت الأسبوع الماضي أعلى مستوىً لها على الإطلاق، وذلك عند 33 تريليون دولار، وسط تضخم العجز الفدرالي، وموجةٍ هائلة من سندات الخزانة.
التقرير أكّد أنّ ارتفاع الديون في حد ذاته لا يشكّل تلقائياً سبباً للقلق، لأنّه من غير المألوف أن تقوم الدول بسداد أرصدةٍ كبيرة بالكامل، وبدلاً من ذلك، قد يكون المقياس الأكثر أهمية هو "القدرة على مواكبة مدفوعات خدمة الديون".
وقالت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، لشبكة "CNBC" إنّ المقياس الذي تنظر إليه في أغلب الأحيان للحكم على الصحة المالية للولايات المتحدة هو "صافي الفائدة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي".
وتبلغ هذه النسبة حالياً نحو 1%، ولكن مكتب الميزانية في الكونغرس الأميركي يتوقع أن تشكّل أقساط الفائدة 6.7% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2053، وبهذا المقياس، ستصبح مدفوعات فوائد الديون الأميركية أكبر بند إنفاق فدرالي أميركي بحلول عام 2051، عندما تتفوّق على الضمان الاجتماعي.
وقالت رئيسة لجنة الميزانية الفدرالية الأميركية، مايا ماكغينياس، إنّه "من الواضح أنّ الاستقرار الحالي ليس مستداماً"، مُشيرةً إلى أنّ طريقة تقييم الأمور تتلخص في نقطتين، هما أولاً إذا كان "الدين ينمو بشكلٍ أسرع من الاقتصاد"، حيث أكّدت أنّ هذا هو حال الاقتصاد الأميركي حالياً.
وثانياً ما إذا كانت مدفوعات الفائدة "تسير بشكلٍ أسرع من مؤشرٍ ما"، مثل الدخل أو الاقتصاد أو حزمةٍ مِن المؤشرات، لتشدّد ماكغينياس على أنّ "كل العلامات التحذيرية الضخمة، تنطلق الآن".
وأشارت تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس إلى أنّ ديون الولايات المتحدة كحصة من الناتج المحلي الإجمالي سوف تسجّل رقماً قياسياً جديداً هذا العقد، حيث سترتفع من نحو 100% الآن، إلى 107% في عام 2029، متجاوزةً بذلك الذروة التي بلغتها في عام 1946، عقب الحرب العالمية الثانية، والتي بلغت 106%، وهي في طريقها للوصول إلى 181% بحلول عام 2053.
ولا تزال الولايات المتحدة تتباهى بكونها سوق السندات الأكثر سيولةً في العالم، كما يمكنها بيع ديون جديدة للمستثمرين بحسب الحاجة.
وقالت ماكغينياس إنّ المشكلة تكمن في أنّ مدفوعات الديون يجب أن تأتي قبل أي شيءٍ آخر، وذلك عندما تتخذ الحكومة قراراتٍ تتعلق بالميزانية، موضحةً أنّ الفشل في رد المدفوعات من شأنه أن يخاطر بإعلان تخلّف البلاد عن السداد، وهو الأمر الذي حدث تقريباً في حزيران/يونيو الماضي.
وتتجاوز حالياً مدفوعات الفائدة الأميركية بالفعل الإنفاق الفدرالي على تعليم الشباب، وفي غضون أربع سنوات، سوف تتجاوز الإنفاق الدفاعي الفدرالي، لتؤكّد ماكغينياس أنّ الأمر "يحظى باهتمامٍ كبير من أعضاء الكونغرس، عندما يعلمون بوجود إشارات تحذير شديدة الخطورة."
وأضافت أنّه إذا كانت تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس صحيحة، فلن يقتصر الأمر على ارتباك البرامج الفيدرالية، بل سيعني ذلك "اقتصاداً راكداً، وضعف القدرة على الاستثمار في أشياء مثل الأمن القومي".
وبدأت بورصة "وول ستريت" في دق ناقوس الخطر أيضاً، حيث حذّر كبار المحللين في سوق السندات مؤخراً من أنّ أسعار الفائدة لا بد أن تستمر في الارتفاع حتى تتمكن وزارة الخزانة من الاستمرار في اجتذاب الأموال الكافية لخدمة الديون المتزايدة، حيث لن يؤدي هذا إلّا إلى تفاقم تكاليف الاقتراض.
وتناولت ماكغينياس حلولاً لخفض الديون، موضحةً أنّه يجب زيادة الضرائب على الأميركيين الأثرياء ومتوسطي الدخل، ومن ناحيةٍ أخرى، لا بد أيضاً من تنفيذ تخفيضات الإنفاق، بما في ذلك الإنفاق على الدفاع والاستحقاقات الاجتماعية، وذلك في حال ما إذا لزم الأمر.
وصرّحت المسؤولة الأميركية بأنّ الإدارة "تعرف كيف تفعل ذلك، وأنّ هناك العديد من الخطط المعقولة، لكن ليس لدينا الإرادة السياسية".
ويُذكر أنّه في مقابلة مع الميادين نت، أشار الخبير في الأسواق المالية والاستثمار المالي في الولايات المتحدة، سامر غدار، إلى أنّه "في حال لم تحدث تدخلات قيصرية" لتخفيض الإنفاق وإعادة التوازن إلى الميزان التجاري، فستعوّق تكاليف الفائدة المتزايدة على الدين، والتي ستؤدي إلى إجهاد الميزانية الفدرالية العامة، على مدى الأعوام المقبلة، قدرةَ الحكومة على الاستثمار في البنية التحتية والتعليم والمجالات الحيوية الأخرى.
وأوضح غدار أنّ هذا الأمر يمكن أن يعوّق النموَّ الاقتصادي في الولايات المتحدة، ويمنعه من إصابة أهدافه المحددة له، ويُضعف القدرة التنافسية للبلاد في المدى الطويل، وهي التي تراهن عليها مع خطط الرئيس بايدن الحديثة لاجتذاب الصناعات الأوروبية والأميركية الموجودة خارج البلاد، ولا سيما في الصين ودول آسيا.