بريطانيا: "عام الركود" يضاعف أرقام تخلي المواطنين عن جنسية بلادهم

يُظهر قانون حرية المعلومات في لندن أن 868 شخصاً تقدموا بطلبات لتسليم جوازات سفرهم البريطانية في عام 2021، مرتفعاً بنسبة 30% عن عام 2020، وبستة أضعاف عن العقد الماضي.

 

  • بريطانيا: قوانين استثنائية وتخلي عن الجنسية
    بريطانيا: قوانين استثنائية وتخلٍ عن الجنسية

أظهر قانون حرية المعلومات البريطاني، أن 868 شخصاً تقدموا بطلبات لتسليم جوازات سفرهم البريطانية في عام 2021، ارتفاعاً بنسبة 30% عن عام 2020، وارتفاعاً بستة أضعاف عن العقد الماضي عندما كان يفعل ذلك حوالى 140 شخصاً فقط سنوياً. وبلغ إجمالي المتقدمين بطلبات للتخلي عن جوازاتهم ما بين 2011 و2021 6507 أشخاص.

ويبقى موضوع سحب الجنسية مثار جدلٍ في بريطانيا، إذ كانت الحكومة قد طرحت مشروع قانون في نيسان/أبريل 2022، يسمح لها بسحب الجنسية من شخص من دون إخطاره، تحت مسمى " قانون الجنسية والحدود".

وبحسب وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل فإن هذا القانون سيستخدم في "ظروف استثنائية" ضد الأشخاص الذين يشكلون خطراً كبيراً على المملكة المتحدةـ، إلاّ أنه لم تتم المصادقة عليه حتى الآن.

الأسباب والدوافع

التخلي عن الجواز البريطاني يعني التخلي عن الحقوق بحرية الحركة في بريطانيا، والحاجة للحصول على تأشيرة للدخول إلى البلاد والبقاء فيها، إلى جانب خسارة الحق بالتصويت.

وتختلف أسباب التخلي عن الجنسية من شخصٍ لآخر. ووفقاً لرئيس قسم الهجرة في شركة "OTS Solicitors" القانونية المتخصصة، فإن "هذا يعتمد على تفضيلات وظروف كل شخص، والسبب الأكثر شيوعاً هو رغبة شخص ما بالحصول على الجنسية في بلد آخر يقيد أو يحظر الجنسية المزدوجة، على عكس المملكة المتحدة". ويضيف: "القيود المفروضة على الجنسية المزدوجة هي مشكلة طويلة الأمد".

وأدى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلى تعقيدات جديدة لبعض المواطنين البريطانيين، الذين يعيشون في دول الاتحاد. ويشار في هذا السياق، إلى أن هناك ارتفاعاً في عدد البريطانيين المتقدمين للحصول على جوازات سفر غير بريطانية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، من أجل التمتع بحقوق حاملي جنسيات الاتحاد الأوروبي.

وهذا يشمل دولاً مثل فرنسا أو بلجيكا أو ايرلندا، ودولاً لا يسمح فيها بازدواج الجنسية مثل إسبانيا وهولندا، فيما تم وضع قيود مماثلة على طالبي الجنسية الألمانية منذ نهاية عام 2020.

ويمكن للمواطنين البريطانيين الذين يعيشون في البلدان التي هاجروا اليها، أن يواجهوا خياراً صعباً، كما تقول ميكايلا بنسون خبيرة المواطنة في جامعة "لانكستر"، والتي تبحث في وضع الرعايا البريطانيين في الاتحاد الأوروبي. كما لفتت بنسون إلى أن مخططات مختلفة في تلك البلدان خولتهم الحصول على تصاريح إقامة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مشيرةً إلى أنّه من أجل الحصول على الحقوق الكاملة -بما في ذلك التصويت في الانتخابات - فقد يعني ذلك التخلي عن جواز سفرهم البريطاني من أجل ضمان حصولهم على الجنسية.

وأضافت أن هذا ينطبق بشكل خاص على الأشخاص في سن العمل "الذين يريدون أن يجعلوا أنفسهم قادرين على المنافسة في سوق العمل الأوروبية".

وتابعت: "هذا يعني أن الأشخاص الذين يريدون الحصول على الحقوق الكاملة في الدول التي يعيشون فيها تصاحبها ضرورة الحصول على المواطنة في البلد والتخلي عن الجنسية البريطانية".

ويأتي هذا الارتفاع بأعداد الأشخاص الذين يريدون التخلي عن جنسيتهم بالتزامن مع الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تجتاح المملكة المتحدة، ما يرجح وجود رابط بينهما.

ومنذ قرار "البريكست"، تتراكم الأزمات في المملكة المتحدة على الصعيد الاقتصادي من ركود وتضخم، من جراء إجراءات انتشار وباء "كوفيد – 19"، والتي قد تفاقمت بشكلٍ كبير مع تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا، إذ وصل التضخم إلى أرقام قياسية لم تشهدها لندن منذ عقود، إضافة إلى تضاعف فواتير الطاقة عشرات الأضعاف خلال فترة زمنية قصيرة.

كما تواجه بريطانيا أكبر هبوط في مستويات المعيشة، إذ تؤثر أزمة تكاليف المعيشة على الأجور بشكل سلبي. واتضح من نشرة الحكومة نهاية العام الماضي، أن الدخل المتاح للعائلات سوف يقل بنسبة 7% حين تعديله لمواكبة ارتفاع الأسعار في السنوات المقبلة.

وأعلن صندوق النقد الدولي انتقاده للميزانية المصغرة لوزير الخزانة البريطاني. وأضاف الصندوق أن عام 2023 سيكون "عام ركود" بالنسبة للكثيرين، ويتوقع أن يرتفع التضخم، الذي يرصد تغير تكاليف الحياة مع الوقت، ليبلغ 11.3% قبل نهاية السنة في المملكة المتحدة، وفقاً لأحدث تقرير للصندوق حول توقعات مسار الاقتصاد العالمي.

اخترنا لك